الثلاثاء 2018/06/12

آخر تحديث: 08:53 (بيروت)

أغنية المونديال: كتالوغ الإنخراط في مركز العالم

الثلاثاء 2018/06/12
أغنية المونديال: كتالوغ الإنخراط في مركز العالم
كل واحد منهم يتوهم أنه "يركض كبطل ويربح كملك"
increase حجم الخط decrease
بالإنطلاق من الفيديو-كليب الخاص بها، من الممكن تحديد الجمهور الذي تستهدفه أغنية كأس العالم-2018، ذلك، أنه، أولياً، أولاد وشباب الغيتوات، الذين يلعبون كرة القدم في الأبنية المهجورة، أو الذين يتجمعون في ساحاتها الخلفية. هؤلاء، تقدم الأغنية لهم حلاً لمشكلتهم التي لا تعلنها، وهي، وبعبارة واحدة، العيش في الخلاء، حيث تنقطع صلته بمركز اجتماعهم المديني. 

هكذا، توفر الأغنية لهم ما يشبه "كتالوغ" مقتضب لتعدي تلك المشكلة، وشعاره الأساس مؤداه "الإستفادة من الحياة" لأنها لا  تتكرر مرة أخرى. وما هذه الإستفادة سوى الإنخراط في الحدث الرياضي، في المونديال، ليس كلاعبين، على ما يظن المستمع للحظة، بل كمتفرجين متحمسين لدرجة أن كل واحد منهم يتوهم أنه "يركض كبطل ويربح كملك". فالمونديال هو فرصتهم التي تتيح لهم الإنتهاء من الخلاء الذي يفصلهم عن المركز، وبالتالي، تحولهم إلى "أحياء" بسبب إحتفالهم بها.

ولكن، ذلك الإحتفال له معاييره. وهي، وبحسب الـ"كتالوغ" نفسه، التوحد في فريق، ثم، تقديس الحلم واللحظة، والتأكيد على حقيقة دون أخرى، أي انتظار كأس العالم، أو إبتغائه منذ زمن من أجل  التفرج عليه. 

فالذين تسعى الأغنية إلى استهدافهم، يتوجب عليهم أن يكونوا جمهوراً، من سماته أنه حلمي ولحظوي. أما غايته، فهي أن يشارك في العيد "الفوتبولي". نتيجة ذلك، عليهم، ولكي يردموا الخلاء، حيث يعيشون، مع المركز، أن يتوجهون إلى المدرجات، أو إلى محيطها، ويغدون مشجعين ومحتفلين. لا شيء آخر سوى هذا الحل، الذي لا بد من الإلتزام به لأن "العالم كله ينظر إلينا"، يعني يراقبهم إن كانوا سينفذونه أو سينحرفون عنه إلى غيره.




على أنه بين الذين تحضهم الأغنية على الإنخراط في المونديال كمتفرجين يتوهمون أنهم لاعبون، أي أنهم أصحاب أثر ومفعول، هواة كرة القدم. وهؤلاء، وعندما يلتزمون بتعدي الخلاء إلى المركز على متن الحلم واللحظة والعيد، قد يتبدلون إلى محترفين، وشرط ذلك، أن تكون اللعبة، كمؤسسة ضخمة، هي قبلتهم، الأمر الذي يؤكد أنهم يلعبون الفوتبول لكي ينتقلوا إلى المنتخبات فقط. 
فلا أحد يلعب كرة القدم سوى لكي يكون رونالدينو، تماماً، كما لا أحد يغني ريغي سوى ليكون نيكي جام، أو لا يغني بوب سوى ليكون إيران استريفي، ومثلما لا أحد يمثل سوى ليكون ويل سميث. فالذهاب من الخلاء إلى المركز يجب أن يكون مطابقاً مع حب النجومية وإلا سيكون مجرد هباء.

كلاسيكي هو طرح الأغنية، تماماً، كما أن منوالها البصري، كما بينه فيديو-كليبها، هو منوال كلاسيكي أيضاً، من ناحية وتيرته التصويرية السريعة، ومبالغته في جعل الأجساد متحركة على وقع احتفالها بإيجاد الحل لترعرعها في الغيتوات. الطرح ملازم للمنوال: "الإستفادة من الحياة" بوصفها عيشاً في اللحظة، في عيد دائم، في تفرج مستمر، في توق لا ينتهي إلى جعل "العالم الذي ينظر إلينا" مسروراً بنا لأننا نريد أن نكون نجومه التي تولد تحته.

"حب واحد" لمركز، أساسه اللحظة والحلم والعيد، وسماؤه مرفوعة للنجوم. "حب واحد"، يقع فيه كل الذين ينتقلون صوبه من غيتواته، ومن قلوبه، ومن مختلف نواحيه، لكي ينخرطوا في حدثه، مشكلين "وطناً واحداً". وصحيح أن أعلاماً كثيرة ترفرف في هذا الأخير، لكنها، جميعها ترفرف في إطار علمه، الذي يجعل كل حامليها متشابهين، "يغارون ويطمحون وينتصرون".

لا يمكن الإستماع إلى أغنية كأس العالم-2018 بوصفها نشيداً للمونديال فحسب، بل أنها نشيد للإنتقال من الغيتوات إلى مركز العالم، من العالم إلى مركزه، والإحتفال الكلي به على أساس قانونه: "إستفيدوا من الحياة"، أي "من التغير إلى متفرجين، وذروة هذا التغير هو توهمكم أنكم لاعبون، فبهذا الوهم تنجزون انخراطكم".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها