الثلاثاء 2019/01/15

آخر تحديث: 19:44 (بيروت)

"شعبوية" طوني خليفة دافع لـ"إهانة اللبنانيين"؟

الثلاثاء 2019/01/15
"شعبوية" طوني خليفة دافع لـ"إهانة اللبنانيين"؟
وصف الشعب بالفاسد والغنم "على مسؤوليته الشخصية"
increase حجم الخط decrease
لم يقل الاعلامي طوني خليفة جديداً. لكنه الأجرأ في الافصاح عما يشعر به معظم اللبنانيين، ويتداولونه في السر، وفي معرض المزاح، وفي جلسات السخرية من الواقع الأليم: "نحن غنم"، قال خليفة على "مسؤوليته الخاصة"، وذهب لتوصيف الشعب اللبناني بالضعف، وبالحقارة، وهو وصف قاسٍ، كان يفضل ألا يهوي اليه، لولا الشعور بالعجز عن تحقيق أي تغيير. 
منذ الصباح الباكر، تناقل اللبنانيون في مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يتضمن "مقدمة نارية للإعلامي طوني خليفة". للمرة الثانية، يجري تداول "مقطع ناريّ" في فايسبوك وتويتر، بلسان خليفة، كان أحدهما رداً على سعودي يهاجم اللبنانيين ويصفهم بالسارقين. أما في المقدمة التي ألقاها ليل الاثنين، في برنامجه على شاشة "الجديد"، فجَلَد الشعب اللبناني. أهانه، انطلاقاً من إهانة نفسه. قال "نحن" في كل جُمل خطابه البالغ نحو دقيقتين ونيّف. قال: "الفاسدون هم نحن".. و"العاطلون هو نحن". 

لم يرثِ خليفة الدولة هذه المرة، إسوة بالاعلامي مارسيل غانم في أكثر من مقدمة من مقدمات برنامجه "صار الوقت" في قناة "أم تي في". نعى الشعب، عندما انتقد عجزه عن التغيير، والتحرك للتغيير في وجه اسفافات السلطة وممارساتها، بدءاً من التعثر السياسي، وصولاً الى الادعاء الدولتي والمؤسساتي في مقابل الفشل واشاحة الانظار والآذان عن مطالبه. أمات الشعب كقادر على تغيير، إلا في معرض الموت فداء للزعيم، في مقابل عدم الجدية في تقديم مطالبه. وفي ذلك، أهان الناس عندما وصفهم بالاغنام. 

يرفع خليفة لهجته في الرد، كما يرفع صوته. تظهر الكلمات بحدة أكبر، وباتجاه تصعيدي.  واللافت أن الناس تبنّت الطرح، ولم تنتقد خليفة لاهانتها. وافقته الرأي، على الاقل مما بدا في مواقع التواصل الاجتماعي لجهة تناقل الفيديو. "نحن غنم"، كررها أكثر من مرة، آسفاً. لينهي بذلك العلاقة المفترض ان تقوم بين الشعب والدولة، وتعيد اللبنانيين مئات السنوات الى الوراء. 

ولم يكن هذا النمط الاعلامي قائماً في لبنان من قبل. لم يذهب اعلامي الى رفع اللهجة، وإهانة المشاهدين بوصفهم أغناماً. لكن يبدو أن فكرة أخرى بدأت تتضح الآن، تقوم على تبني الاعلام، وبعض الاعلاميين، بالمواقف المعلنة، قضايا الناس والالتزام بها والتعبير عنها.

تقوم قناة "ال بي سي" بهذا الأمر في مقدماتها الاخبارية. ويتبنى مارسيل غانم هذا الطرح في مقدمات برنامجه. والآن يقوم به طوني خليفة. تنطلق التجارب الإعلامية الثلاث، من زاوية غير مسيسة الطروحات. تقدم الموقف الذي تحول الاصطفافات السياسية لبعض وسائل الاعلام في لبنان من دون إعلانه. 
قد ينظر البعض الى هذا النمط على أنه امتداد لنمط الردح القائم في البرامج المصرية، وهي مقاربة خاطئة، بالنظر الى ان هؤلاء ينتقدون السلطة، وبينما المصريون ينطقون باسمها. وقد ينظر البعض الآخر الى أن هذا النمط "شعبوي" يبحث عنه الاعلاميون، وهي تبريرات غير موفقة، بالنظر الى ان الملفات المفتوحة في البرامج أكبر قدرة على التأثير وجذب المشاهيدين. 

ما يظهر، رغم الانتقادات له، هو التماس مع قضايا الشعب، والإصرار على المجاهرة به. يحتاج اللبنانيون الى صدمة. إلى إهانة. الى تأكيد بأن ما يعيقهم عن التحرك لأجل أنفسهم، هو نفسه الوازع الطائفي، والسبب الفئوي. 

ثمة الكثير من المحاولات لدفع الشعب الى الاعتراض، مدنياً، على ممارسات السلطة. لكن حتى الآن لا شيء ينجح. لأن توغل النظام في لقمة عيش الناس، أكبر بكثير من خطاب تحفيزي أو إهانة لكرامة. والرغيف قبل الكرامة في نظر الكثيرين!
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها