الخميس 2018/05/17

آخر تحديث: 15:58 (بيروت)

الإعلام المعارض ضحية الاستخبارات المحلية في "درع الفرات"

الخميس 2018/05/17
الإعلام المعارض ضحية الاستخبارات المحلية في "درع الفرات"
(المدن)
increase حجم الخط decrease
اعتدى عناصر مسلحون، ليل الثلاثاء/الأربعاء، على المصور عمر حافظ، ومراسل "تلفزيون سوريا" وائل عادل، في مقر "الحكومة السورية المؤقتة" في مدينة إعزاز في ريف حلب الشمالي. العناصر ضربوا وأهانوا المراسل والمصور، وشتموا الثورة والثوار، وصادروا المعدات، واعتقلوا المصور قرابة الساعة، مكبل اليدين، بعدما وضعوا "الطماش" على عينيه.

وأوقف الملسحون، المراسل والمصور، في الطريق العام، غربي مدينة إعزاز، أثناء التصوير، وأمروهما بالتوقف عن التصوير وحذف مقاطع الفيديو والصور من الكاميرات، وطالبوهما بالكتاب الرسمي الصادر عن المجلس المحلي في المدينة والذي من المفترض أن يكون بحوزتهما ليسمح لهما بالتصوير. وجاء رد المراسل والمصور على المسلحين بأن المجلس المحلي في مدينة إعزاز، والجهات الرسمية الأخرى في المدينة، لم تصدر أي تعميم بهذا الخصوص. وأكدا أنهما اعتادا العمل داخل المدينة وتصوير تقارير تلفزيونية ومواد إعلامية متنوعة، بشكل سلس، وأمام قوات الشرطة والأمن العام التي تنتشر بشكل كبير في شوارع المدينة. وتطور النقاش بين الطرفين إلى مشادة وتصعيد من قبل المسلحين الذين تجمعوا في موقع الحادثة غربي المدينة.

ولم يكن المسلحون يرتدون أي لباس عسكري يشير إلى الجهة التي يتبعون لها، وعرفوا عن أنفسهم بأنهم "عناصر أمنية"، واعتقلوا المراسل والمصور، بالقوة، واقتادوهما إلى مقر "الحكومة السورية المؤقتة" القريب من موقع الحادث.

وبعد وصولهم إلى المقر، أنزل العناصر المصور والمراسل من السيارة، وانهالوا على المصور بالضرب والشتائم، فتدخل المراسل فضربوه أيضاً. العناصر شتموا الثورة والثوار السوريين، وقيدوا المصور ووضعوا "الطماش" على عينيه، ووضعوه في السيارة لأكثر من ساعة، إلى أن تدخل أحد الناشطين الإعلاميين من مدينة إعزاز، وأخبرهم أن المعتدى عليهما ناشطان معروفان في المنطقة، حينها أخلي سبيلهما وبقيت معداتهما محتجزة، وتم تحويلها إلى شعبة المخابرات المعروفة محلياً باسم "المعصرة"، وهي مقر أمني تابع للمخابرات، بالقرب من معبر باب السلامة.

ونظم نشطاء إعلاميون من ريف حلب الشمالي، الأربعاء، وقفة احتجاجية أمام مقر الحكومة السورية المؤقتة في مدينة إعزاز، نددت بالاعتداء على زميليهما، وطالبت بمحاسبة العناصر المعتدين ومحاكمتهم.

واستمرت الوقفة الاحتجاجية أكثر من أربع ساعات، رفع خلالها النشطاء لافتات كتب عليها "الإعلامي ثائر وليس شبيح" و"جميع الحكومات المحترمة تصون حقوق الإعلاميين، فأين المسؤولين والجهات المحترمين" و"الموت ولا المذلة، الإعلامي الحر"، و"شبيحة الاستخبارات يعتدون على صوت الحق" و"سب وشتم الثورة خط أحمر يا مخابرات" و"سب الإعلاميين وإهانة الثورة، هي أفعال شبيحة النظام وعملاء الأسد" و"الإعلام الحر صوت الثورة".

وطالب "اتحاد الإعلاميين السوريين"، المظلة النقابية التي تضم أكثر من 100 ناشط إعلامي في ريف حلب وأعلن عن إنشائه أوائل العام 2018، في بيان له، الأربعاء، بتوقيف عناصر المجموعة الأمنية وتقديمهم لمحاكمة عادلة بسبب تعديهم على نشطاء إعلاميين في صفوف الاتحاد، وبسبب تلفظهم بألفاظ نابية ضد الثورة وثوارها، مستهينين بكل تضحيات الثوار على مدار السنوات الماضية.

وطالب الاتحاد القوى الأمنية "بتنظيف صفوفها من المرتزقة وعديمي الأخلاق"، وتوعد بمواصلة التظاهرات والاحتجاجات حتى تلبية مطالبهم المحقة"، وأوضح أن "الأمانة العامة للاتحاد حددت في اجتماعها الطارئ مجموعة من المطالب كشرط لازم لوقف التصعيد ضد القوى الأمنية التي تضم في صفوفها عناصر مسيئة للثورة وسمعتها عموماً"، وناشد البيان فصائل الجيش السوري الحر لكي تتخذ موقفا جدياً يضع حدا للانتهاكات بحق الإعلاميين، و"محاسبة كل من تجرأ وأهان الثورة".

وحدد بيان الاتحاد مطالبه بـ"إصدار مذكرة اعتقال وتوقيف بحق المجموعة الأمنية المنفذة للاعتداء، ومثولها أمام محكمة  مدنية، وضمان سلامة وحقوق النشطاء الإعلاميين وعدم التعرض لهم".

لم تستجب القوى الأمنية لمطالب النشطاء المحتجين، ولم يكن في مقر "الحكومة السورية المؤقتة" موظفين تابعين لها. ووافقت قيادة "شعبة المخابرات" أن تلتقي بوفد منتدب من "اتحاد الإعلاميين" في مقرها، ووعدت بتلبية مطالب النشطاء في حال ثبت تورط العناصر، ورفضت القدوم إلى ساحة الوقفة الاحتجاجية، وهو مطلب لم يتنازل عنه النشطاء المحتجون. وقبل المحتجون بوساطة مبدئية، تقدم بها أحد قادة قوات الشرطة في إعزاز التي نظّمت ضبطاً بحادثة الاعتداء.

مصدر معارض أكد لـ"المدن"، أن عناصر المجموعة الأمنية التي اعتدت على المصور والمراسل، يتبعون إلى "جهاز الاستخبارات المحلي" في ريف حلب، وهو جهاز أمني ملحق بـ"شعبة الاستخبارات التركية" التي تدير منطقة "درع الفرات" في ريف حلب. ولا تتبع لهذا الجهاز محكمة، ويضم عدداً كبيراً من العناصر الذين يتوزعون على مختلف مدن وبلدات ريف حلب، ويتركزون بشكل خاص في المدن الكبيرة؛ إعزاز والباب وجرابلس والراعي ومارع، وتدفع تركيا رواتبهم. وليس هناك إحصائية واضحة حول عدد عناصر "جهاز الاستخبارات المحلي". والهدف من إنشاء الجهاز هو ملاحقة الخلايا الأمنية التي تصنفها تركيا على أنها إرهابية، وتم اختيار قسم كبير منهم من قوات الشرطة والأمن العام، التي أعلن عن تشكليها وتدريبها في تركيا أواخر العام 2016، وقسم ثانٍ من المحسوبين على قادة الجهاز المحليين والمقربين من عناصر المخابرات الأتراك.

وليس هناك من معايير تضمن حسن سلوك عناصر الجهاز الاستخباراتي. بعضهم سيء السمعة، ممن كان خلال السنوات الماضية من المعادين للثورة، وبعضهم متهم بالتعاطف مع تنظيمات إسلامية متشددة. معظم هؤلاء العناصر تمكنوا من دخول الجهاز عن طريق الوسطاء والمحسوبيات.

ولدى عناصر المخابرات المحلية سلطات واسعة، تُمكّنهم من اعتقال أي مشتبه بالانتماء لمنظمات إرهابية، أو اعتقال أشخاص يشكلون خطراً على الأمن العام في المنطقة، أو يشكلون تهديداً على التواجد التركي في المنطقة. ويتمتع عناصر الاستخبارات المحلية بحرية في اللباس، وغير ملزمين بالدوام في مقرات أمنية خاصة، ومهمتهم الانتشار في المنطقة بين الأهالي.

أثناء الوقفة الاحتجاجية التي نظمها النشطاء الإعلاميين أمام مقر "الحكومة المؤقتة" في إعزاز توافد العديد من عناصر الاستخبارات إلى الموقع، وصوروا بكاميرات هواتفهم النقالة، جوانباً منها.

ويعتبر جهاز الاستخبارات المحلية في ريف حلب سرياً، لكن عناصره تجاوزا المهام الموكلة إليهم، وأشهروا انتسابهم للجهاز، واستغلوا بشكل كبير السلطات الواسعة التي منحت لهم في غير مكانها. ويُفترض أن تكون جهود الاستخبارات المحلية موجهة لملاحقة وتعقب الخلايا الأمنية التابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" وتلك التابعة للنظام، وخلايا التفجيرات المرتبطة بـ"وحدات حماية الشعب"، لكنها بدأت بالتدخل في المؤسسات الخدمية الناشئة في المنطقة، وأخذت دور قوات الشرطة في كثير من الأحيان، وكان عناصرها طرفاً في المنافسات التي تنشأ عادة بين أهالي مدينة ما على منصب أو وظيفة في مؤسسة خدمية. عناصر من الجهاز اتهموا بكتابة تقارير كيدية.

وبعد جهاز الاستخبارات المحلية، من حيث السلطات الممنوحة له، يأتي جهاز "الشرطة العسكرية" الذي أعلن عن تأسيسه في "درع الفرات" في 20 شباط/فبراير 2018، وهو جهاز أمني مختص بملاحقة العسكريين المخالفين من فصائل المعارضة المسلحة في المنطقة، وبإمكانه التدخل في النزاعات التي تنشب بين الفصائل، أو بين الفصائل والمدنيين، ويتبع له عدد كبير من الحواجز في ريف حلب، ويتبع له محكمة مقرها مدينة الباب حيث المقر الرئيس للشرطة العسكرية، ويتبع لها ثلاثة فروع؛ في الراعي وجرابلس، وإعزاز. ويعتمد بشكل كبير على جهاز الشرطة العسكرية لضبط الأمن في منطقة عفرين، بعد السيطرة عليها وانتشار الفوضى الأمنية.

واتبع في تشكيل "الشرطة العسكرية" نظام المحاصصة بين فصائل المعارضة المسلحة في المنطقة. الفصيل الأكبر يأخذ مناصب قيادية وعدد عناصر أكثر في الجهاز. ويزيد عدد عناصر "الشرطة العسكرية" عن 1000 عنصر، ويتبع لـ"شعبة المخابرات التركية"، وتدفع رواتبه بنفس الطريقة التي تدفع لعناصر "جهاز الاستخبارات".

وتأتي قوات الشرطة والأمن العام في المرتبة الثالثة من حيث القوة، على الرغم من أنها الأكثر عدداً وانتشاراً، وتتبع لها مديريات المرور، والجنائية، ومكافحة الإرهاب، والدوريات. ويزيد عدد عناصر الشرطة في منطقة "درع الفرات" عن ستة آلاف عنصر. مراكزها الرئيسية موجودة في إعزاز والباب والراعي وجرابلس ومارع، وأخترين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها