الخميس 2018/05/03

آخر تحديث: 19:17 (بيروت)

المجتمع المدني.. خطاب الهزيمة

الخميس 2018/05/03
المجتمع المدني.. خطاب الهزيمة
increase حجم الخط decrease
الأسئلة المتكررة عن مواقف مرشحي المجتمع المدني من قضايا سياسية داخلية، لا تلقى أجوبة واضحة. فهؤلاء المرشحون، أو معظمهم، غرقوا في التفاصيل المحلية المتعلقة بهموم المواطن، ولم يقدموا خطاباً سياسياً مؤثراً، باستثناء انتقاد "السلطة السياسية الحاكمة" و"فسادها". 
والحال ان معظم المرشحين، الذين كانوا، قبل سنوات ثلاث، رأس حربة في الخروج على السلطة إثر أزمة النفايات، مسكونون بتفاصيل محلية، يواجهون بها خطاباً سياسياً اتضح أنه مؤثر الى حد كبير، بالنظر الى ان الانتخابات النيابية هي انتخابات على زعامة، واستفتاء على مشروع سياسي، بما يتخطى كونها أداة تقرر مستقبل محارق النفايات، أو ايجاد المطامر الصحية، أو فرزها من المصدر، وهي مهمة حكومية بالدرجة الاولى، تقترح وترسل المشاريع الى مجلس النواب الذي سيصوت عليها.

في الواقع، تدرك الأحزاب التقليدية هذه الوقائع، وتتصرف على اساسها، فهي تخوض الانتخابات على مشاريع سياسية، وخيارات اقليمية، تتضمن، ضمن برامجها، توجهات لمحاربة الفساد (خطاب القوات اللبنانية وحزب الله كمثال). كما تقوم حملاتها الانتخابية على شعارات سياسية تتضمن وعوداً بتعزيز دور الدولة (المستقبل وحركة أمل نموذجاً). كما تُخاض بشعارات فئوية، وهي تمثل مقتلاً بالنسبة لبعض المرشحين، حين يُحكى عن تعزيز دور الجماعة الطائفية، بالنظر الى ان النائب في البرلمان يفترض أن يكون ممثلاً لكل اللبنانيين، وليس لطائفته، رغم أن أبناء طائفته يرصفون طريقه للعبور الى البرلمان، بحكم قانون الانتخاب وأصواته التفضيلية. 

في مقابل تلك التوجهات، يفتقد معظم مرشحي المجتمع المدني لأهلية الخطاب السياسي المؤثر. لا مقاربات سياسية لموضوعات اشكالية، ولا برامج للاحاطة بها. يلوذ هؤلاء بشعارات مثل "الطبقة السياسية الفاسدة" و"الشخصيات المنتفعة" و"الصفقات"... هذه الشعارات – الوقائع، يدركها اللبنانيون، لكنهم سيصوتون رغم معرفتهم بها، لصالح الفاسدين، بالنظر الى أن الخطاب الآخر، خطاب التخويف والتطييف، أكثر تأثيراً، وأكثر قدرة على جمع الجماعة التي تعتقد بأنها مهددة وجودياً، وتأقلمت مع الفساد، ونال بعضها حصة منه، بينما يسعى آخرون للانتفاع منه في المستقبل!

هذه الحقائق، باتت واقعاً لبنانياً لا يحمل النفي. صيغته معروفة، لدى جميع المرشحين، أولئك الذين يتقنون صناعة الدعاية السياسية، باستثناء معظم مرشحي المجتمع المدني الذين يذهبون الى خيارات صادمة، بهدف مفاجأة الجمهور، (مثل نعمت بدر الدين التي تحدثت عن العمل لاستقطاب السياحة الليبية والتونسية وعدم الاعتماد على دول الخليج العربي!)، بينما تردد آخرون في تقديم أجوبة واضحة ورؤى لقضايا خلافية، ومواقف حاسمة تجاه قضايا اقليمية، وهي مواقف تجذب الجمهور او تنفره، ولا تقبل الحياد بتاتاً في هذا المضمار. 

ورغم أن جميع مرشحي المجتمع المدني، من اصحاب الكفاءات العلمية والاكاديمية، ومن الطامحين للتغيير (غالبيتهم)، إلا أنهم ما زالوا مسكونين بـ"الرومانسية الثورية". خطابهم الانتخابي يحتاج الى تطوير بهدف جذب الناخبين. فمن دونه، لن تتغير سوى اسماء في التوازنات السياسية اللبنانية والتركيبات الواقعة في البرلمانات منذ 2005.. وستثبت نتائج الانتخابابت تلك الفرضية يوم الاثنين المقبل. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها