الثلاثاء 2018/09/18

آخر تحديث: 16:00 (بيروت)

الحنين الى 7 أيار!

الثلاثاء 2018/09/18
الحنين الى 7 أيار!
increase حجم الخط decrease
وهم القوة قاد كثيرين من جمهور "حزب الله" للتذكير بمرحلة 7 أيار، والتلويح بها، في معرض اعلان وزير الداخلية نهاد المشنوق، أنه سيطلب اليوم من بلدية الغبيري، إزالة لافتات لشارع يحمل اسم مصطفى بدر الدين.

لغة التهديد التي ظهرت في مواقع التواصل الاجتماعي، ليل الاثنين، تحت هاشتاغ #بدرالدين_اسمك_يرعبهم، لا تتخطى كونها تافهة. لا الحزب في معرض التورط في 7 أيار جديدة، ولا الستاتيكو السياسي يحمل أي خطوة مشابهة. ما ظهر، هو تعبير عن أوهام، وتكريس لحنين الى مرحلة ما انفك الحزب يكافح للتخلص من سيرتها. الحزب في ضفة، وجمهوره في ضفة أخرى، منفصلة وبعيدة.

أثبتت التجارب خلال الاشهر الماضية، أن هناك انفصالاً بين الحزب السياسي وقاعدته في مواقع التواصل. ما يُبث في "المنار"، هو وحده ما يتبناه الحزب. وغيره، يتجاهله. لا يتدخل في خط التأييد أو النفي، إلا إذا وصل الى مكان يتطلب منه حسم موقف ما بالنفي. حصل ذلك في الخلافات الأخيرة حول ملف الكهرباء في الجنوب، وفي التباين في المواقف من العلاقة مع "التيار الوطني الحر" او "حركة أمل". علماً أن الملفات الأخيرة، مرتبطة ببيته الداخلي. بعلاقاته مع حلفائه التي لم يسمح للمغردين من جمهوره بالشطط، وتالياً بالعبث بها.

أما المواقف من خصومه، فلها مقاربات أخرى. يبقى بمنأى عنها، لا يتدخل للايضاح، ولا يبدي موقفاً سريعاً، كذلك لا يتبنى ما يرد في مواقع التواصل. وفيما كان الحديث في السابق عن أن الحزب يرسل رسائل غير مباشرة، لا يتبناها ولا يتحمل مسؤوليتها، تصدر على لسان المغردين من أنصاره، فإن هذه الاستراتيجية تبدلت. ما يريده الحزب، يسير عبر مؤسسات رسمية. ولعل البلدية هي أحد أطرها. رسائل تمر عبر المؤسسات، محمية بالقانون، وبالتالي، يحتاج التراجع عنها الى تسوية قانونية أيضاً. في ذلك، هو أكثر المتأثرين بسياسة رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة، الذي وثّقه المشنوق يوماً بـ"الدفتريار".

ما يتبناه الحزب في المرحلة الأخيرة، هو "حكي السرايا" وليس "حكي القرايا". الأخير مجرد ضوضاء، يكشف أن المغردين يعاندون الحزب ورؤيته. لا يدرك متوهمو القوة من محازبيه وأنصاره، أن مرحلة استثمار "القوة" في الداخل، انتهت بالنسبة للحزب، منذ دخول تجربته السياسية الحقبة الثالثة في أيار 2018، مرحلة الدخول الى الدولة العميقة بعد الانتخابات النيابية. تلك تتعارض مع منطق الرسائل الاعلامية غير المؤثرة، ومع منطق 7 ايار 2008 الذي تحول الى عبء سياسي عليه، لن يكرره بالطبع، ويصارع لطمسه وتحديده في فترة زمنية قال عنها إنها كانت مرتبطة بالدفاع عن سلاح الاشارة التابع له.

من هنا يُنظر الى دعوة الجمهور لـ7 ايار جديدة، رداً على قرار ازالة لافتات لاسم شارع يحمل اسم مصطفى بدر الدين، على انها تهويل وتفاهة، بالنسبة للحزب وسواه. ما أراده الحزب تحقق، من خلال طرح الملف للمساومة، قانونياً، بعدما قامت بلدية الغبيري بالخطوة السرية، ولم تكشف عنها سوى في مرحلة دقيقة وحساسة، بعدما وجهت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أصابع الاتهام لبدر الدين بالضلوع في عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

ما أراده الحزب من اعادة اعتبار رمزي لبدر الدين، تحقق بمجرد تثبيت بلدية الغبيري للافتات في منطقة حساسة رمزياً، قبالة مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بئر حسن. وازالتها، ستكون محل مفاوضات سيبقى الحزب، بالشكل، بعيدا عن صورتها، كونها ستكون بين بلدية الغبيري، ووزارة الوصاية عليها (الداخلية). عدا ذلك، ينطوي على اوهام مغردين، لن يتبنى الحزب موقفهم، ولن يتدخل لقمعهم الا اذا بلغت القضية نقطة تأثير سلبي على المفاوضات. أما 7 ايار سيئ الذكر، فبات من الماضي، لا يستطيع الحزب الانحدار الى مغامرة شبيهة في ظروف تستدعي منه الانخراط في منطق التسويات اللبنانية.. وما أكثرها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها