الأحد 2018/07/01

آخر تحديث: 11:55 (بيروت)

فلسطينيات في الشرطة الإسرائيلية: اسرائيل تحتفل

الأحد 2018/07/01
فلسطينيات في الشرطة الإسرائيلية: اسرائيل تحتفل
الكاميرا اقتربت من وجه إحداهن وهي محجبة، لتكون الدعاية مكتملة
increase حجم الخط decrease
في تقرير دعائي تناهز مدته الدقيقتين، حاول التلفزيون الرسمي الإسرائيلي "مكان" أن يُروج، مُتماشياً مع النهج الرسمي، لديموقراطية ومساواة إسرائيل المزعومتين تجاه فلسطينيي 48، من خلال تسليط الضوء على تكريم الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين لمجموعة من الفلسطينيات المنضويات في جهاز الشرطة.
التقرير الذي نشرته أيضاً صفحة "اسرائيل تتكلم بالعربية" في "فايسبوك"، جاء تحت عنوان "تطوّر غير مسبوق" في سلك الشرطة الإسرائيلية، زاعماً أن عشرات الفلسطينيات العربيات ينخرطن في خدمة "المجتمع الإسرائيلي"، أسوةً باليهوديات. ثم نرى الكاميرا وقد اقتربت كثيراً من وجه إحداهن وهي محجبة، لتكون الدعاية مكتملة!

والواقع أن هذه الدعاية الإسرائيلية ليست حديثة العهد، فهي مستمرة منذ سبعين عاماً (عمر الإحتلال لفلسطين)، ودائماً ما كانت اسرائيل تنتهز الفرصة، كلما حانت، للترويج لأكذوبة الديموقراطية والمساواة من مُنطلق مسألة تجنيد مَن تُسمّيهم "مواطنيها العرب" في جيشها أو حتى الإنتساب لشرطتها. لكن الجديد أن هذه الدعاية يتم إخراجها في وقت وظرفٍ خاصّين إقليمياً ودولياً، وفي خضم حملات المقاطعة لإسرائيل في العالم ووسمها كدولة عنصرية.

مسؤول الدائرة الاعلامية في لجنة "المتابعة للجماهير العربية" في الداخل، رجا زعاترة، يرى في حديثه لـ"المدن"، أن العوامل سالفة الذكر تدفع إسرائيل لتكثيف محاولاتها في هذا الوقت لإستغلال بعض الفلسطينيين داخل الخط الاخضر ومَن وصفهم بـ"ضعيفي النفوس" للإدعاء بأن هناك فلسطينيات ومحجبات يخدمن في جيش الاحتلال وشرطته.

وبالعودة إلى مضامين التقرير التلفزيوني، فإن المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، روني الشيخ، حاول أن يفسر، بائساً، دافع التركيز على العنصر النسائي الفلسطيني في عملية الإنتساب لشرطته، فبدا لوهلة أن السبب جندري عندما قال "إن هناك جهوداً تُبذل لزيادة عدد النساء العربيات في صفوف الشرطة لرفع مكانة المرأة بهذا الجهاز". 

غير أن حبل الكذب قصير، فجملته الأخيرة كشفت النوايا الحقيقية حينما ذكر "ان قيادة الشرطة تريد من العربيات المنتسبات أن يشجعن ويفتحن الطريق لباقي الفلسطينيين ليسلكوا الطريق نفسه"، علاوة على أن المرأة من خلال دورها كأم تصقل جيلاً مُندمجاً في إسرائيل، فهن "يفهمن الوضع جيداً ويبتغين التغيير، وهذه أول خطوة"، يقول روني الشيخ.

ثم تقول المحققة الفلسطينية في الشرطة الإسرائيلية، بشائر هواري، في التقرير: "لازم نندمج.. انخراطنا مهم جداً"، فيما تحدثت أخرى عن "اعتزازها وفخرها"، في محاولة فجّة لتوظيف هذه التصريحات بغية اقناع المترددين والحائرين من جهة، وثني الرافضين عن مواقفهم من جهة أخرى.

وسعت "المدن" للوصول إلى رقم دقيق لأعداد الفلسطينيين المنتسبين في شرطة وجيش الإحتلال، لكن رجا زعاترة يقول إن المتوافر فقط هي الأرقام الرسمية الإسرائيلية، وهي التي يعتبرها مُبالغاً ومشكوكاً فيها، بينما الوسط الفلسطيني في الداخل لا يملك آلية للإحصاء الفعلي والرسمي في ما يخص هذا الموضوع.

غير أنّ زعاترة، بيّن في الوقت ذاته، أن مئات الفلسطينيين انتسبوا لجهاز الشرطة وجيش الإحتلال، في الوقت الذي يشكك في البيانات الإسرائيلية، خاصة عندما يتم الدمج بين معطيات مختلفة، لاسيما "العاملين في الخدمة المدنية" الذين يتم نقلهم لجهاز الشرطة.

غير أن مصدراً فلسطينياً مُطلعاً يقيم في أراضي 48 يؤكد لـ"المدن" أن عدد المنتسبين في الشرطة الإسرائيلية من الفلسطينيين أعلى منه، مقارنة بالذين يتجندون في صفوف الجيش، مشدداً على أن الأعداد لا تزال هامشية ومنخفضة. وتظهر الفعاليات الوطنية في الداخل وكأنها عاجزة عن مواجهة هذه الحال المُقلقة في ظل وجود عمليات تجنيد ملحوظة، على الرغم من أنه في المقابل يوجد جيل فلسطيني واعٍ، يقف في وجه الإنخراط في شرطة إسرائيل وجيشها.

وتبدو النسبة الأعلى لإنخراط فلسطينيين في جيش وشرطة الإحتلال من الطائفة الدرزية والشركس، بحسب التقديرات، ثم بدرجة أقل من بَدو النقَب، تليها حالات فردية من فلسطينيين موزعين في مناطق اخرى في أراضي 48 بما فيهم مسيحيون.

ويدعي التلفزيون الإسرائيلي الرسمي أن عدد الفلسطينيات اللواتي انخرطن في الشرطة الإسرائيلية خلال العامين الأخيرين وصل الى 33 امرأة.

وشدد رجا زعاترة لـ"المدن" على هامشية التجنيد الذي يحدث في صفوف فلسطينيين لدى الشرطة والجيش في الدولة العبرية، لكن التوظيف الإعلامي الاسرائيلي للموضوع يندرج ضمن السياسة الدعائية عن "ديموقراطية إسرائيل"، في حين ان كل المؤشرات والممارسات والسياساسات تؤكد عكس ذلك، إذ أن دولة الإحتلال مليئة بالفاشية والعنصرية المتفاقمة. ويؤكد ان "الغالبية الساحقة من جماهيرنا ترفض الانتساب للشرطة والجيش".



ولعل انخراط العرب في صفوف الجيش الإسرائيلي لم يشفع لهم من عنصرية الإحتلال، فحدث أكثر من مرة أن تعرضوا للتمييز اللفظي والفعلي وتعرضوا للضرب على أيدس جنود يهود على خلفية عنصرية بحتة، كما اعترفت أكثر من وسيلة إعلامية إسرائيلية في حوادث مختلفة.

ناهيك عن أن قيادة جيش وشرطة الاحتلال تحرص دوماً على جعل الفلسطينيين الذين يخدمون في صفوفهما "بوز مدفع"، فتضعهم في مقدمة قمع الفلسطينيين خلال التظاهرات وهدم منازلهم والإستيلاء على اراضيهم، سواء كان ذلك في الأراضي المحتلة العام 1948 أو 1967، وكذلك في مقدمة الجنود المشاة خلال حروب إسرائيل العدوانية كما لوحظ في حرب 2006 ضد لبنان والحروب المتعاقبة على غزة في ما بعد، أملاً في تقليل حجم الإصابات والأسر في صفوف الجنود اليهود.

 ويؤكد زعاترة أن أرقام الاحتلال مُبالغ فيها بهذا الخصوص، فعلى سبيل المثال "اخوتنا من أبناء الطائفة العربية الدرزية الذين يُفرض عليهم التجنيد الإجباري في الجيش الإسرائيلي منذ العام 1956، نجد أن نسبة تجنيدهم اقل من النصف، لكن إسرائيل تتلاعب بالمعطيات بحيث تحتسب الذين يُعفون من الخدمة لدوافع دينية او نفسية او غيرها".

وتتوهم فئة قليلة جداً من الشباب الفلسطيني انه من خلال الانتساب لأجهزة الاحتلال الأمنية، فإنهم يحصلون على بعض الامتيازات. بَيدَ أن زعاترة يوجه كلامه لهذه الفئة، قائلاً: "جوهر اسرائيل العنصري لا يمكن تغييره من خلال الانتساب لهذه الاجهزة وإنما مقاومة هذه السياسة".

ولمواجهة الجهود الإسرائيلية لزيادة أعداد الفلسطينيين في الشرطة والجيش، يُلاحظ وجود العديد من حملات التوعية المنهجية التي تغزو مواقع التواصل الإجتماعي طيلة العام، والتي تهدف إلى تعزيز الوعي الجمعي وحالة الرفض وعدم الإستجابة لهذه المحاولات، بالتوازي مع برامج توعوية تنفذها الأحزاب والحركات الفلسطينية داخل الخط الأخضر وكذلك الأذرع الطلابية في الجامعات للغاية ذاتها.

كما أنشئت هيئة في "لجنة المتابعة العليا" للجماهير العربية في الداخل، قبل اعوام، لمكافحة تجنيد الفلسطينيين في الجيش الإسرائيلي وما يُعرف بـ"الخدمة المدنية".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها