لكن تلك الاعتبارات، مجحفة الى حد كبير بحق الاطراف التي اقترع ناخبوها، بنسب مضاعفة عما هو عليه الامر في العاصمة. يصف معلق في "تويتر" المقترعين في الجنوب بـ"الجحافل".. ويقول آخر ان المقترعين في عكار "خزان بشري لصالح المستقبل".. وهي الصورة المفقودة من تغطية وسائل الاعلام في هذا اليوم الطويل.
الخبر المثير، يتصدر واجهة الاحداث، ووجهة التغطية. والخبر المقرر يغيب عنهما. أولوية وسائل الاعلام، تتمثل في الاشكالات. تعيش عليها، وتقتات منها، وتؤمن صيرورتها والترافيك بها. أما الاطراف، فلها موقعها المهمل، من كل شيء، تماماً كما فرص التغيير.
الاعلام يتعاطى مع القوي إجمالاً. من هذا المنطلق، بدا مرشحو المجتمع المدني مغيبين الى حد كبير عن التغطية. مرشحوه غير موجودين في التغطية. لا يكترث أحد لاقتراعهم، ولا لحظوظهم وفرصهم، وهي على أي حال حظوظ قليلة. فالصراع هو سياسي، وبين الاقطاب والقوى السياسية والحزبية. هكذا يريد السياسة في البلاد، وهكذا يريد اصحاب التاريخ السياسي. فالآخرون دخلاء، من وجهة نظرهم، وهو ما تجاريهم بها وسائل الاعلام.
تصل الانباء عن امكانية خروق لمرشحي المجتمع المدني في بيروت الاولى. هؤلاء الذين لم نشاهدهم أثناء الادلاء بأصواتهم، ولن نلحظ خرقاً لقانون الصمت الانتخابي لهم طوال النهار. أصلاً لم تستصرحهم وسائل الاعلام. ومثلهم، العشرات الذين لا خبر لهم في الاعلام، ولا فتات.
يبدو تقييم أداء وسائل الاعلام صعباً، لكنه يستحق التوقف عنده، والبناء على التجربة للقول ان مراسلاً لا خبرة له ولا تدريب، يجب منعه من حمل المايكروفون للتغطية. قد تكون الحاجة مبرراً لذلك، لكنه تحول الاستثناء الى قاعدة، خرق كبير في منظومة العمل الاعلامي. وهو خرق غير مبرر، يستوجب التحرك لتدريب الكادر المفترض للعمل في اللحظات الاستثنائية.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها