الإثنين 2018/04/30

آخر تحديث: 18:56 (بيروت)

مرشحون لا يصمتون!

الإثنين 2018/04/30
مرشحون لا يصمتون!
انتخابات المغتربين.. اختبار حيّ لجهوزية الماكينات
increase حجم الخط decrease
لم تأخذ الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية، أو حتى وسائل الاعلام، انتخابات المغتربين اللبنانيين في بلدان الانتشار، على محمل الجدّ. احتفل المسؤولون بـ"الانجاز" الذي يتحقق للمرة الأولى، وواكبت بعض وسائل الاعلام عملية الاقتراع وحولتها الى "صندوق فرجة". لكنها لا تتخطى هذا الاطار الشكلي، بالنظر الى ان مفاعيلها المتعلقة باصول الانتخاب، لم تُراعَ، في ما بدا أنه "انجاز" شكلي منفصل عن الانتخابات اللبنانية.  
فقد مرّ الاقتراع على مدى يومين من غير اعتداد بالصمت الانتخابي، والموجبات القانونية له. بموازاة فتح صناديق الاقتراع في 6 دول عربية في 27 نيسان (ابريل)، وبعدها في 34 دولة أجنبية في 29 منه، كان المرشحون اللبنانيون يستكملون جولاتهم الانتخابية، ويطلقون التصريحات والمواقف.. ولم تتوقف وسائل الاعلام عن بثها، خلافاً لأي أصل قانوني متعارف عليه في أي بلد في العالم. 

عملية الفصل بين الاقتراع في الخارج، والاقتراع في الداخل، يحمل اشارات مثيرة. هل يؤمن المرشحون فعلاً أن عملية الانتخاب في الخارج، هي جزء من انتخابات 6 ايار (مايو) المقبل؟ أم أن عملية الاقتراع في بلدان الانتشار هي مجرد "بروفا"، وتدريب حيّ على الانتخابات المزمعة يوم الاحد المقبل؟ 

على طريقة "التوافق" اللبناني، لم يُحسم ما إذا كان الصمت الانتخابي مطلوباً قبل فتح صناديق الاقتراع في عواصم العالم. فالممارسة المتعارف عليها عالمياً، تعتبر أن عملية اقتراع المغتربين جزء لا يتجزأ من العملية الكلية، وتقضي باعتماد الصمت الانتخابي في الداخل والخارج.

أما هيئة الاشراف على الانتخابات، فذهبت باتجاه التسوية، حينما تركت الموضوع ملتبساً، بقولها في بيان أصدرته في 25 نيسان: "على جميع وسائل الاعلام في الخارج التي تقوم بتغطية عملية الاقتراع الالتزام بالمادة 78 من قانون الانتخاب رقم 44 - 2017 لجهة عدم بث أي اعلام أو دعاية أو نداء انتخابي مباشر". واستتبعت الفقرة بفقرة أخرى قالت فيها: "على جميع وسائل الاعلام التقيد فقط بالبيان رقم 20 الصادر عن هذه الهيئة بتاريخ 24/4/2018 والمتعلق بالصمت الانتخابي بالنسبة الى الانتخابات التي ستجرى في لبنان بتاريخ 6 ايار 2018". 

البيان الفضفاض للهيئة، لم يحسم الجدل "القانوني". فإذا كانت قد ألزمت المرشحين بالصمت الانتخابي، فإن هؤلاء قد خرقوه، ما يعني أن هناك خرقاً للقانون يستوجب التحرك. وإذ كانت أجازت التصريحات والمواقف للمرشحين في وسائل الاعلام المحلية حصراً، فإنها تكون قد أخطأت بصياغة قانون لا يأخذ في الحسبان أمرين: أولهما ان الناخبين في الخارج يقترعون لمرشحين في لبنان، ما يستوجب على المرشحين هنا الصمت الانتخابي. والامر الثاني أنها لم تأخذ في الحسبان التطور الرقمي الذي يتيح للتصريحات هنا أن تصل مباشرة الى الناخبين في الخارج والتأثير عليهم (إذ كان هناك من خطاب اعلامي مؤثر في القاعدة الناخبة من شأنه أن يبدل مزاج الناخبين)!

هذا التردد "القانوني" فتح باباً للجدل. وبوجود جدل، فإن أمراً لن يكون محسوماً، بذريعة فتحه نافذة للإنقسام. انعكس الجدل في مواقع التواصل الاجتماعي التي ناقش مستخدموها "قانونية" التصريحات من عدمها، وضرورة الصمت الانتخابي من عدمه. الاول استند الى بيان هيئة الاشراف على الانتخابات، والثاني استند الى بيان "مهارات" حول خرق الصمت الانتخابي. 

ضاعت المسألة بين منصات التجاذب والاتهامات السياسية. وفي الوقت نفسه، كانت الجولات الانتخابية والمهرجانات الانتخابية قائمة، وكان المرشحون يظهرون مباشرة على الشاشات، حشداً للمقترعين، وتحريضاً للمسيسين والطائفيين، وتسفيهاً لضرورات الوحدة الوطنية والعيش المشترك.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها