الأحد 2018/04/29

آخر تحديث: 17:02 (بيروت)

المجلس الوطني الفلسطيني:"الختيارية" باقون والشباب مَنسيّون!

الأحد 2018/04/29
المجلس الوطني الفلسطيني:"الختيارية" باقون والشباب مَنسيّون!
increase حجم الخط decrease
مع علو صوت المناكفات المُملّة بين القيادات والفصائل التقليدية عشية انعقاد المجلس الوطني الذي هو بمثابة برلمان "منظمة التحرير" الفلسطينية، يتجلّى في خضم هذا الصخب صراعٌ آخر، وإن كان صامتاً ويُغمض السياسيون أعينهم عنه بائسين. هو صخب غير ذلك المعتاد بين فتح وحماس، مثلاً، أو حتى بين الأحزاب التقليدية. إنه صراع جيلين، جيل الشباب المنسي الموجود خارج المنظمة والأحزاب، وجيل قديم ومتهالك متشبث بالقيادة ويأبى أن يُفارق حتى الممات.


ولوحظ في الأيام الماضية والتي استبقت جلسة المجلس الوطني الفلسطيني المرتقبة في رام الله، الإثنين، ملاسنات متبادلة بين قيادات في منظمة التحرير نفسها ومقاطعة للجبهة الشعبية (ثاني أكبر فصيل في منظمة التحرير)، لنجد أن كل الصراعات محصورة على سبعيني وسبعيني؛ بمعنى آخر هو صراع بين قيادات عتيقة تتبادل الخطاب نفسه دون تجديد ودون أن يرتقي لما يطمح إليه المجتمع الفلسطيني الذي هو أساساً "فتيّ وشاب" كما تؤكد الإحصاءات. بَيدَ أن المفارقة تكمن في أن الأقلية "الكهلة" هي التي تصنع القرار، وأما الأغلبية الشابة فهي خارج كل شيء.

والواقع، أن صوت الشاب المنتقد لطريقة وتركيبة منظمة التحرير ومؤسساتها وكواليس صياغتها حسب مقاس "الختيارية"، لا نسمعه بشكل واضح إلا من خلال منشورات أو تغريدات أو مقالات في مواقع التواصل الإجتماعي خاصة، والشبكة العنكبوتية عامة؛ ما يظهر حجم الفجوة الحاصلة بين الشباب المنسي والجيل القديم، ثم يأتون فوق ذلك كله ليلجأوا الى خطاب تنظيري؛ سعياً منهم لتبرير بقائهم حتى الممات.

وفي السياق، ترصد "المدن" منشوراً للشاب مجدي أبو زيد، الذي يشغل موقع مدير تنفيذي لشبكة "أمان"، في صفحته الفايسبوكية، يحاول فيه أن يعلي صوته في مقابل الضجيج الناتج عن صوت "القادة العجزة"، ويقول: "على هامش انعقاد المجلس الوطني في هذا الظرف الخطير، ومع احترامنا للفصائل الوطنية والاتحادات والمنظمات الشعبية؛ لكن الشعب الفلسطيني اليوم متنوع ولديه مؤسسات وقادة رأي ومناضلون من اتجاهات غير ممثلة وفق التركيبة القديمة للمجلس. فالمجلس الوطني برلمان الشعب الفلسطيني ولا يقتصر على فتح ومجموعة الموالين!. لا أفهم كيف يمكن تجاهل قادة رأي ومؤسسات فاعلة وموثرة على المستويات المحلية والدولية".

ويطرح أبو زيد امثلة لعدد من الأسماء الفاعلة جلها لشباب في الثلاثينيات والأربعينيات من العمر والتي يُمكن أن تدخل معترك المجلس الوطني وبقية مؤسسات منظمة التحرير.
ويذهب الصحافي الأربعيني علي دراغمة إلى أسلوب الإنتقاد الضمني اللاذع لما يجري على هامش "الوطني" عبر منشور على صفحته الفايسبوكية. ولم يُخفِ دراغمة في حديثه لـ"المدن" امتعاض عدد من الفصائل الكبرى في منظمة التحرير من انتقاده وتلميحه اتجاههم، فتتصل به قيادات لتطالبه بالكف عن ذلك، وتقول له أنه من المستحسن أن يدعو جميع فصائل المنظمة للمشاركة في جلسة "الوطني" والإنتقاد من داخله لا من خارجه.

وبالرغم من الخطاب المهترئ الذي لا يزال مسيطراً على التركيبة السياسية الفلسطينية، إلا أن ثمة أصواتاً في أروقة منظمة التحرير تحاول جاهدة لإحداث تغيير وتجديد في الشكل والمضمون.

ويعبر عضو المجلس الوطني الفلسطيني نبيل عمرو عن هذا التوجه عبر لهجة خطابية تبدو خافتة نوعاً ما، لكنه يقول إن هناك صراعاً جدياً سيكون عند انعقاد المجلس (بعد غياب دام عشرين عاماً) بين قوى التجديد فيه وأخرى تريد أن تبقي الحال على ما هو عليه، فتعتبر أن مجرد انعقاده هو الإنجاز بعينه.

غير أن مراقبين يعتقدون أن قيادة السلطة الفلسطينية تهدف من "الوطني" في نهاية المطاف أن تُهندسَ منظمة التحرير على رغبتها، بغية ترسيخ أغلبية تلتف حول قراراتها دون معارضة؛ ابتداء من مجلسها الوطني ومروراً بلجنتها التنفيذية وانتهاء ببقية مؤسساتها ونقاباتها واتحاداتها.
ولهذا يرى شبان أن امراً لن يتغير في المجلس الوطني، فاليوم التالي لإنعقاده لن يختلف كثيراً عن سابقه، مما يجعلهم يعتبرون أن التغيير الذي سيتمخض عنه المجلس الوطني سيقتصر فقط على بعض الوجوه لا الجوهر والسياسات. فقد يتغير عشرين اسماً، ولكن ماذا يعني ذلك ما دام الجوهر لم يتغير، والبرنامج السياسي لم يتطور؟.

وسط ذلك، تراقب شريحة شبابية ما يجري بصمت، لكنها تتساءل بأسلوب غير مُبالٍ: "ماذا لو لم ينعقد المجلس الوطني ولم يحدث نصاب قانوني للجنة التنفيذية؟... ماذا لو لم ينعقد المجلس ولم يحدث نصاب قانوني؟!.. ماذا سيتغير علينا".

وبينما يزاحم "الختيارية" و"العجزة" أنفسهم في المجلس الوطني، ينعكس ذلك خوفاً يُبديه الجيل القديم من الأجيال الشابة التي لم تعد تُؤمن بأي فصيل من أقصى يمينه إلى اقصى يساره.

ويبدو أن هؤلاء يريد شباباً مستسلمين لما يُصطلح عليها "القيادة التاريخية"، باعتبار السن والخبرة والحرص، رغم أن ما سبق لم يقدم في الزمن المعاصر شيئاً للشعب الفلسطيني. هم يريدون شباباً يقومون فقط بدور "حراسة البوابة" التي يدخل منها "الختيارية"، و"مساعدتهم كي لا يتعثروا"، كما قال أحد المغردين في "فايسبوك".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها