الجمعة 2018/11/30

آخر تحديث: 19:11 (بيروت)

اغتيال الفارس وجنيد: "تحرير الشام" تتلطى خلف خاشقجي!

الجمعة 2018/11/30
اغتيال الفارس وجنيد: "تحرير الشام" تتلطى خلف خاشقجي!
المقاربة الأميركية لقضية خاشجقي خطت مبدأ الإفلات من العقاب و انهيار قيم الديموقراطية عالمياً.
increase حجم الخط decrease
يؤكد التعليق الرسمي الذي أطلقته "هيئة تحرير الشام"، حول مقتل الناشطين البارزين رائد الفارس وحمود جنيد في إدلب، كيف أصبحت قضية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي الشهر الماضي في اسطنبول، نموذجاً يحتذى به لإمكانية الإفلات من المسؤولية والعقاب عند تصفية وتهديد وقمع الأصوات المعارضة، لأي جهة كانت، سياسية أم إرهابية.


وقالت "الهيئة" المرتبطة بتنظيم "القاعدة"، في بيان الجمعة، أن اغتيال النشاطين "جريمة يراد توريط صاحب السلطة فيها"، مشبهة حادثة الاغتيال بمقتل خاشقجي في مدينة اسطبنول التركية في 2 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مضيفة أنه بعد عملية الاغتيال "خرجت أصوات مجهولة وبعضها محسوب على جهات تدعم الثورات المضادة لتتهم هيئة تحرير الشام وتحرض على الخروج ضدها في كفرنبل".

وتسعى "الهيئة" في بيانها، للاستفادة من المقاربات الدولية الأخيرة تجاه القضايا المماثلة وبالتحديد قضية خاشقجي، من أجل فرض نفسها كطرف سياسي يحمل شيئاً من الشرعية والوجود والاعتراف الدولي، قبيل اجتماعات "أستانة" الخاصة بالحل السياسي في سوريا، والبحث عن حل لمشكلة إدلب الخاضعة حالياً لاتفاقية هدنة بضمانة روسية تركية. و"الهيئة" هنا تحاول طرح نفسها كشريك مفاوض وتوازي بين قضية اغتيال الناشطين وبين الجرائم الأخرى التي استطاعات فيها كيانات من التفلت من العقاب نتيجة اعتبارات سياسية وتقاطع مصالح دولية.

وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان رجحت تورط "هيئة تحرير الشام" في اغتيال الناشطين "البارزين في مدينة كفرنبل بريف إدلب، يوم الجمعة الماضي، بعد تحليل معمق للأحداث ولقاءات مع الشهود، وقالت أن الاغتيال حصل على خلفية نشاطات الفارس وإدارته ومساهمته في مشاريع مدنية وتوعوية، وانتقاده المتكرر للاستبداد والتنظيمات المتطرفة؛ الأمر الذي جعله هدفاً استراتيجياً لهذه الحركات، فضلاً عن أن الهيئة هي الجهة المسيطرة بالكامل على المدينة.

ومنذ الموقف الضعيف لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه طلب العدالة لخاشقجي، وهو موقف مغاير تماماً للصوت العالي في المجتمع المدني الأميركي، لا سيما الأوساط الصحافية، أشارت صحف عالمية وخبراء ومنظمات معنية بالدفاع عن حرية التعبير، إلى خطورة تحويل القضية إلى نمط. والمقصود نمط يسهل للدول الشمولية والدكتاتورية والمنظمات الإرهابية، تصفية خصومها، من الناشطين والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وبالتحديد في دول الشرق الأوسط التي قد تكون أبرز المناطق التي تشهد نزاعات مباشرة مع السلطات، منذ الربيع العربي العام 2011.

والحال أن المقاربة الأميركية "الرسمية" لقضية خاشقجي ربما تشجع على مبدأ الإفلات من العقاب، كمحدد لعصر جديد من انهيار قيم الديموقراطية عالمياً، وبدأ ذلك الواقع المظلم يتبلور في بيان "هيئة تحرير الشام"، ولن يكون مفاجئأً رؤية حوادث مماثلة لاغتيال خاشقجي تتكرر في المستقبل، ضمن المنطقة وخارجها، بطبيعة الحال، طالما بقي النمط الجديد مستمراً.

صحيح أن الإدارة الأميركية، كقائدة للعالم، تسامحت مع تجاوزات لحقوق الإنسان، في حالات كثيرة سابقة، لصالح مصالح اقتصادية وعسكرية وسياسية، كالتسامح مع تجاوزات حقوق الإنسان في مصر خلال فترة حكم حسني مبارك، أو حتى تراجع الرئيس باراك أوباما عن خطه الأحمر بعد ارتكاب النظام االسوري مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية العام 2013، إلا أن موقف ترامب اليوم من قضية خاشجقي، رغم استنتاجات وكالة الاستخبارات المركزية، يضع معياراً جديداً، أدنى، للقيم الأميركية، وبالتالي للقيم العالمية، في حقبة من النزاعات حول الهوية وقيادة العالم الجديد.

يسمح ذلك للمنظمات الإرهابية والأنظمة الدكتاتورية، على حد سواء، بالتفكير أن بإمكانها الإفلات من العواقب في الحوادث المماثلة. والنتيجة هي حرب مفتوحة على الصحافيين والمعارضين وناشطي حقوق الإنسان، تخوضها أنظمة ومنظمات كانت ذات يوم تقلق من الرد الأميركي. كما أن موقف ترامب يعزز النموذج الصيني - الروسي في تصفية المعارضين خارج الحدود، وهو النمط نفسه الذي تبنته "هيئة تحرير الشام" كذريعة لدرء تهمة اغتيال الفارس وجنيد، اللذين نعتهما شخصيات دولية، عبر اتهام آخرين به!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها