الخميس 2018/09/27

آخر تحديث: 19:39 (بيروت)

"حل الدولتين" في الصحافة الاسرائيلية: فزورة.. وصفقة عقارات

الخميس 2018/09/27
"حل الدولتين" في الصحافة الاسرائيلية: فزورة.. وصفقة عقارات
المصطلح استفز وفاجأ نيتنياهو (غيتي)
increase حجم الخط decrease
لم يكن "حل الدولتين" تعبيراً نادراً في علم السياسة بعدما طُرِحَ كطريق وحيد للتسوية السلمية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وفق اتفاق أوسلو عام 1993، غير أنه في الواقع، اصطلاحٌ تلفّظ به الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لأول مرة منذ توليه منصبه قبل أكثر من سنة ونصف السنة؛ ليُجمعَ الإعلامُ على وصفه بالمفاجئ، فاستحق صفة "الجدية" ليكون خبراً رئيسياً.

وبينما تحاشى ترامب الخوض في تفاصيل مفهومه لحل الدولتين وما إذا كان ذاته المنصوص عليه في الأمم المتحدة، اكتفى خلال لقائه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في نيويورك، باعتباره "الحل والخيار الأمثل"، مع تركه مساحة ليقرر الفلسطينيون أي حل يناسبهم.

والواقع، أن هذه صيغة غير مألوفة من ترامب عندما يتحدث عن خطته ورؤيته لحل الصراع رغم عدم اعلانها حتى اللحظة؛ فهو لطالما كان معتاداً طيلة الأشهر العشرين من حكمه على استخدام تعبيرات تمويهية من مُنطلق "أن الفلسطينيين والإسرائيليين وحدهم يحددون الحل الأمثل والأنسب عندما يجلسون على طاولة التفاوض".

هذا المصطلح ظهر وكأنه استفز وفاجأ نتنياهو، رغم أن الاخير عاد ليُكابر ويقول للصحافيين "إنه لم يتفاجأ". بيد أن طريقة ومضمون رده على ترامب أظهر انزعاجاً ضمنياً، وذلك عندما مرر رسالة مبطنة للإدارة الاميركية، مفادها: "أنا مع دولة فلسطينية، ولكن لا تهددنا، وبشرط ان تكون تحت سيطرتنا الأمنية.. وبدون أغوار أو بحر. هذا أمر غير قابل للنقاش ما دمتُ رئيساً للحكومة".

وسلط الإعلام الإسرائيلي أيضاً الضوء على ما قاله نتنياهو للصحافيين في اعقاب لقائه ترامب، إذ أكد "أن كل طرف يعرف مصطلح دولة على نحو مختلف..المهم الجوهر وليس التعريف". ثم تساءل نتنياهو: "أي دولة، هل ستكون مثل كوستاريكا أم إيران. هناك العديد من الخيارات".

ولأنه رجل أعمال يؤمن بمبدأ "خذ وهات"، أعاد تصريح ترامب الإعلامي حول "حل الدولتين" إلى الأذهان تسريبات اعلامية اسرائيلية قبل نحو شهر ذكرت ان الرئيس الاميركي يريد من اسرائيل خطوات عملية للسلام مقابل الهدايا التي قدمها لها سواء فيما يخص القدس او وقف دعم وكالة غوث اللاجئين "الأونروا" ومروراً باغلاق ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وقطع المساعدات عن السلطة.

الصحافة الإسرائيلية وفي أعدادها الصادرة، الخميس، ركّزت على ردود اليمين الإسرائيلي الغاضبة من "حل الدولتين" الذي أشار إليه ترامب. فيما وضعت صحيفة "هآرتس" تصريح ترامب بأنه "يشبه صفقة عقارات".

أما موقع "واللا" الإلكتروني فقد ذكر أن حل الدولتين أفضل بالنسبة لترامب، لكن حل الدولة الواحدة أيضاً مقبول فيما بدا "أنها فزورة" اميركية، مع العلم أن ترامب يعلم في الوقت ذاته أن إسرائيل تكره حل الدولة الواحدة أكثر من "الدولتين" لأسباب وجودية وديموغرافية.

أما القناة "العاشرة" وفي تقرير تحليلي، فاعتبرت أن الكرة انتقلت بعد تصريحات ترامب حول حل الدولتين، إلى ساحة رئيس السلطة محمود عباس.

وذهبت وسائل اعلام عبرية لحرف البوصلة اكثر باتجاه تعظيم التوتر الحاصل في العلاقات الفلسطينية-الأميركية، عبر "صب الزيت على النار".

فبعد ساعات قليلة من حديث ترامب عن "حل الدولتين" أذاع التلفزيون الاسرائيلي الرسمي رداً ممن وصفه بـ"مسؤول فلسطيني كبير ومقرب من رئيس السلطة" من دون أن يذكر اسمه، وجاء فيه: "حديث ترامب عن حل الدولتين هو كلام فارغ. هو لن يغير سياسته، ونحن لا نثق به. ولا نريد منه كلاماً زيادة".

رسمياً، فقد بدا الخطاب الفلسطيني الرسمي ديبلوماسياً ولكن دون حماسة، وقد تحاشى التصادم مع الإدارة الأميركية، على أمل ان يكون ما تحدث به ترامب يشكل عودة للحل الدولي.

ورصدت "المدن" تفاعلات فلسطينيية في مواقع التواصل الإجتماعي، بعيدة عن الحماسة لكلام ترامب عن الحل السياسي الأمثل، كان من بينها منشور تهكمي ومُشكك كتبه الكاتب حافظ البرغوثي، في "فايسبوك"، جاء فيه: "ترامب يحب حل الدولتين..دولة إسرائيل ودولة (يهودا والسامرة)".

وبالعودة إلى تصريحات ترامب الأخيرة، ثمة عبارة أخرى كانت غير اعتيادية في طياتها، وكأن شيئاً من الوساطات الاقليمية ولربما محادثات سرية تجري بين واشنطن ورام الله رغم القطيعة المعلنة، عندما قال "أنا واثق أن الفلسطينيين سيعودون إلى المفاوضات بنسبة 100 في المئة".

وكان المحلل السياسي الاسرائيلي شاؤول منشة، قد زعم في حديث إذاعي بُثّ مؤخراً أن الاتصالات الأمنية والسياسية بين السلطة الفلسطينية وأميركياً مستمرة رغم القطعية الظاهرة بين الطرفين، كما أنه رأى أن هناك ما هو في خطة ترامب لا يعجب اسرائيل كما لا يعجب الفلسطينيين".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها