الجمعة 2018/08/24

آخر تحديث: 19:19 (بيروت)

إلى مصلحة الليطاني: التشهير بالمعتدين لا يكفي!

الجمعة 2018/08/24
إلى مصلحة الليطاني: التشهير بالمعتدين لا يكفي!
في معركتها مع المعتدين، ذهبت في اتجاه غير مجدٍ، لا يستدرج الا الغضب والحزن (لوسي بارسخيان)
increase حجم الخط decrease
للمرة الأولى في تاريخ لبنان، تتخلى "سلطة" رسمية عن قوتها لمواجهة التعديات عليها، وتستبدلها بالاعلام. فالعجز الذي تعانيه، وضعها أمام هذا الخيار، باعتبار أن الاعلام "سلطة" أيضاً، تؤمن بأنه أقوى من نفوذها، وأمتن من سلطتها، ومع ذلك، لم ينفع في رفع الضرر، ولا في حل المشكلة.. لأن "سلطة الاعلام"، إن لم تكن محمية بسلطة سياسية، ستكون بلا تأثير. 
منذ أكثر من شهر، تنشر "المصلحة الوطنية لنهر الليطاني" مقاطع فيديو توثق التعديات على النهر. وسعّت مهمتها الى حد التشهير بالمعتدين. تصوّر، وتوثّق، وتنشر فيديوهات أيضاً يرسلها مواطنون يتعاونون معها في المهمة. ولم يتحقق أي شيء. واليوم الجمعة، وجهت المصلحة إنذارات لبلديات. قد لا تدرك أن تلك الانذارات قد لا توقف التعديات على النهر، على الأقل حتى فترة زمنية، ريثما يتوافر حل لمياه الصرف الصحي. 

والواقع ان لجوء المصلحة الى التشهير بالمعتدين، ينم عن عجز عن المواجهة. فالمصلحة، استنفدت كل الخيارات أمامها. وجدت نفسها في موقع الضعيف. لا سلطة سياسية تحميها، ولا سلطة تؤازرها لوقف التعديات التي أنهت النهر، وقضت عليه، بالنظر الى أن المعتدين قد يكونون محميين، أو يمتلكون سلطة أكبر، سلطة تجاهل الانذار، أو الرد عليه بانعدام خياراتها أيضاً، أو الاقرار بأن المشكلة تمثل جزءاً من مشكلة أكبر لا أحد يستطيع ايقافها. 

لجأت المصلحة للإعلام، عبر منصتها التي تحولت الى "مادة خام" لمواد إعلامية تستند اليها، وتكشف التعديات وأسباب الكارثة البيئية والوطنية. لكن لم يتغير أي شيء. ما زال المعتدون يواصلون الاعتداء بلا أي رادع. لم يُسمع عن قرار قضائي اتخذ في حق واحد من عشرات المصانع التي تحوِّل مياهها الملوثة الى مجرى النهر، كما لم يُسمع عن إغلاق أنبوب صرف صحي من قرية لأنه يصب في مجرى النهر. 

وإذا كانت المصلحة تشعر بأنها لا تمتلك تغطية سياسية كافية لردع المخالفين وايقافهم عند حدودهم، فإنها في المقابل ذهبت في اتجاه غير مجدٍ، لا يستدرج الا علامات الغضب والحزن والشفقة في التعليق على ما آل اليه النهر.

من تواجههم المصلحة الحكومية، هم مارقون يواصلون الاعتداء، وليسوا مخالفين فحسب. ذلك ان المخالفة تنتهي فصولها مرة، أما الاعتداء فهو الاستمرار في المخالفة. وعليه، لا يمكن مواجهتهم الا بخيار من اثنين، القانون إذا توافرت قوة لحمايته وتطبيقه، أو باستخدام المصلحة لسلطتها للضغط عليهم، بالطريقة نفسها التي يستخدمونها. 

فالمصلحة تمتلك سلطة عقاب المخالفين: سلطة قطع الكهرباء المتولدة من المحطات الكهرومائية عند مجرى النهر، عن المخالفين. وسلطة قطع مياه الري عن قرى تمعن في صب مياه صرفها الصحي في مجرى النهر. لا بأس إذا كان هناك من ضغط شعبي يمكن أن يؤدي، بفعل الحاجة، إلى إيقاف التعديات. فالقانون يحتاج إلى قوة، و"والفعل بالفعل يُذكر". في يد المصلحة سلطة أكبر من سلطة الاعلام، تهدد بها المعتدين. 

التشهير في مواقع التواصل الاجتماعي، لا يكفي. فهو، لشدة تكراره، سيكون ضعيفاً. بلا تأثير. يستدرج دمعة وشفقة. وفي هذا البلد، الأبقى للأصلح والأقوى. ومواقع التواصل هنا ليست الأصلح، بل اعتمادها كاستراتيجية يعدّ استسلاماً وإعلاناً عن الضعف في مواجهة المحميين، فيما يموت الضعفاء عندما تنعدم حظوظ رفع العطش عنهم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها