السبت 2018/06/02

آخر تحديث: 14:28 (بيروت)

علي عاقل.. الصوت العَلَوي الناقم على بشار الأسد؟

السبت 2018/06/02
علي عاقل.. الصوت العَلَوي الناقم على بشار الأسد؟
increase حجم الخط decrease
ربما لا يكون اسم الجندي، علي عاقل، معروفاً على نطاق واسع، لكن يمكن وصفه بصوت الطائفة العلوية، الشعبي، المعبّر في مواقع التواصل الاجتماعي، عن غضب البيئة الموالية للنظام، من النظام نفسه، بعد 8 سنوات من الحرب في سوريا.


ولا يعني الغضب هنا، استياءً من قضايا خدمية مثل ملفات الكهرباء والإنترنت والمياه والتعليم، بل هو حالة أعمق وأعنف، تتعلق بالخسائر البشرية المتزايدة في صفوف الطائفة العلوية، وهي، رغم كونها مكوناً صغيراً من الشعب السوري مقارنة ببقية الطوائف، إلا أن أبناءها يشغلون المناصب الرئيسية في النظام، ويسيطرون على جهاز الشرطة، ويدعمون القوات الأساسية التي تدافع عن النظام منذ العام 2011.

وفيما يبدو هذا الكلام مبالغاً فيه، فإنه يحمل شيئاً من المنطق، مع تعبير عاقل على سبيل المثال، عن إحساس عام بالظلم والتمييز بين الأغنياء والفقراء داخل البيئة الحاضنة للنظام، أي بين ذوي النفوذ من المسؤولين والضباط والأشخاص العاديين الخائفين والداعمين للنظام أصلاً لإحساسهم بنوع من الخطر الوجودي، حسبما يظهر في منشورات لصفحات موالية للنظام في "فايسبوك".

وبرز عاقل الأسبوع الماضي، في مقطع فيديو طويل (حذفه لاحقاً)، كشف فيه بعضاً من ممارسات محكمة الإرهاب بوصفها المؤسّسة الحكومية الأكثر إرهاباً للسوريين، وذلك بعد تجاهل المسؤولين الحكوميين مناشداته السابقة للإفراج عن شقيقه جاد، المعتقل في سجون الأسد منذ 3 سنوات، لافتاً إلى أن أخاه جُنّ بسبب التعذيب، رغم أنه اعتُقل بسبب تقرير كيديّ، في إشارة إلى موالاته لنظام الأسد، قبل أن توجه له تهم بالمشاركة في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، وأشار إلى تغير ملامح أخيه بسبب وحشية التعذيب ثم فقدانه عقله ليموت والده حزناً عليه.

ويمكن تتبع العديد من مقاطع الفيديو التي يتحدث فيها عاقل عن أخيه، أبرزها مقطع يعود للعام الماضي، تحدث فيها عن فقدانه الأمل من "دولة القانون" و"احتيال المحامين" ومن القضاء ومحاكم النظام، مطالباً اللواء علي مملوك، رئيس مكتب الأمن القومي، بالتدخل، بوصفه "ولي أمر المعتقلين"، ليحدث الفيديو انتشاراً واسعاً، وغضباً لدى الموالين لعدم طلب المساعدة من الرئيس بشار الأسد.



ولا يمثل عاقل هنا حالة استثنائية، فقبل أيام انتشر مقطع فيديو لجندي سابق في صفوف النظام، يتسول في أحد شوارع طرطوس، لتأمين علاج له بعدما فقد بصره في إحدى معارك حلب، من دون اهتمام "رسمي" به. فأثار غضب الموالين الحانقين، لتحاول صفحات أخرى تكذيب الخبر بالقول أنه شخص "يدعي أنه من الجيش السوري"، قبل أن تنشر صفحات، من بينها صفحة عاقل نفسه، وثائق تثبت خدمة الجندي المصاب في صفوف النظام وتسريحه بسبب إصابته بحالة عجز كامل مع "بطاقة شكر وعرفان من القيادة العامة للجيش السوري".

والحال أن الغضب من النظام السوري، تفجر في شهر نيسان/أبريل الماضي، بعد الاتفاق الذي أجراه النظام السوري مع "جيش الإسلام" في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، والذي أسفر عن إطلاق سراح نحو 200 أسير علوي فقط من أصل 7500، ليخرج أهالي المفقودين في مظاهرة غاضبة في دمشق، والتي نقلها إعلام النظام بوصفها "مسيرة شكر" للجيش السوري على "تحرير الغوطة" و"القضاء على الإرهابيين".


بعد ذلك، سادت حالة واضحة من التشنج في صفحات موالية للنظام، طالب بعضها بانقلاب عسكري على بشار الأسد الذي فشل في حماية طائفته وفضل الميليشيات الإيرانية على الميليشيات المحلية. فيما طرحت صفحات أخرى استفتاءات تقارن بين الأسد، والعقيد سهيل الحسن كمرشح بديل لرئاسة سوريا في حال إطاحة الأسد الذي لا يقدم "الصرامَة" المطلوبة لحمايتهم وتمكينهم مثلما كان الوضع خلال حقبة حافظ الأسد.

ومن هنا ربما يبدو يكون التوقيت المحير لاستخدام السلاح الكيماوي في دوما في نيسان/أبريل الماضي، إشارة من الأسد لأبناء طائفته بأنه قادر على حمايتهم، وعلى ارتكاب فظائع وحشية من أجلهم، لأنهم الشيء الوحيد الذي يعطيه "الشرعية" كقائد علوي.

في السياق، تشكل التعويضات المالية الضئيلة لجنود النظام السوري "رغم خدمتهم للوطن"، عامل غضب إضافياً، فضلاً عن قضية المفقودين والفارين من الجيش السوري المطلوبين لمحاكم عسكرية، وبالتحديد الفارين من الدورة 102، وهي الدورة الأقدم في جيش النظام وتم تجنيدها العام 2010. ويبرز ذلك في مقاطع أخرى التي دافعت قبل أيام عن "المعفشين" لأن "الجنود فقراء" و"القيادة بخيلة".



إلى ذلك يتحدث عاقل باستمرار في مقاطع الفيديو الخاصة به عن احتمال اعتقاله بسبب "انتقاداته". لكن ذلك لا يحدث أبداً، ولن يحدث على الأغلب، فهذا النوع من الانتقادات يتم بإشراف وموافقة مسبقة من النظام نفسه، بوصفها ممتصاً جيد للصدمات من أجل السيطرة على غضب الموالين المتزايد، كما يظهر عاقل بوضوح أنه مازال "يخدم الوطن"، بصور ومقاطع مصورة مع جنود النظام.

والاسم الحقيقي لعاقل هو علي شاهين، ينشر منذ سنوات مقاطع فيديو له كـ"جندي سوري" يوثق يومياته و"انتصارات" النظام، فيما يتابعه عشرات الآلاف عبر صفحته الرسمية والشخصية، وخدم في جيش النظام حتى شهر نيسان/أبريل الماضي. علماً أنه ابن المطرب الشعبي علاوي شاهين صاحب أغنية "مجاريح" وينحدر من قرية عين الكروم بريف حماة، وخدم في جيش النظام ثم سرح، ثم استُدعي العام 2012 للخدمة الاحتياطية، وشارك في معارك و"اقتحامات" كثيرة ضمن قوى الدفاع الجوي، وقدم خدمات للنظام عبر زرع جواسيس داخل الفصائل كانوا يسربون له المعلومات، بحسب قوله، مدعياً أنه ساهم في عودة نحو 500 شخص من تركيا إلى "حضن الوطن"، بالتنسيق مع المخابرات العسكرية والجوية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها