الثلاثاء 2018/04/24

آخر تحديث: 15:13 (بيروت)

في رثاء هيئة الإشراف على الانتخابات..

الثلاثاء 2018/04/24
في رثاء هيئة الإشراف على الانتخابات..
increase حجم الخط decrease
لم يكن أمام هيئة الاشراف على الانتخابات أي خيار سوى الحقيقة.. ولم يكن أمام وسائل الاعلام الا تلقفها، والبناء عليها، لتأكيد المؤكد بأن الانتخابات اللبنانية ستجري بلا رقابة. وإذا وجدت الرقابة، فإنها بلا سلطة. وإذا وجدت السلطة، فإنها ستكون على وسائل الاعلام فقط، لا على أركان السلطة السياسية والمرشحين القادرين. 
عاجزة هي هيئة الاشراف على الانتخابات. لم تستطع اخفاء عجزها.. وقادرة وسائل الاعلام غير الحزبية، على إظهار هذا العجز، ونعي الرقابة على الانتخابات، ونزاهة وحيادية الانتخابات نفسها، في ظل غياب قوة تحمي القانون، وانفلاش القانون نفسه على ثقافة "الغابة"، حيث يحق لأركان السلطة ما لا يحق لغيرهم.. وهم، بذلك، خارج الرقابة وخارج الاشراف، وعاصون على القانون!

فالاعلام، بحسب ما يمكن استنتاجه من المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس، هو مقصد الاشراف. سيكون منكشفاً، ومكسر عصا، وممسوكاً من قبل السلطة والهيئة على حد سواء. هو فشة خلق الرقابة. وبدلاً من أن يكون جزءاً من المشهد الذي يلزم مراقبته، انحصرت الرقابة فيه. ذلك ان الاعلام، وتحديداً غير الحزبي، يغرد بلا غطاء سياسي. غطاؤه الوحيد، يتمثل في الشخصيات التي يستقبلها، وتمثل حصانته، حتى لو اضطر للمخالفة باستضافتها خارج اطار الرقابة، بغرض حماية نفسه.  

ماذا عن الملايين التي تُنفق في اللوحات الاعلانية؟ ماذا عن الملايين الأخرى التي تدفع للترويج لمرشحين في مواقع التواصل الاجتماعي؟ ماذا عن الزيارات الانتخابية، واللقاءات الشعبية، واصدقاء المرشحين وأهالي المحلة؟ ماذا عن المعلومات القادمة من استراليا بأن جزباً كبيراً يعد بدفع تذاكر السفر للناخبين بغرض الاقتراع في لبنان؟ والمعلومات الأخرى التي يتحدث عنها مرشحون، بأن هناك شراءً للأصوات الانتخابية؟ ماذا عن الاشكالات والاستعراضات المسلحة، وضرب المرشحين، وخطابات التخويف والتجييش والتطييف؟ 

وحدهم أركان السلطة قادرون على ارتكاب تلك التجاوزات. ووحدهم القادرون على النفاذ من الرقابة. هيئة الاشراف لا حول لها ولا قوة، ولا أذرع ولا موظفين ولا تمويل! تكابر الهيئة على ظروف عجزها، لكن ذلك يمكن استنتاجه ببساطة. 

تحركت وسائل الاعلام على خط اعلان الاستنتاج. هي في الواقع، نعت الهيئة والاشراف على حد سواء، ليس بسبب الشكوك التي رسمت حول نزاهة الانتخابات وشفافيتها فحسب، بل لأنها وجدت نفسها المقصد من الاشراف وهيئته. وجدت نفسها بلا غطاء، وبلا ظهر، ما يعني أنها معرضة لعملية ابتزاز: اما أن يكون الاعلام "ودوداً" مع السلطة، ومطبلاً لها، وإما محاكمتها بعد الانتخابات بوثائق وأدلة هيئة الاشراف التي خصصت ثلث كادراتها البشرية لرقابة وسائل أداء الاعلام!

كان لزاماً على وسائل الاعلام أن ترى في اعلان الاخفاق، استنسابية في الرقابة. توقفت "الجديد" في مقدمتها الاخبارية عند "اللاجدوى" من ايجاد هيئة رقابية، بالقول انه يستطيع المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع أن يقوم بدورها، طالما أن السلطة قوضت صلاحيات هيئة الاشراف، وألزمتها بالاشراف على وسائل الاعلام حصراً، لا المرشحين. وقالت: "مشكلة اللبنانيين والمرشحين والناخبين على حد سواء هي المخالفات السياسية وخرق القانون وليست في مدى تناول وسائل الاعلام هذه المادة او تلك". 

بدورها، اعتبرت "ام تي في" في نشرة أخبارها أيضاً ان المؤتمر الصحافي لرئيس هيئة الاشراف على الانتخابات اقل ما يقال فيه ان الهيئة لا تحمل من المهمة الا العنوان. واذا كانت لها من صلاحيات فهي "المرجلة على الصحافيين ووسائل الاعلام دون السياسيين طبعاً، وقد ترك رئيسها انطباعاً بأن الانتخابات فالتة يراقبها حكم أعمى". 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها