الإثنين 2018/09/17

آخر تحديث: 18:21 (بيروت)

عزيزتي أمل عرفة.. اعتزلي رجاءً!

الإثنين 2018/09/17
عزيزتي أمل عرفة.. اعتزلي رجاءً!
increase حجم الخط decrease
"عزيزتي أمل عرفة، اعتزلي أرجوكِ".. هي العبارة الوحيدة التي تتبادر إلى الأذهان عند متابعة الممثلة السورية أمل عرفة تخوض تجربة جديدة في التقديم التلفزيوني، بعد انحسار نجوميتها الفنية، عبر برنامج حواري يحمل اسمها بعنوان "في أمل" تستضيف فيه نجوم الفن والإعلام عبر قناة "لنا" السورية، للحديث عن نفسها بالدرجة الأولى كما بدا واضحاً في الحلقة الأولى، الخميس، التي كانت بطلتها الممثلة القديرة منى واصف.


وطوال الحلقة بدت عرفة (48 عاماً) وكأنها تمثل شخصية إعلاميةٍ مرموقة ومحاورةٍ تلفزيونية بارعة كأوبرا وينفري أو وفاء الكيلاني، وربما لا يكون ذلك خاطئاً تماماً لو كان الأداء متقناً قليلاً، المشكلة تكمن أساساً في كون عرفة ممثلة سيئة من دون الكاريزما الكافية للبروز بين كم النجوم العرب في مجال الدراما وصولاً إلى الإعلام، الذي بات آخر المجالات التي تتطفل عليها عرفة كشخصية مشهورة.


وزاد في سوء التجربة كمية الشد والبوتوكس في وجه عرفة لدرجة باتت غير قادرة على نطق الحروف بشكل سليم طوال الحلقة، حيث اكتفت بالهمهمة والتذاكي لحرف حديث ضيفتها نحو تجربتها الخاصة، بوصفها ممثلة قديرة أيضاً، وكأن الغرض من البرنامج تذكير الجمهور بوجود عرفة على الساحة الفنية وكمية المسلسلات القديمة الناجحة التي لعبت فيها "أدواراً مميزة"، إلى جانب النجوم الذين تنوي استضافتهم، مثل دريد لحام وأيمن زيدان وآخرين.

ويبدو أن عرفة تصدق فعلاً أنها نجمة عربية كبرى، رغم أن مجال شهرتها يبقى ضيقاً ومحدوداً في واقع الأمر، ويجب القول أن مسيرتها التي تتضمن المشاركة في عشرات المسلسلات لم تترك أثراً حقيقياً سوى في عملين اثنين، الأول مسلسل خان الحرير عندما مثلت شخصية الغجرية فضة بشكل مذهل في جزئين (1996 - 1998)، والثاني أداؤها لشخصية دنيا في الجزء الأول من المسلسل الذي يحمل نفس الاسم العام 1999، قبل أن تعود لتشويه الشخصية في جزء ثان شديد السوء العام 2015. أما بقية أعمالها فتبقى متوسطة المستوى من دون تقديم الإبهار اللازم لخلق حالة من النجومية على غرار ممثلات سوريات نلن شهرة واسعة مثل سلافة معمار وسوزان نجم الدين وكاريس بشار وسلاف فواخرجي.

ولعل شخصية رمزية التي قدمتها عرفة في مسلسل "كسر الخواطر" العام 2006، تظهر مشاكل عرفة كممثلة، ففي لحظات قليلة تبدو عرفة مبهرة في أدائها للشخصية التي تتحدث وتمشي وتتصرف بطريقة معينة، لكن ذلك كله يختفي في مشاهد أخرى تظهر فيها عرفة وهي تتحدث ببرود من دون الالتزام بالنمط الذي خلقته لرمزية. هذا التناقض فضلاً عن نوعية الخيارات الفنية لعرفة تجعلها دائماً أقل من نظيراتها، رغم إيمانها الشخصي بأنها "نجمة سوريا الأولى" أو بأنها تستحق مكانة أفضل بسبب موهبتها المفترضة كـ"فنانة شاملة".

والحال أن عرفة منذ انطلاقتها الفنية في تسعينيات القرن الماضي، تقدم نفسها كفنانة شاملة تستحق تقديراً أكبر، فهي تكتب وتمثل وتنتج وتغني، وبات اليوم تقدم برنامجاً تلفزيونياً، لإبراز تلك المواهب، حيث تغني شارة البرنامج وتشارك الضيوف الغناء أيضاً، وتتحدث عن أعمالها المشتركة معهم، علماً أن بريقها خلال السنوات الماضية، انطفأ وباتت يائسة ومستميتة للبقاء تحت الأضواء، وغابت عن الشاشة ولم تستطع تسويق مسلسلها "سايكو" الذي كتبته وأنتجته لنفسها لامتناع المحطات الفضائية العربية عن شرائه، بما في ذلك "إم بي سي" و"إم تي في" وحتى القنوات السورية الرسمية، لسوء مستواه الفني كما يبدو، حيث تلعب فيه عرفة خمس شخصيات دفعة واحدة!

هذه الدرجة من جنون العظمة، هي المنفر في شخصية عرفة تماماً، خصوصاً أنها تبرز بشكل واضح خلال البرنامج، لأن عرفة تظهر أمام الكاميرا بشخصيتها الحقيقية من دون رتوش. والأسوأ ربما هو تعليب تلك الحالة النفسية بجو من الشاعرية الذي تتحدث بها عرفة كـ"فنانة حساسة ومرهفة المشاعر" طوال الحلقة التي تمتلئ بالكليشيهات والأسئلة غير المفهومة والضحكات المصطنعة، فضلاً عن الاستظراف الذي لا يضحك أحداً سوى صاحبته، في الاستوديو الفارغ ذي الألوان الفاقعة، حيث بدت عرفة وحيدة ومثيرة للشفقة بانفصالها الواضح عن محيطها.

وهنا، كانت عرفة تعطي الأوامر لكل من حولها، من دون أن يعطيها أحد أي انتباه أو قيمة، ابتداء من الفرقة الموسيقية التي تجاهلت أوامرها بالعزف أكثر من مرة، وصولاً لواصف التي بدت متضايقة من الأسئلة النرجسية، وتحديداً في نهاية الحلقة عندما قالت بوضوح أنها قبلت الظهور في البرنامج إعجاباً منها بالقناة ومشروعها الدرامي وليس محبة بصاحبة البرنامج اللاهثة وراء الشهرة الضائعة.

وفيما شهد العالم العربي هجرة من نجوم الغناء، كأصالة نصري وشيرين عبد الوهاب ولطيفة التونسية، لتقديم برامج تلفزيونية مع انحسار سوق الإنتاج الموسيقي لأسباب أمنية واقتصادية خلال السنوات العشر الماضي، إلا أن سوق الدراما بقي منتعشاً حتى أن العديد من نجوم الغناء اتجهوا للتمثيل مثل هيفا وهبي وميريام فارس، وبالتالي تبقى تجربة عرفة اليوم غير مبررة وغير ضرورية، فعرفة هنا فقدت ما تبقى من نجوميتها عندما تبين بشكل لا يقبل الشك أن مستوى شهرتها كنجمة محلية لا يؤهلها للبروز على المستوى العربي، وباتت تبحث عن البديل قسراً.

وضمن الواقع المتبدل للدراما العربية والتسليم بأن الدراما السورية باتت منتجاً مملاً وعتيق الطراز، لأسباب فنية لا علاقة لها بمآلات الربيع العربي ونظرية المؤامرة، باتت عرفة ممثلة مركونة بإهمال، فمن جهة فقدت العروض المحلية التي كانت ترقى لمستوى طموحاتها لاعتيادها لعب أدوار البطولة لأكثر من عشرين عاماً، ومن جهة أخرى نبذتها الدراما العربية المشتركة لكونها أقل جماهيرية من الممثلات السوريات واللبنانيات اللواتي برزن خلال السنوات الماضية، وحتى التجربة الوحيدة التي لعبتها في الدراما المشتركة ضمن مسلسل "جريمة شغف" العام 2016، كانت فاشلة بجميع المقاييس، ولم يستطع اسم عرفة المساهمة في تسويق العمل عربياً.

ربما يتطلب الأمر قليلاً من التواضع كي تعترف عرفة بمكانتها اليوم، ولكي تعمل بجد أكبر حتى تعود إلى ألقها في التسعينيات، عندما كانت توظف مواهبها المتفرقة ضمن مشروع واحد لنفسها كممثلة قادرة على تقديم أداءات مقنعة، وتصبح بذلك النجومية تحصيل حاصل. ومن دون ذلك الشرط قد يكون الابتعاد عن الأضواء أو حتى الاعتزال أفضل حل لإراحة الجمهور، لأن لا أحد في النهاية يرغب في متابعة أشخاص يلعبون دور الضحية بفوقية ونكد واستعلاء، لسنوات وسنوات.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها