الثلاثاء 2018/07/31

آخر تحديث: 18:05 (بيروت)

سميرة سعيد.. اللعب مع الزمن

الثلاثاء 2018/07/31
سميرة سعيد.. اللعب مع الزمن
increase حجم الخط decrease
"ليه كده؟".. "ماشية على خطى عمرو دياب".. "كأنها في سن المراهقة.. على الرغم من بلوغ سميرة سعيد الـ60 من العمر.. إطلالة لا تليق أبداً بنجمة بحجم سميرة سعيد وعمرها".." متأكدين إن دي سميرة سعيد؟".


هذه كانت بعض التعليقات على صورة "السينغل" الجديدة للنجمة سميرة سعيد في مواقع التواصل الاجتماعي وفي البوابات الإخبارية، طوال الأسبوع الماضي.

فبعد أقل من أسبوع من انتشار واسع لصورة الفنان عمرو دياب على غلاف ألبومه الجديد والحفاوة الهائلة بشبابه الدائم الذي لا ينتهي. قوبلت صورة مماثلة لسعيد، التي تحمل نفس  جينات البقاء وحب الحياة، بعاصفة من الاستهجان وصيحات الأسى، على نجمة تعتبرها كل التعليقات أنها تظهر بما لا يناسب سنها.

السؤال عن ماهية سميرة سعيد، هو سؤال استنكاري بالطبع، الغرض منه التنكيل بهوية يعتبرها صاحب السؤال منتحلة، لسيدة في الستين من عمرها، إذ كان الأجدى بالإطلالة أن تكون مألوفة. وبالتالي مشكلة الصورة ليست في تحايلها على الشباب، ولا في كمية مساحيق التجميل، لكن في جرأتها بتجريب شيء جديد، وهنا مكمن الارتباك، فالتجريب حكر على الشباب.

إذاً، لو كانت صاحبة الصور أكثر شباباً من سعيد بعشرين سنة لأثنى المعلقون على الفكرة، بغض النظر عن كونها تظهر سيدة تملأ نصف صورتها الفوتوغرافية بوشم ضخم على الرقبة والصدر. لكنها في النهاية سميرة سعيد، السيدة الستينية، لماذا مازال لديها الطاقة للتجريب؟ تتفجر التعليقات الرافضة للصورة، انطلاقاً من عمر السيدة وليس جرأتها، لأن الجرأة شيء معتاد من سميرة سعيد في النهاية.

رغم ذلك، تشعل السيدة الموشومة في الصورة خيال المعلقين، وإن كان الوشم مؤقتاً لأجل جلسة تصوير. كتب أحدهم "متأكدة إن اللي عمله اكتفى بالتاتو؟".. يريد أن يحيل المسألة لشيء آخر جنسي فانتازي، يداعب خياله قبل أن يحوله إلى سؤال أخلاقي متعالٍ.

والحال أن سميرة في الصورة الجديدة تحمل جرعة زائدة من من جرأتها التي يعرفها الجمهور. تكفي كتابة عبارة "سميرة سعيد تشعل" في شريط البحث فقط، حتى تظهر تحتها عشرات الأخبار في عدد من المواقع المصرية واللبنانية والخليجية والمغربية، وكلها تتحدث عن سميرة التي أشعلت مواقع التواصل بإطلالة جريئة، إطلالة شبابية. ويحمل ذلك تكراراً مذهلاً عبر السنوات، وفي كل مرة يتكرر العنوان بالدهشة نفسها وكأن الناس لم يعتادوا أن تستمر نجمة عربية في تقديم هذه الإطلالات، من دون أن تكون "نجمة إغراء" كما يطيب لهم أن يصنفوا النجوم.

هذه المرة سميرة زادت عن الإشعال المعلوم لهم بالضرورة، بأن جربت أن تقدم منتجاً بصرياً متحدياً، فالجرأة مع تكرارها تصبح شيئاً اعتيادياً، حتى لو لم يكن الاعتياد محصوراً بالجمهور، فسميرة قبل كل شيء تجرب لنفسها، وتكتشف إلى أي حد تستطيع أن تفتح آفاق التجريب. وهكذا بدأت بصورة، وقفزت منها إلى أغنية تحمل عنوان "سوبرمان" التي تبدو إلى حد كبير، من عنوانها، ككلمات أغاني الجيل التالي لعمرو دياب.

وإن كان عمرو دياب هو ملك التجديد القديم، الذي وصل في التسعينيات إلى خلطة سحرية مكنته بأن يكون ملكاً متوجاً على عرش الأغنية، إلا أنه ارتكن إلى هذه الخلطة، وصار تجديده فيها حذراً، بل إنه كثيراً ما بات يلجأ إلى إعادة تدوير قديمه، لا ككلمات وألحان بل كأفكار موسيقية وشعرية. وحتى في إطلالته يحاول أن يكرس لصورة ثابتة: عمرو مقاوم للزمن، قادر على الثبات، "دوريان غراي" لا يشيخ.

بينما تبقى سميرة، كما في صورتها، قادرة على تغيير جلدها كل فترة، لتصبح واحدة من علامات المرحلة الجديدة. هي إذن تلعب مع الزمن ولا تريد أن تتحايل عليه. فإن كان التحايل على الزمن كافياً لإعطائها اليد العليا في المعركة الأبدية معه، يعطيها اللعب معه شيئاً من ندية تجعلها في النهاية قادرة على الخوض في أفكار جديدة كل مرة، وكأنها بنت هذا الجيل الجديد.

سميرة التي بدأت مع بليغ حمدي وجمال سلامة وعبد الوهاب محمد وصلاح الشرنوبي. ثم استمرت تتعاون مع أجيال تالية من الملحنين والمؤلفين أمثال أيمن بهجت قمر وبهاء الدين محمد ومحمد رحيم وعمرو مصطفى، حتى أغنيتها الأخيرة مع جيل أكثر حداثة كشادي نور وبلال سرور. تعرف جيداً أنها "الديفا" فتجرب وتجرب في الكلمات والألحان، وفي الصور التي تشعل مواقع التواصل. أما منتقدوها فلم يستوعبوا بعد كل هذه السنوات أن الديفا قادرة على التجريب حتى لو بلغت الثمانين من عمرها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها