الإثنين 2018/09/10

آخر تحديث: 17:34 (بيروت)

عن حاجة الشعب للسلطة

الإثنين 2018/09/10
عن حاجة الشعب للسلطة
الفيديوهات لا تثبت عجزاً عن حل الازمة بقدر ما تثبت غياب أي نية لحل المعضلة السنوية
increase حجم الخط decrease
التحركات الرسمية لمعالجة أزمتين عصفتا بالبلاد خلال اليومين الماضيين، هما أزمة المطار وأزمة الفيضانات إثر الشتوة الأولى، تحمل في صورتها الكثير من الجدية، وتخفي، في الظل، الكثير من الاستعراض لمعالجة أزمات متوقعة، ينتظرها اللبنانيون سنوياً، ويجددون مفاجأتهم، حتى تتحول الى "ترند"، لا سيما في مواقع التواصل الاجتماعي، لشتيمة السلطة وإظهار تقصيرها. 
و"الترند" هنا، هو مفتعل بأحسن الاحوال، لأن الحديث عن السلطة وفسادها، بات مستنزفاً ومكرراً وغير ذي جدوى، فضلاً عن أن المسؤولين تأقلموا معه. فالجدل القائم، يسقط نتيجة توصل اليها اللبنانيون إبان أزمة النفايات، حين وُصِفَت السلطة بأنها "ساقطة" و"غير شرعية" و"لا تمثل الشعب". 

لكن الحكم الأخير في العام 2015، يبدو أنه سقط مجدداً، مع تجدد الجدل، وربما افتعاله. فاللبنانيون أثبتوا أنهم مازالوا يراهنون على السلطة، ولو شكلياً، وذلك في معرض انتقادها ومهاجمتها. الحاجة إليها، تدحض انكارها. هم يحتاجون الى سلطة، ولو كانت عاجزة. ويحتاجون السلطة نفسها، بغرض مهاجمتها. من دونها، لا مكان للجدل، ولا مكان لـ"ترند"  يجمع آلاف المغردين يومياً. من دونها، ستتحول التغريدات ضد بعضهم البعض، كما يكون الحال حين تنحسر الأزمات، ويفتحون سجلات تخلق سجالات.

تدرك السلطة هذه الحاجة، وتغض النظر عن انتقادها. تخدّر اللبنانيين، عند كل منعطف، بالأوهام. وهم التحرك، ووهم المعالجة، ووهم مكافحة الفساد. من هذه الزاوية، أعادت السلطة ترميم الثقة، مرة بالوعود، ومرة بالصورة الشكلية التي يجب أن تتناقلها وسائل الاعلام، ويتناقلها الأتباع والأشياع على أنها "تحرك جديّ لمعالجة الأزمة". وهي صورة، لها استخدام آخر أيضاً، كونها دليلاً على تحرك فريق، وتقاعس آخر، ولو أنها صورة مكررة أيضاً، لا تختلف الا بالشكل والموقع و"الشواخص" عما كانت عليه في 2015 وقبلها الكثير.

وإثر شيوع هذا الواقع الاستعراضي لدى المسؤولين، والتبريريّ عند أتباعهم، تتسع الأزمات وتتضخم. ما ورد من فيديوهات تصوّر أزمة المطار قبيل عيد الأضحى، يتخطى الجانب الفضائحي لتقاعس السلطة، ويرسم علامات تعجب حول أداء السلطة وقدرة استجابتها لإدارة الأزمات الموسمية، سواء في فترة الصيف أو في موسم الحجاج، وهي معضلة تتكرر في كل عام. 

أما الفيديوهات اللتي تصور أزمة الطوفان بعد الشتوة الأولى، فهي مقاطع مكررة من عام الى آخر، لا تثبت عجزاً عن حل الأزمة بقدر ما تثبت غياب أي نية لحل المعضلة السنوية. وفي الحالتين، تظهر التحركات الرسمية كافتعال لنية التحسين والتخفيف من وطأة أزمات، تتحول الى حملة سباب موجهة للسلطة. 

للأسف، بعض أركان السلطة تأقلم مع الشتائم، ونقل الحرفة إليه شخصياً في معرض المناكفات السياسية الداخلية. "تويتر" يشهد على حجم الانقسام وتبادل الاتهامات، وهي حرفة يومية بات يتقنها الإخوة–الأعداء في مجلس نيابي واحد، أو حكومة واحدة... قد يكون هذا السلوك، "ساقطاً" في العرف السياسي والدبلوماسي، لكنه في الوقت نفسه، تخصص لبناني تمتاز به الأدبيات السياسية اللبنانية، وبات عرفاً يشبه أعراف أخرى، مثل تمدد الأزمات. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها