"اليوم انتهت رسمياً أطول قضية اجتماعية عرفتها المملكة العربية السعودية". كتبت إحدى المغردات المشاركات في حملة الاحتفاء الشعبية الواسعة ببدء سريان الأمر الملكي، الذي يقضي بالسماح للمرأة السعودية بالقيادة، ما يجعل المملكة تخرج رسمياً من وضعية "الدولة الوحيدة في العالم"، التي تحظر قيادة المرأة للسيارة.
ومع حلول منتصف ليل السبت، انتهى الحظر المفروض منذ عقود على قيادة المرأة للسيارة في السعودية، في خطوة تشكّل تتويجاً لنضال حقوقي استمر 30 عاماً في سبيل تحقيق لحظة تاريخية طال انتظارها، ستشكّل محطة مفصلية في مسار التحوّل المجتمعي الجديد الذي بدأت تتشكّل ملامحه من خلال إطلاق سلسلة من التغييرات الاجتماعية، تتضمن تفعيلاً أكبر لدور المرأة في المجتمع السعودي وزيادة مساهمتها في القوى العاملة من 22 إلى 30 %.
الحفاوة الشعبية الكبيرة عكستها تغريدات وتعليقات في مواقع التواصل، واكبت بدء تنفيذ القرار الملكي منذ لحظته الأولى، حيث برز هاشتاغ #المرأة_السعودية_تسوق، وتحوّل إلى الأكثر تداولاً في السعودية وخارجها، ووثقت من خلاله المئات من السعوديات لحظة جلوسهن خلف المقود وانطلاقهن نحو المشاركة في هذا "الحدث الكبير". وتداول ناشطون مقاطع فيديو تُظهر قيادة نساء لسياراتهن برفقة أزواجهن وآبائهن وإخوانهن، في إشارة إلى دعمهن وتشجيعهن ومشاركتهن فرحة اللحظات الأولى.
وبثّت قناتا "الاخبارية" السعودية الرسمية و"العربية" السعوديتين مقاطع مصورة لنساء بدأن في قيادة سياراتهن برفقة ذويهن، لأول مرة في شوارع المملكة. كما نشرت وسائل إعلام محلية صوراً لرجال الأمن وهم يستقبلون السعوديات في شوارع المملكة بالورود في الساعات الأولى من تطبيق القرار.
شاهد لحظة انطلاق أول سائقة في شوارع الدمام #المرأة_السعوديه_تسوق #قيادة_المراة_للسيارة pic.twitter.com/FJbnoR9tJW
— العربية السعودية (@AlArabiya_KSA) June 23, 2018
بموازة ذلك، نشر الامير الوليد بن طلال، فجر السبت، مقطع فيديو يظهره جالساً في سيارة تقودها ابنته ريم، وذلك بعد مرور دقيقة على دخول قرار السماح للنساء بقيادة السيارات في السعودية حيز التنفيذ. وغرّد قائلاً: "واخيراً! الآن الساعة 12:01 من صباح يوم عشرة عشرة مع ابنتي ريم وهي تسوق بي وحفيداتي في الرياض".
واخيراً!
— الوليد بن طلال (@Alwaleed_Talal) June 23, 2018
الآن الساعة 12:01 من صباح يوم #عشرة_عشرة مع ابنتي ريم وهي تسوق بي وحفيداتي في #الرياض#المراه_السعوديه_تسوق
Finally,
First ride with my daughter @Reem_Alwaleed while she’s driving me and my grand daughters in Riyadh#SaudiWomenDriving pic.twitter.com/rXHPUx79fu
ومع بدء تنفيذ القرار، قال العقيد سامي الشويرخ، المتحدث الرسمي باسم الادارة العامة للمرور في الرياض، في تصريح لقناة "الإخبارية"، إنه لا يوجد لديهم أي هاجس من تمكين المرأة من قيادة السيارات ومختلف الأجهزة الأمنية والمرورية تعمل بشكل اعتيادي ولا يوجد أي إجراءات استثنائية.
وكان العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، قد أصدر في 26 أيلول/سبتمبر أمراً يقضي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة بدءاً من 24 حزيران/ يونيو 2018، "وفق الضوابط الشرعية"، وهو الشرط الذي أعاد البعض التذكير به، مذكرين المرأة بضرورة الحفاظ على "حشتمتها وحجابها ووقارها". في حين استمر سعوديون آخرون بالتعبير عن موقفهم الرافض لقيادة المرأة للسيارة على الرغم من الأمر الملكي الذي يعدّ خطوة تنهي تقليداً للمحافظين، يراه نشطاء حقوقيون رمزاً لقمع المرأة في المملكة.
#لن_تقودي
— حمود العنزي #🇸🇦🇸 (@enezi22) June 24, 2018
من جمال هذا القرار أن الأسره المحافظة لن تسمح لابنتها بقيادة السيارة والخروج دون محرم ودون إذن ولي أمرها..
وسوف نشهد في قادم الأيام حملة شرسة لكلاب إسقاط الولاية..
وأعاد البعض استخدام هاشتاغ #لن_تقودي، الذي انطلق أساساً في أيار/مايو الماضي ضمن حملة أثارت جدلاً بين السعوديين، معتبرين أن خطوة السماح للمرأة بالقيادة ستليها مطالبات برمي النقاب لدواعٍ أمنية وإسقاط الولاية وغيرها من الأمور، الأمر الذي قابله العديد من السعوديين بتغريدات ساخرة، مذكّرين هؤلاء بأنّ ما ينادون به لم يعد يلقى آذاناً صاغية، خصوصاً لدى السلطات التي أطلقت قبل ايام حملة لتشجيع السعوديات على القيادة تحت عنوان #توكلي_وانطلقي.
جانب من فعاليات #توكلي_وانطلقي في الرياض، فعاليات تثقيفية وتعليمية وترفيهية للمرأة والأسرة عن قيادة السيارة. pic.twitter.com/5AGu5OD4GD
— التواصل الحكومي (@CGCSaudi) June 22, 2018
إلى ذلك، طالب مغردون بالإفراج عن الحقوقيات اللواتي تم اعتقالهن قبل أسابيع، واللواتي كان لنضالهن وإصرارهن على تحدّي السلطات والمطالبة بحق المرأة بالقيادة، الفضل بالوصول إلى هذه اللحظة التاريخية. وذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن أغلب المعتقلات هنّ ناشطات شاركن في حملة المطالبة بحق المرأة في قيادة السيارة. وتتهمهن السلطات باتصالات "مشبوهة" مع "عدو خارجي" وتقول إنها تبحث عن أخريات. في حين يعتبر ناشطون ودبلوماسيون أن موجة الاعتقالات الأخيرة تهدف إلى إرضاء الأطراف المتشددة في النظام، التي تعترض على الإصلاحات، وتحمل رسالة إلى الناشطين بعدم رفع مطالب تتجاوز وتيرة "إصلاحات" الحكومة.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها