الثلاثاء 2018/06/26

آخر تحديث: 19:05 (بيروت)

"غوغل" المصري.. إسأل روحك!

الثلاثاء 2018/06/26
"غوغل" المصري.. إسأل روحك!
إله تنقصه الجماهير؟
increase حجم الخط decrease
ليس عادياً أبداً أن تتفجر شوارع القاهرة بلافتات "اسأل غوغل" الإعلانية.. وتمر.
هل تحتاج الشركة إلى تعريف؟ بعد أكثر من عقدين من الهيمنة على الواقع الافتراضي بمحرك بحثها، ثم بأجهزة الموبايل بدعمها لأنظمة التشغيل "أندرويد" ومتصفحها "كروم"، و"يوتيوب" و و و.. صار من العبث أن يُسأل مثل هذا السؤال إلا من باب السخرية. أو هذا ما كنا نظنه حتى أسابيع قليلة ماضية.

عندما ظهرت في شوارع القاهرة حملة "اسأل غوغل"، لم تظهر ردة فعل تجاهها للوهلة الأولى، إذ يبدو أن الجميع انتظر أن يكون نكتة ما، أو إرهاصة لحملة إعلانية أخرى، أو مقلباً لمنتج جديد. فمثل هذا يحدث في الحملات الإعلانية المصرية، وهو شيء اعتدنا عليه. انتظر الجميع لأيام، فلم يتغير شيء: نفس اللافتات، بنفس العبارات: "لو عاوز تعرف معاد الماتش اسأل غوغل". يبدو أن الحملة جادة إذن، ومحركها هي شركة غوغل نفسها، فلماذا؟

التقطت مواقع التواصل الاجتماعي –كالعادة- خيط التساؤل وحولته إلى سخرية سوداء قاسية، محولة غوغل إلى إله يفتقد إلى الجماهير، فدُشن هاشتاغ #اسأل_غوغل رداً على الحملة الإعلانية، وتحولت إلى "تريند" مستمر لعدة أيام. الناس تسأل عن أحبة ضاعوا، وأموال فقدت، وأفكار وخواطر لم تُدوّن، ليست أسئلة بل طلبات وتساؤلات وجودية.

"عايزه عريس يا غوغل يكون عنده شقة في حي راقي وعنده عربية فور بي فور وعنده حساب في البنك ويكون بيحبني لشخصي مش لجمالي". 
"هو انا ليه اتولدت مصرية؟ ولماذا كل هذا الحظ السئ يطاردني".
"هو انت كغوغل إزاي بتعرف كل حاجة بسهوله كدا؟"
"الجنيه اللي وقع مني اول يوم العيد كان ورق ولا فضة؟"
"والنبي يا استاذ غوغل ازاي المنتخب يفوز بكاس العالم وعايزة اجابات مقنعة".

هكذا تحولت الحملة إلى سخرية صب عليها المصريون مرارتهم، فيما يمكن أن تستشعر منه لا جدوى هذه الحملة، فأي حملة إعلانية يكون هدفها الأساسي بشكل مبدئي هو معرفة الجمهور بالبراند brand awareness فلماذا تحتاجها غوغل؟

لكن البحث وراء الحملة، أثبت أنها اقتصرت في دعايتها على المباريات. في الفيديوهات ولافتات الشوارع اقتصرت الأسئلة على كرة القدم تحديداً، ذلك لأن غوغل تقدم خدمة جديدة. يكفي فقط أن تكتب أي مفردات دالة على كأس العالم حتى تظهر تحت مستطيل البحث مباريات اليوم، ونتائجها وتفاصيل كل مباراة بل وفيديو لأهداف المباراة كذلك. وأن المسؤول عنها هو غوغل العربية!
كم من المفارق والغريب أن يكون فرع الشرق الأوسط للشركة يفكر بميكانيزم تقليدي تماماً في تقديم حملة إعلانية ضخمة لخدمة مثل خدمة كأس العالم، لا يعرف أن جمهورها المستهدف لا يحتاج إلى مثل هذه الدعايات التي تذكرهم بمنتجات الألبان والمنتجعات السياحية المستفزة التي ملأت شوارع القاهرة.

تأتي هذه الحملة بعد زمن من رسوخ ديانة جديدة هي "الغوغلية" تقول بأن غوغل هو الأقرب إلى الإله بين الاشياء التي نعرفها. نسأله ويجيب! ألوهة ذات وظيفة محددة ومعلومة. ثم لما شكت غوغل العربية في هذه الإمكانات الإلهية ،انقلب الإيمان الافتراضي إلى شكوك في قدرات هذا الإله، واحتياجه إلى جماهير، جعلت من طلبات أتباعه تذهب ناحية الأشق كما في طلبات الهاشتاج.

وعليه يجب على غوغل العربية أن تصدر بيانا أو توضيحا لماهية هذه الحملة والهدف من ورائها، بدلا من الصمت تجاه التساؤلات التي تزيد مع مرور الوقت.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها