الخميس 2018/07/12

آخر تحديث: 20:33 (بيروت)

معركة "التيار" و"الاشتراكي": فوضى الفراغ

الخميس 2018/07/12
معركة "التيار" و"الاشتراكي": فوضى الفراغ
الساسيون في الاشتراكي حيدوا الرئيس.. ومسؤولو "التيار" تركوا منفذاً بمغازلة تيمور
increase حجم الخط decrease
لا يصح وصف حفلة الردح القائمة بين السياسيين في "تويتر"، إلا بأنها حفلة ناتجة عن "فراغ". فالاتهامات المتبادلة التي "نشرت غسيل" السياسيين في "تويتر"، لم تأتِ إلا من الإحجام عن الفعل، والعجز عن الانجاز، والمراوحة في الخلاف والاختلاف. هي فوضى الفراغ، وفوضى الخلاف. لا شيء أكثر. 

لكن أهم ما في المعركة الدائرة، أن المواطنين جزء منها. ثمة من يفتتحها، وثمة من يكمها، بلا أي اعتبار للمسؤولية السياسية والاجتماعية. تغريدات مشابهة، من شأنها أن تعمق الخلاف، حين تبدأ بنقاش عام، وتجنح الى المسّ بالكرامات. فالعونيون، لن يسمحوا بالمس بكرامة الرئيس، واعتبار عهده فاشلاً، كما لا يسمح الاشتراكيون بأن يحمل الزعيم وليد جنبلاط مسؤولية الفساد، واعتباره مشرعاً له. في السياسة، للسياسيين حساباتهم وسقوفهم، أما للناس، فلا رادع ولا وازع. ويمكن تحميل السياسيين مسؤولية هذا التمادي الشعبي في صفوف المناصرين، والخروج من العرف وتخطي السقف، بلا أي اعتبار للمسؤولية الاجتماعية. 

والحديث عن سقوف السياسيين، يعود الى تغريدة النائب وائل ابو فاعور، الذي حصر الجبهة برئيس التيار الوطني الحر، الوزير جبران باسيل، ولم يتجاوزها الى الرئيس ميشال عون وعهده. يمثل ابو فاعور رأياً سياسياً، معروف الضوابط. مثله، اتجه النائب هادي ابو الحسن، والوزير مروان حمادة في الرد على وزير الطاقة سيزار ابي خليل، علماً أن الاخير جنح نحو سقف مرتفع، وهي ثيمة لدى مسؤولي التيار الوطني الحر بالرد على جنبلاط، وترك منفذ آخر وحصر المعركة بالزعيم وليد جنبلاط. وكأن أبي خليل، بقوله "لو يهتم جنبلاط بحاله وبحزبه، ويترك هالبلد للأوادم ومنهم ابنه"، يترك منفذاً. فالسياسة لا تحتمل الإلغاء والإبعاد، بقدر ما تحتاج الى براغماتية. 

تشابه ابو فاعور وأبي خليل بترك منافذ، وحصر المعركة، كل من طرفه. الاول بالوزير باسيل والمقربين منه، والثاني بوليد جنبلاط. حيّد الطرف الاول رئيس الجمهورية، وحيد الطرف الثاني النائب تيمور جنبلاط. هي منافذ للهرب، ولفتح باب آخر للحوار والتواصل السياسي، في مرحلة لاحقة، وهو ما عبر عنه وزير العدل سليم جريصاتي بالقول لجنبلاط: "اعرف كيف تشبك الأيدي". 

لكن هذه الاعتبارات، لم تنسحب على جمهور أطاح السقوف والخطوط الحمراء، ولحق بهم سياسيون لم توقفهم السقوف السياسية. وهؤلاء السياسيون، يتواجدون في كل القوى والتيارات اللبنانية، ولم يتعرفوا بعد الى "تويتر" وحدوده التغريد فيه، وضرورات التغريد من عدمه، والفارق بين اللعبة السياسية واللعبة الشعبوية. 

وفي ظل فقدان الاتجاه العام، جاء وَسمان مثيران للجدل والاشمئزاز، بالنظر الى خروجهما من الضوابط والاعراف السياسية، رغم أن الزعيم جنبلاط حاول التهدئة بتغريدة نشرها صباح اليوم. تقابل وسم #الجنرال_المنهار، الذي أطلقه أنصار "الحزب التقدمي الاشتراكي"، مع وسم #بيك_المختاره_والعفه الذي أطلقه أنصار "اليتار الوطني الحر". لا داعي للسرديات والشتائم في الوسمين، من كلي الطرفين، طالما أنهما يعبران عن ضغينة، تفاقمت بعد الانتخابات النيابية، وانفجرت اثر المشاورات للتشكيل الحكومي. 

على أن التأخير بالتشكيل، يتيح هذا الجو المفعم باستسهال شتيمة الآخر، أو اتهامه. لا يتحمل المغردون، وهم الجاهلون في الخلفيات السياسية، مسؤولية مباشرة، بقدر ما يتحملها العاجزون عن تأليف الحكومة، وتذليل العقد، أو مكاشفة الرأي العام بالاسباب الحقيقية الواقعة وراء عدم التأليف، وهي بالتأكيد، إذا وُجدت، ليست عقد داخلية يستطيع الجميع تجاوزها متى حضرت النوايا. 

والعجز، أو المكاشفة، استطراداً، خلق فراغاً بالنسبة للسياسيين الذين تفرغوا للنقاش في "تويتر"، عوضاً عن العمل لانجاز المشاريع أو لتحضير ملفات تنقذ البلد من مؤشرات الانهيار الاقتصادي، وتبدل بمؤشر الفساد وتنقله الى مستويات مقبولة. وهنا، ليس أجدى من قول أحد المغردين: "السياسيون العاطلون عن العمل، يعملون في التغريد بدلاً من العمل السياسي".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها