الخميس 2018/04/19

آخر تحديث: 19:09 (بيروت)

مكافحة التحرش الجنسي عربياً.. دومينيك سباقة؟

الخميس 2018/04/19
increase حجم الخط decrease
تكاد المغنية دومينيك حوراني تنفرّد بين زميلاتها من مغنيات الفنّ السائد أو البديل، بطرح موضوع التحرّش ضمن أعمالها. وهي إذ أقدمت عليها هذه المرة، مصورة المتحرش لفظياً بهيئة رجل كاريكاتوري يستحق التقريع، فإنها تخوض غمار هذه القضية، بجرأة كبيرة، بصرف النظر عن مستوى الاغنية من ناحية فنية. 

بحث سريع على محرّك "غوغل" سيظهر للمستخدم عشرات الأغنيات الحديثة التي تتناول موضوع مكافحة التحرّش والتمييز الجنسي. فقد كان لحملة "Me Too" في العام الأخير أثرها على المشهد الفني، ولم تخترق هذه الحركة الساحة الهوليودية فحسب، بل ألهمت مغنيات البوب أيضاً لغناء تجاربهن مع العنف الجنسي. أما في العالم العربي حيث "أغنية الحب" تكاد تنفرد بالإصدارات السائدة، فلم تصل هذه الصيحة إلا أخيراً. أما صاحبة هذه الخطوة فهي المغنية اللبنانية دومينيك حوارني.

وتقدم حوراني أغنية بعنوان "5 دقايق" (لم تطلق رسمياً بعد) تروي فيها المغنية وقائع دقائق معدودة كانت كافية لكي يتحرش بها لفظياً عدد لا بأس به من الرجال. ترسم حوراني، في أغنيتها، صورة جامعة لأنواع مختلفة من المتحرشين بأساليبهم المتعددة من المعاكسة إلى التصفير و"الكلام الفارغ".. وبنبرتها المعتادة التي توحي بالإغراء والتحدّي، تعلن دومينيك أنها ليست "دعاية"، متسائلةً بإنزعاج "همّ الرجالة إيه جرالهم؟"

لا تخلو الأغنية، وهي من كلمات رامي أمين، من السخرية والإستخفاف بالرجل المتحرّش وإظهاره بهيئةٍ كاريكاتورية. فتسخر حوراني من "الشاب الـfunky" الذي يدّعي أنه "رايق"، ومن ذاك الذي يدّعي إزدراء باقي المتحرّشين، فتظنّه آتٍ لنجدتها لتفاجأ بأنه "جاي برضو يضايق". وتمثّل حوارني في teaser الفيديو كليب دور نادلة مثيرة ترتدي الجلد الأحمر والأسود وتسير في البار بكلّ ثقة وغرور، متجاهلةً نظرات الرجال التي تحيطها من كلّ مكان. 

تتماشى هذه المشهدية مع نمط الأغنية التهكمي، ومع الشخصية الفنية التي صنعتها حوراني لنفسها خلال مسيرتها الفنية. واللافت هو أنها لم تلجأ، في سبيل الغناء عن التحرّش، إلى تعديل صورة "فنانة الإغراء" التي تمثّلها تجنباً لإنتقادات من نوع "بتجيبي التلطيش لحالك". 
على العكس، عمدت دومينيك إلى التشبث بهذه الصورة وظهرت جريئةً ولعوبةً كالعادة، مؤكدةً أن ذنبها الوحيد هو "إني قدامهن". 

ولعل خيار حوراني بتناول موضوع التحرّش بهذا الأسلوب الساخر ينمّ عن ذكاء وتحدٍّ. وبصرف النظر عن تدني المستوى الفني للأغنية، فإنها توصل رسالة جريئة إلى مستهلكي الثقافة الشعبية، الذين لم يسمعوا بعد أغنية عربية تتطرّق إلى موضوع التحرّش، بل إلى أي موضوع مرتبط بقضايا المرأة. وذلك في مقابل عشرات الأغاني الأجنبية التي صدرت في العامين الأخيرين، وفي مقابل الكثير من الأغنيات العربية المهينة بحق المرأة من أمثال "جمهورية قلبي" الشهيرة، و"سي السيد".

وهي ليست المرة الأولى التي تغني فيها عن المعاكسة، بل كان قد صدر لها منذ فترةٍ وجيزة أغنية من نمط "المهرجان" المصري بعنوان "المزة اللبنانية". في هذه الأغنية التي تؤديها إلى جنب الفنان المصري سعد حريقة، تؤكّد حوراني مرة أخرى أن التحرّش اللفظي ليس مقبولاً مهما كان مظهر المرأة أو ملبسها. فتتفاخر بأنها "حلوة جريئة ولابسة مقطع"، لتعود وتضيف " ده مش يعني ان انا اتعاكس". 

أما عالمياً، فقد بدأ يتردّد موضوع العنف الجنسي في الأغنية الشعبية في سبعينات القرن الماضي. وقد غنّت المغنية الأميركية توري آموس عن تجربتها الشخصية مع الإغتصاب في أغنية "Me and a gun". أما في السنوات الأخيرة، فقد أثارت ريهانا جدلاً حين صوّرت كليب لأغنية "man down"، تقتل فيه رجلاً إغتصبها. كما أطلقت النجمة لايدي غاغا أغنية بعنوان “Till it happens to you" والتي ساهمت غاغا في كتابتها من أجل فيلم وثائقي يتناول موضوع العنف الجنسي داخل الجامعة. تتّسم هذه الأغنيات جميعها بالجدية وتعبّر عن الأسى الذي تعاني منه الناجيات من العنف الجنسي، وهذا ما تفتقد إليه بالطبع أغنيتي حوراني اللتين تطوفان على سطح تابو التحرّش الجنسي. فهل هناك من المغنيات من تتجرأ على غمس الأغنية اللبنانية في هذا البئر المعتم؟ 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها