الأحد 2018/09/30

آخر تحديث: 18:46 (بيروت)

"ثورة الفلاحين".. حُكم الصورة لا يكفي

الأحد 2018/09/30
"ثورة الفلاحين".. حُكم الصورة لا يكفي
increase حجم الخط decrease

الانتقادات التي وجهت للبهرجة البصرية في مسلسل "ثورة الفلاحين"، لا تمثل ادانة لعمل تاريخي لبناني، يُنفذ للمرة الاولى بتكلفة انتاجية عالية جداً، وقدم صورة عن واقعين، أولهما سياسي يمثله اختصار السلطة بنظام مقاطعجي حكم لبنان طوال أكثر من 200 عام، والثاني طبقي بجوابنه الانسانية الكثيرة. 

ولم يعرف لبنان عملاً درامياً يوثق مرحلة اساسية من تاريخ جبل لبنان، قبل "ثورة الفلاحين" رغم أن الثورة بحد ذاتها التي قادها طانيوس شاهين في العام 1858، استدعت نقاشاً سياسياً حول مطلقها طانيوس شاهين. وإذا كانت الحلقات الاولى من العمل لم تصل بعد الى السياق السياسي، ويتوقع أنها تتجنب تداعياته، فإن العمل بحد ذاته يضيء على اشكالية اجتماعية عانى منها لبنان في القرن التاسع عشر والقرن العشرين، تتمثل بحكم البكوات والمشايخ، وتداعياته على الفلاحين. 

أبرز ما في العمل، هو التمهيد لتلك الثورة، وليس الخوض في نقاش حول جوانبها السياسية، بوصفها تجربة يمكن أن تُعمم في كل زمان ومكان. فالطبقية التي عانى منها الفلاحون بشكل مباشر في القرن التاسع عشر، أرست ملامح ثورة طبقية، لا يمكن أن تتجدد الآن بسبب المخارج السياسية التي أوجدها النظام لنفسه، وثبته في السلطة بطريقة تشاركية تمنع الثورة عليه. 

يصور العمل "عبودية" مارسها الاقطاعيون بحق الفلاحين. عبودية جنسية، الى جانب القتل واستباحة الدم، ومنطق القوة السائد الذي يجسده الممثل باسم مغنية بشخصية رامح. لم يعمم النص هذه المفاهيم، وترك منافذ انسانية، تتمثل في التباين في الرأي في العائلة الحاكمة الواحدة، ويمثلها أشخاص يقاربون النقمة السياسية بصيغة أكثر ليونة، بهدف احتواء النقمة عليهم. فيما يظهر من هو متعاطف مع الفلاحين، بسبب نوازع شخصية وميول عاطفية. 

وعلى الضفة الأخرى من الشخصيات، ثمة أحداث تمهد للثورة، مقابل شخصيات يردعها الخوف. تلتقي تلك المفاهيم حتى التضارب في بيئة واحدة، وسرعان ما تنحسر مع ظهور نواة الثورة التي تبدأ بتمرد، وتنتهي، كما تفترض القصة، بانتصار على النظام المحلي القائم. 

ما يقدمه المسلسل، يزخر بعوامل الجذب البصري، لناحية القصر الذي تدور فيه أحداث القصة، وملابس البكوات وملابس الفلاحين. نسج الانتاج صورة مختلفة، تضاهي ما قدمه الأتراك في أعمال تاريخية مثل "حريم السلطان"، بينما يحشد العمل عدداً كبيراً من وجود الدراما اللبنانية التي أثبتت، في الحلقات الأولى، قدرة على التكيف مع النص، والتماهي معه. 

من المبكر محاكمة النص سياسياً حتى الآن، لكن ليس من المبكر القول ان الصورة التي يقدمها العمل، تمتلك أدوات الجذب البصري لاستكمال مشاهدة العمل، فضلاً عن أن القصة، بتصوير حقبة شبه مفقودة من الاعمال الفنية اللبنانية، قادرة على جذب المشاهدين. وهي فكرة تنطلق من حقبة اجتماعية وسياسية تم التطرق اليها في أعمال فنية أخرى، مثل رواية "صخرة طانيوس"، أو العمل المسرحي "صيف 840". 

العمل الذي بدأ عرضه يوم الاحد الماضي على قناة "ال بي سي"، من ﺇﺧﺮاﺝ فيليب أسمر، وكتابة  كلوديا مارشيليان، ويؤدي فيه ممثلون مخضرمون أدوار البطولة بينهم فادي ابراهيم، ورد الخال،  باسم مغنية، كارلوس عازار، إيميه صياح،  وسام حنا وسارة أبي كنعان... 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها