الأربعاء 2018/05/30

آخر تحديث: 18:16 (بيروت)

كلبش2: دراما متسارعة بجرعة انتقام زائدة

الأربعاء 2018/05/30
increase حجم الخط decrease
 
إذا كان ثمة مسلسل قد خطف عقول الناس في رمضان الماضي، وصار من الأعلى مشاهدة إن لم يكن الأعلى، فهو مسلسل "كلبش" لأمير كرارة. 

تحول "كلبش" إلى هوس تابعه الناس بشغف، يكاد أن يقترب لما حققه من قبل محمد رمضان في مسلسليه "ابن حلال" و"الأسطورة". نقول يكاد لأن ارتباط المشاهدين ببطل شعبي في حالة مسلسلي رمضان كان في جزء منها قدرته على مواجهة النظام، وإذلاله، والسخرية منه. إنها الحالة الفانتازية لمواجهة الدولة، والنوم معها في سرير واحد.

أما مع كلبش، فالبطل هو ضابط شرطة، والذي مهما بلغ تمرده من شطط لن يخرج على تقاليد الدولة والدفاع عنها. هنا تقل الجاذبية قليلاً، وحالة "التمرد الآمن" التي تغذيها مسلالات محمد رمضان، تقل كثيراً مع "كلبش".

اللافت أن تمرّد بطل كلبش سليم الأنصاري يكمن في التزامه الصارم بالقوانين، لا خروجه عليها، ورغبته الحثيثة في محاولة إصلاح ما فسد، وعدم قبول الحلول الوسط. ومن هنا بدأت رحلته الدرامية في جزئه الأول رمضان الماضي، حينما أوقع به عدد من "الفاسدين" من أهل السلطة، فكانت النتيجة رحلة انتقام بين سليم الأنصاري والفاسدين في السلطة، تنتهي بالطبع بانتصاره. 

الانتقام هو الثيمة الأكثر نجاحاً في تاريخ الصورة المصرية. فنسبة كبيرة من الأعمال الناجحة في الأفلام والدراما المصرية على مدار قرن من الزمن كانت ثيمتها الأساسية هي الانتقام، بل إنها تكاد تكون أحد أسباب صناعة النجم الشعبي الجماهيري في المخيلة المصرية البصرية، وما أفلام فريد شوقي ثم عادل إمام وأخيرا محمد رمضان إلا دليلاً عملياً على ذلك.

لعب الجزء الأول من "كلبش" على ثيمة الانتقام حتى الانتصار في اللحظات الأخيرة. وهذا الموسم، ارتأى صناعه أن يزيدوا من جرعة الانتقام، بل جعلوها مسارات متوازية ليزيد تسارع الأحداث الدرامية وإن تعسفاً، حتى تكاد يتوقف الجسد الدرامي عن النبض تماماً من كثرة الخيوط والأحداث ومحاولات إقحام التشويق إقحاماً في سياق العمل.

فبعد أن واجه سليم الأنصاري في العام الماضي عناصر فاسدة من الداخلية وعضوا في مجلس النواب ورجل أعمال، تلعب الثيمة هذه المرة على ما يوافق خطاب الدولة بشكل مباشر. سليم الأنصاري في مواجهة الإرهاب الداعشي، لتكون نتيجته أن تُقتل زوجته وأخته ويصير أبا أرمل. ولا مانع من مواجهة فساد السجون وحساباتها ومراكز قوتها، فسليم الأنصاري قادر على أي شيء وكل شيء في أي وقت. هكذا اكتملت عناصر الجاذبية الجماهيرية، وفي انتظار لحظة انتصار البطل.

لا يبدو أن كاتب العمل باهر دويدار قد بذل أي مشقة في رصف الأحداث، فرهانه على عدد الخطوط الدرامية ذات الجاذبية المضمونة، ومثله المخرج بيتر ميمي، صاحب الرصيد الأكبر من الأعمال الناجحة جماهيرياً في العامين الماضيين، دون أن ندرك السبب وراء ذلك النجاح! فلا هو قادر على بناء مشاهد "أكشن" مقنعة، ولا هو ناجح في تقديم صورة مميزة. مجرد منفذ وراء الكاميرات، بل وأحيانا كثيرة يقع في أخطاء فنية ساذجة مثل أن يظهر أحد معدات التصوير في الكادر. لكن هذه التفاصيل تمر، طالما أن سليم الأنصاري يواجه الأشرار.

أداء أمير كرارة في كلبش مثل أدائه في حواري بوخاريست مثل أدائه في الطبال، رجل فارع الطول وسيم محدود الإمكانيات التمثيلية، لكن هيأته الجسدية جعلته يشبه ضباط الشرطة بالفعل، فصار مقنعاً للناس. أما هيثم أحمد زكي، فإن تقديمه لشرير المسلسل جعلته يحاكي نظرة الجوكر من فيلم "فارس الظلام" ويكررها حتى يدرك القاصي قبل الداني أنه الرجل الشرير في المسلسل.

تحقق حلقات كلبش مشاهدات متوسطها 5 مليون مشاهدة لكل حلقة، وهو ما يقرب الصورة العامة للأذهان عن طبيعة نجاح المسلسل ووصوله للناس، لكن الرهان على استمراره بالأذهان مشكوك فيه.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها