الثلاثاء 2018/07/03

آخر تحديث: 20:08 (بيروت)

حُجِبنا في مصر

الثلاثاء 2018/07/03
حُجِبنا في مصر
increase حجم الخط decrease
ربما كانت ستحدث هذه الخطوة في كل الأحوال، كما حدثت مع عشرات، وربما مئات المواقع الإلكترونية العربية والأجنبية. حُجب موقع "المدن" في مصر اليوم على الأرجح. لماذا اليوم؟ ما الذي قدّمه الموقع ليثير غضب "الجهات الأمنية"؟ 

لا شيء واضحاً حتى هذه اللحظة. مع أن أي متابع لسياسة الموقع منذ إنشائه حتى اليوم، يوقن أنه حريص تماماً على الإبتعاد عن "الترافيك" السهل، بالأخبار الحراقة والموضوعات عالية الضجيج وقليلة المحتوى على سهولتها، خصوصاً في ظل التطورات في العلاقات العربية – العربية التي كان يسهل على "المدن" أن تنحاز فيها إلى جهة وتتسلح صحافياً بأبجدياتها.

لم يحاول الموقع أن يتكسب بالانحياز، لكنه آثر أن يكون مكانه في موقف الرائي المحلل، والناشر خبرياً للتطورات في مختلف السياقات السياسية والاقتصادية والإعلامية. 

لم يصادف أن تكلم صحافي مصري أو جهة إعلامية مصرية واتهمت "المدن" بعدم الموضوعية أو الانحياز الفجّ. المعلومة والتحليل العقلاني يجعلان "المدن" بعيدة من المعارك ذات الحسابات المعقدة.

خلال العامين الماضيين، شاهدنا مواقع تُحجب في مصر لأقل وأتفه أسباب ممكنة. مواقع رياضية حُجبت لأنها كتبت تقارير عن محمد أبو تريكة، ومواقع تسلية حجبت بسبب فيديوهات تسخر من حلويات الجيش، وثالثة حجبت لمجرد أن واحداً من ملاكها أو القائمين عليها غير مرضيّ عنه من الجهات الأمنية، كما حدث قبل أيام قليلة مع الصحافي خالد البلشي الذي أسس موقعاً في الصباح وحُجِب في المساء.

يأتي حجب "المدن" تزامناً مع تقرير أصدرته "مؤسسة حرية الفكر والتعبير" (أفتي) عن الرقابة على الإنترنت في مصر، ويقول التقرير بأن الرقابة أصبحت أكثر ديناميكية وانتشارًا. ويشكل المحجوب من المواقع الإخبارية نسبة تتجاوز 60%، تلتها مواقع حقوق الإنسان والمدونات الشخصية. وتجاوزاً للتفاصيل التقنية في تقرير "أفتي"، فإن ما يقوله التقرير صراحة هو ما أكدنا عليه في "المدن" مرات ومرات مع كل "موجة حجب" تحدث، أن السلطة الرقابية لا تحتمل أي خلاف للرأي مهما كان عقلانياً، ولا تحتمل حتى التعليق على القرارات. لا تحتاج إلا بروباغندا كثيفة ودائمة ومباركة لكل خطوة وكل قرار وكل سياسة. تريد أتباعاً وأبواقاً فحسب.

هذه السياسة تُنفّذ عملياً بالفعل منذ سنوات ثلاث، وقامت أخيراً ومنذ أقل من شهر، بتقنينه عبر مجلس نوابها، باقتراح قانون مكافحة جرائم الإنترنت الذي يمنح جهات التحقيق المتخصصة حق الأمر بحجب موقع أو مواقع عديدة أو روابط أو محتوى، كلما أمكن تحقيق ذلك فنياً، متى قامت أدلة على قيام موقع يبث داخل الدولة أو خارجها بوضع أي عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أي مواد دعائية، أو ما فى حكمها. وهو ما يُعدّ جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القانون، وتُشكّل تهديداً للأمن القومي، أو تُعرّض أمن البلاد أو اقتصادها القومى للخطر، ويجيز للنائب العام أو من يفوضه من المحامين العامين الأول بنيابات الاستئناف، ولجهات التحقيق المختصة، عند الضرورة، أو عند وجود أدلة كافية على جدية الاتهام فى ارتكاب أو الشروع فى ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون، أن يأمر بمنع المتهم من السفر خارج البلاد أو بوضع اسمه في قوائم ترقب الوصول بأمر مسبب لمدة محددة.

كنا نظن طوال الفترة الماضية أن موقع "المدن" استطاع أن "ينفد بجِلده" من هذه الإجراءات التعسفية، بموضوعيته وبمنهجه الصحافي الذي يعرفه الجميع وحقق به سمعته الصحافية والتحليلية، لكن يبدو أن للجهة المسؤولة عن الحجب رأياً آخر.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها