ويظهر في مضمون اللقاء المزعوم الذي نشرته الصحيفة العبرية، يوم الجمعة الماضي، ان كلام دويري جاء في سياق الدفاع عن أفلامه والأفكار التي يحملها، خصوصاً فيلم "قضية 23" الذي مُنع عرضه في مدينة رام الله الفلسطينية مؤخراً بسبب اتهام المخرج بالتطبيع، في محاولة منه لإراحة نفسه واقناعه ذاته والآخرين "أنه على الطريق الصحيح"، نظراً لإتهام المخرج المثير للجدل بالتطبيع.
ولأن حكام إسرائيل ومعهم الإعلام، يسعون جاهدين لإقتناص اي فرصة للحصول على تصريح لمثقفين وفنانين ومخرجين وسياسيين عرب، بما يخدم التشكيك في أحقية قضايا الفلسطينيين والعرب، ويشوه صورتهم ويُمجّد الدولة العبرية، تكريساً للدعاية الإسرائيلة وتفتيتاً للإجماع العربي اتجاه قضاياه، رأت "يديعوت احرونوت" أن هذا دافع مهم لإجراء ونشر المقابلة مع دويري الذي نقلت عنه: "معركتي هي في الداخل، داخل الإسلام.. مع الاسلام المتطرف، والعقلية الرجولية وتحرير المرأة".
ونفى المخرج اللبناني زياد دويري أن يكون قد أدلى بأي حديث لصحيفة "يديعوت أحرونوت" أو غيرها من الصحف الإسرائيلية. وقال دويري في بيان: "لقد دعَوت في أكثر من حديث صحافي إلى محاربة التطرف الإسلامي وتنظيف البيت العربي، وسأظل أقول هذا الكلام، لكنّي لم أدلِ لـ"يديعوت أحرونوت" بأي حديث، ولا لأية صحيفة إسرائيلية أخرى، وقد طلبت من فريقي الإعلامي في الولايات المتحدة رفض الطلبات التي تلقاها لمقابلات مع وسائل إعلام إسرائيلية".
وأضاف: "عند عرض فيلمي قضية رقم 23، في الولايات المتحدة، في الفترة السابقة لحفلة توزيع جوائز الأوسكار، كانت هناك زحمة صحافيين، لكني لم أعطِ بعلمي ومعرفتي أيّ حديث لصحيفة إسرائيلية".
ورصدت "المدن" خصوصاً ما جاء في الملحق الفني لـ"يديعوت احرونوت"، وملحق "نعنع" التابع لـ"معاريف"، وأيضاً في "هآرتس". وعكفت القراءات الإسرائيلية قبل المقابلة المزعومة على التأكيد بأن زياد ليس حالة فردية أو استثنائية في لبنان، بل هو يمثل شريحة تفكر بالطريقة هذه اتجاه إسرائيل. وذهبت إلى إعتبار أن دويري عبّر بفنه وآرائه ومواقفه بشكل علني عن رأي لقوى سياسية قديمة في لبنان، مثل حزب "الكتائب"، فضلاً عن "قوى مسيحية يمينية مرتبطة منذ عشرات السنين بأوروبا وأميركا لتتولد قواسم مشتركة مع مشروع إسرائيل وحليفتها المسيحية المتجددة والتي ما زالت تجمعهم حتى اليوم حالة ورواية العداء للفلسطينيين والعرب عامة والمقاومة خاصة".
كما أبرزت العناوين الإسرائيلية عداء الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل "بي.دي.اس" للمخرج زياد وكيف أنه على استعداد، من دون توجس، لأن يحارب هذه الحركة.
تتطرق الصحافة الإسرائيلية إلى ادعاءات بأن الدويري يتلقى دعماً غير محدود من مؤسسة "هوليوود" للانتاج الفني السينمائي.
وأبرزت الصحافة الإسرائيلية عرض أفلام زياد في لبنان وعدد من العواصم العربية، باعتباره "تطبيعاً غير رسمي" مع إسرائيل، مشيرة إلى أن رفض عرض أفلامه في رام الله، زاد من إمعانه في كره الفلسطينيين و"بي.دي.اس." وأن زياد أراد ان يقتص من رام الله في مقابلته مع "يديعوت احرونوت" رداً على منعها عرض أفلامه.
وبالرغم من أن هكذا مواضيع تعتبر "دسمة" للمُنظرين لإسرائيل، فلم ترصد "المدن"، حتى اللحظة، أي تعليق للمستشرق الإسرائيلي والمتخصص في الشؤون العربية، اودي كوهين، على ما جاء في المقابلة المزعومة مع المخرج زياد دويري، ولا حتى في صفحته الفايسبوكية. علماً أن كوهين يهودي مولود في لبنان، وهو دائماً ينتهز الفرصة لتوظيف هذا النوع من الكلام على ألسنة عرب لإعلاء شأن إسرائيل وتشويه صورة العرب.
وكما هو حال الردود اللبنانية الغاضبة مما قاله زياد دويري ولقائه (المزعوم) التطبيعي مع "يديعوت احرونوت" إلى حد أنها اعتبرته "خائناً"، رصدت "المدن" ردوداً فلسطينية شنت هجوماً لاذعاً على زياد عبر "فايسبوك" و"تويتر"، ولم تخلُ من الشتائم والسباب والتخوين.
وحاول الناشط الصحافي فادي العاروري أن يوجه رسالة ضمنية للذين دافعوا عن زياد دويري في رام الله، فغرد: "يالله كل اللي بيعرفوا حالهم منيح يستمتعوا بالمطالعة"، فيضع رابط المقابلة التي أجرتها "يديعوت احرونوت" مع زياد. ثم تغريدة لناشطة أخرى تتساءل فيها عن تعليق الذين دعموا زياد "وينهم اللي عملوا فيها فهمانين ودعموا ودافعوا عن تطبيعه مع كيان الإحتلال؟!".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها