الإثنين 2018/11/12

آخر تحديث: 20:27 (بيروت)

"المنار" أيضاً تدخل "الدولة العميقة"

الإثنين 2018/11/12
increase حجم الخط decrease
لا يمثل اطلاق قناة "المنار" برنامجاً تلفزيونياً يتعرض لقضايا الفساد ويضعها بعهدة الرأي العام أولاً، والقضاء اللبناني ثانياً على شكل اخبارات للنيابات العامة، الا تكريساً لقرار حزب الله بالدخول الى "الدولة العميقة"، ومواكبة بصرية لتعهده بإطلاق معركته ضد الفساد، التي اصطدمت، وستصطدم مستقبلاً، باعتبارات لبنانية مرتبطة بالتوازنات والتحالفات، وبالفساد نفسه التي تمأسس ضمن السيستم على مدى سنوات.  

ورغم صعوبة المهمتين، مكافحة الفساد أولاً، والكشف عنه بما يتضمن من محاذير سياسية ستنعكس على الحزب، إلا أن "المنار" تخوض هذا المعترك، للمرة الأولى ضمن برنامج متخصص، تعوّل عليه، وتدرك تبعاته، بالنظر الى ان الملفات المفترض أن تفتحها، ستعقد علاقات الحزب بحلفاء متهمين بأنهم باتوا جزءاً من منظومة الفساد، أو بخصوم سيقرأون فيها استهدافاً سياسياً، ما يقلل من حجم التأثير، وصولاً الى عدم حمله على محمل الجدّ. وهي مهمة، ستضع "المنار" أمام تحديات لن تتردد في خوضها، كما يقول المسؤولون فيها، "بسقف مرتفع". 

والحال ان القناة تخوض هذا السباق، ربما متأخرة عن "الجديد" التي سبقتها ببرنامج غادة عيد قبل سنوات، أو ببرامج أخرى اقل تخصصاً عُرضت في قنوات منافسة. يومها، لم يكن بوسع "المنار" خوض هذا المعترك لعدة اسباب، أولها أولويات القناة التي قدمت الملفات العسكرية والصراع مع اسرائيل، وبعدها "الحرب على الارهاب" على اي ملف داخلي. فضلاً عن أن الحزب، لم يكن جزءاً من "الدولة العميقة" ولم يعطها أولوية، وهو ما ينعكس نقصاً في المادة الاعلامية للقناة التي تعد امتداداً اعلامياً لتجربة الحزب، وخطته السياسية. 

فالحزب الآن، يخوض تجربته السياسية الثالثة بالدخول الى الحكومة، وعبرها الى "الدولة العميقة". في الحقبة الاولى (1992) دخل المجلس النيابي، ودخل الحكومة في الحقبة الثانية (2005)، ويدخل الى الدولة العميقة في الثالثة. ويُدخل معه "الحرب على الفساد" كجزء من خطة برنامجه السياسي الداخلي، وقد ثبّته في سلّم أولوياته منذ الانتخابات النيابية الماضية، ومهّد له بلقاءات اعلامية قبل الانتخابات تعهّد فيها بالحرب على الفساد، وكشف فيها أيضاً عن فساد مُمأسس، كان ابرزها إطلالة النائب حسن فضل الله على قناة "الجديد" قبل الانتخابات. 

إزاء هذه التطورات، تخوض "المنار" تجربة المواجهة الجديدة عبر برنامج "حقك تعرف" الذي تعرضه مساء كل أربعاء، ويتضمن تحقيقات استقصائية، واضاءات على مكامن الفساد في الدولة. البرنامج الذي يقدمه المحامي هاني ابراهيم، وتعده وتنتجه الاعلامية في في القناة، منار صباغ، مُحاط بفريق استشاري متخصص، بين أعضائه الدكتور حليم فضل الله، والدكتور حسن مقلد.

ولا يخفي القائمون على البرنامج التحديات التي تنتظرهم، وهم على اطلاع على الاسئلة المشروعة المرتبطة بالحلفاء ومحاذير تسمية الاشياء بأسمائها خصوصاً التي تطاول البيئة السياسية التي يتحرك فيها حزب الله، والمقاربات السياسية التي سيواجه بها البرنامج. لكن يبدو أنهم حاولوا تجنب كل تلك الارتدادات، عبر النفاذ من تسوية تحتم تجنب التسمية، منعاً للاحراج. 

وقالت معدة البرنامج منار صباغ لـ"المدن": "نحن نلتزم الميثاق الاعلامي للمنار الذي يقضي بالابتعاد عن الابتذال والتشهير، وهو التزام نستخدمه مع الخصم قبل الصديق"، لافتة الى ان ملفات كثيرة تضمنت اسماء ومعطيات عن اشخاص "جرى تجاهلها والتعتيم عليها، لأنه ليس من مهتمنا التشهير، بل الإضاءة على مكامن الفساد"، مستشهدة بتحقيق استقصائي سيعرضه البرنامج عن الهدر في الابنية الحكومية "تضمن اسماء على لسان أحد الضيوف، جرى حذفها".

وقالت: "أثبتت تجربتنا في المنار اننا موضوعيون ودقيقون"، لافتة الى ان محاذرة التشهير "ينطلق من مبدأ أكل العنب لا قتل الناطور". ووفق المبدأ نفسه، تؤكد ان القناة "لا تعتمد عرض تسجيلات الاتصالات على الهواء أيضاً، كونه يتنافى مع ميثاق الشرف الاعلامي". 

ولا تنفي صباغ أن التجربة ستمثل تحدياً جديداً، لكنها تصرّ على أن سقف الطرح "مرتفع"، قائلة: "لا تفيد المقاربة الاعلامية اذا شهرت بفلان أو فلان. فمهمة بناء الدولة، أكثر الحاحاً من التشهير، وما خبرناه أن حجم الفساد المقونن، أكبر بكثير من ممارسات الفساد التي يرتبكها أفراد أو تيارات"، مشددة على ان "الفساد بات داخل السيستم، وقسم كبير منه بات مقونناً"، وعليه، لا تتوجس من التشكيك، قائلة: "كان هناك تشكيك سياسي بحمل السلاح والمقاومة، لذلك لا نستبعد أن يأخذ البعض هذه المهمة على محمل سياسي". 

وعما اذا كان البرنامج سيضيء على فساد داخل البيئة الداخلية للحزب، قالت صباغ ان تجربة "المنار" بهذا الجانب "تؤكد ان السقف عالٍ، بدليل فقرة "الخط الساخن" في برنامج "نهار جديد" التي تتلقى اتصالات الناس لمعالجة قضايا حياتية في داخل البيئة القريبة من الحزب في الضاحية والبقاع والجنوب، وتتطرق الى مكامن الخلل والفساد لدى بلديات أو قطاعات فاعلة ضمن تلك المناطق"، مشددة على ان التجربة "شكلت مسار ثقة كبيرة من الناس بالقناة، وهو دليل اضافي على أن سقفنا مرتفع جداً". 

وأطلق المدير العام لقناة المنار ابراهيم فرحات خلال لقاء مع ممثلين عن وسائل إعلامية مختلفة البرنامج الذي يُعنى بتوعية الناس حول حقوقهم وواجباتهم بحسب ما يقررها الدستور والقانون في لبنان. واكد فرحات ان "سقف البرنامج كما سقف المنار عالي"، وتابع: "نحن نفتح المواضيع على مصراعيها مع احترام الخصوصية وعدم التشهير بأحد انطلاقا من الميثاق الاعلامي الذي تلتزم به المنار"، ونبه الى "خطورة الوضع في لبنان والذي يحتاج الى تكاتف الجميع مع المواكبة السياسية اللازمة". 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها