الثلاثاء 2018/09/04

آخر تحديث: 12:17 (بيروت)

إعلام النظام السوري ومعارضته.. الخِسَّة بمواجهة المكابرة

الثلاثاء 2018/09/04
إعلام النظام السوري ومعارضته.. الخِسَّة بمواجهة المكابرة
المادة العاطفية، غير كافية للاقناع (غيتي)
increase حجم الخط decrease
إدلب في مرمى النار. انطلاق القذائف، ليس الا مسألة وقت. التحذيرات الدولية من "الكارثة الانسانية" ليست قادرة على إنقاذ 4 ملايين مدني، تتستر بينهم بضعة آلاف من المقاتلين المتشددين، ولا التقارير الاعلامية التي تحذر من العملية. 
أثبتت التجربة السورية تحولاً في المبادرة العسكرية وفي الاستجابة الدولية، منذ تدخل روسيا المباشر في الحرب العام 2015. كما أثبتت أن القوة العالمية، لم تعد تؤثر فيها المادة الاعلامية المعارضة. ثمة ما هو أكثر تأثيراً. إعلام  روسيا الآن، والإعلام النظامي المتماهي معه، يجسد منطق القوة. وبالتالي، هو الأكثر تأثيراً. 

يدرك النظام السوري هذا المدى من التحول الإعلامي، والتحول في قدرة التأثير. فالإعلام المعارض، الذي بات معظمه يفتقر الى استراتيجية الإقناع والتأثير، خسر جولة أخيرة من الحرب الإعلامية إثر الهجوم على الغوطة الشرقية قبل أشهر، وبعدها الهجوم على درعا. لم يتخلّ عن استراتيجية "المكابرة" التي عرف بها منذ انطلاقة الثورة، وفي زمن الإنجازات العسكرية قبل 2014. واصل ضخ مواد إعلامية "لشحذ الهمم" و"رفع المعنويات". خسر إثرها مصداقيته، وقدرة تأثيره. بدا منفصلاً عن أروقة القرار العالمية. لا يدري من التحولات السياسية ما يمكن أن يساعده في تغيير مقارباته.

وحين تحولت الحرب السورية الى "حرب بين النظام المدعوم من روسيا وجماعات متطرفة" في معظم وسائل الإعلام العالمية، جاهد الإعلام المعارض للدفاع عن الفصائل التي تعرضت للإلغاء. وفي معرض الدفاع، لم يفرّق بين متطرف و"جيش سوري حر". وضع الجميع في سلة واحدة. سلة الاعتدال. ومقابل الضخ الروسي، بات الإعلام العالمي يضع المعتدلين في خانة المتطرفين. وعليه، خسر الإعلام المعارض حصنه كمدافع عن قيم الثورة، وعن المعتدلين. 

تلك خطئية استراتيجية كبيرة، قد تكون لها مسبباتها المتمثلة في مواجهة الآلة الدعائية النظامية، أو النظر الى المتطرفين، مثل "النصرة" وآخرين من المنتمين ايديولوجياً إلى فكر "القاعدة"، بوصفهم آلة دفاع ضد حرب النظام. أو لأسباب مرتبطة بالخوف من تنظيمات "نكّلت" بالاعلام الرافض دخول حظيرتها السياسية... لكن تلك الأسباب كلها، أفقدت المعارضة حرباً ضد النظام. تلك الحرب الاعلامية التي كانت قادرة، حتى وقت قريب، على اجتذاب رأي عام دولي، ومواجهة حملات النظام. 

اليوم، لا تمتلك المعارضة قدرة إقناع الغرب بأن الحرب المحتملة على إدلب ستصيب المدنيين والفصائل المعتدلة، تلك التي تقطن على تماس مع قوات النظام في ريف حماه الشمالي وبمحاذاة سهل الغاب، وجزء من ريف حلب الجنوبي والغربي، بما يتخطى الحرب على المتطرفين الذين يتركز وجودهم في جسر الشغور ووسط وشمال ادلب. فالمادة العاطفية، غير كافية للاقناع. المعارضة لا تفصل، في أغلب الاحيان، بين المعتدلين والمتشددين. واستدرار العاطفة وحده، لا يشرك الغرب، غير المسيس والذي لا يمتلك أجندات في سوريا، في حملة الضغط لتجنيب إدلب مأساة انسانية جديدة. 

وفي المقابل، وجد إعلام النظام في الحملة بارقة نجاح. أمعن فيها، وذهب الى مقاربات خسيسة. بات صدى لسياسيين لا يجدون في "طحن" ادلب مشكلة دولية. ولا في استخدام السلاح التقليدي، والبراميل المتفجرة، والدفاع عن استخدامها والترويج لها في معرض التفاخر بأن هناك آلة حربية "فعالة" تعوض عن السلاح الكيميائي. فقد مهّد الإعلام النظامي لهذا الخطاب، بتصوير الحرب، "ضد الإرهاب" فقط. ولاذ الكثير من وسائل الإعلام العالمية بالصمت، بالنظر الى "قناعة" بأن الحرب موجهة ضد الإرهاب. وقد نجح النظام في تحييد وسائل الإعلام المتضامنة تدريجياً، عندما قاد الثورة الى العسكرة، وصورها كذلك، وعندما "أسلمها"، وصورها كذلك، وعندما "أرهبها"، وصوّر مقاتليها على أنهم "ارهابيون". 

هذا الخطاب، بلا شك، مهّد للخِسّة التي يتعاطى بها اعلاميو النظام وأبواقه في مقاربة المعركة على إدلب. سمعنا تبريراً لاستخدام البراميل المتفجرة، وصولاً الى وصف ادلب بأنها مكب للنفايات استعداداً لـ"التدوير". وفي مقابل هذه الخِسّة، لن يخرج أي فعل عسكري رادع يتخطى ما قاله الرئيس الاميركي دونالد ترامب أمس، عندما حذر الأسد من تنفيذ أي هجوم على إدلب. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها