الأربعاء 2018/10/03

آخر تحديث: 15:38 (بيروت)

صحافية بريطانية داخل المسجد العمري: "هنا بدأت المظاهرات الطائفية"!

الأربعاء 2018/10/03
صحافية بريطانية داخل المسجد العمري: "هنا بدأت المظاهرات الطائفية"!
increase حجم الخط decrease
نجحت الصحافية البريطانية، فانيسا بيلي، المعروفة بتأييدها الشديد للنظام السوري وترويجها الإعلامي له، في الوصول إلى داخل المسجد العمري في درعا البلد، الذي انطلقت منه أولى المظاهرات الشعبية ضد النظام في آذار/مارس 2011، وأعدت تقريراً من ساحته الداخلية، واصفة المسجد بأنه كان منطلقاً لـ"المظاهرات الطائفية والأعمال العنيفة".


وقالت بيلي أن جولتها في المسجد العمري كانت بـ"مرافقة من عناصر من قوات شباب السنّة"، وهو فصيل يقوده أحمد العودة الذي التحق وعناصره بـ"الفيلق الخامس" المدعوم روسياً في ريف درعا الشرقي. علماً أن التقرير الذي نشرته منصة "باترون" وانتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أظهر عدداً من عناصر "قوات شباب السنة" وهم يحملون الأسلحة الفردية داخل ساحة المسجد العمري، كما ظهر شخص يرتدي زياً عسكرياً ويلتقط صوراً بواسطة كاميرا فيديو لساحة المسجد، من دون تأكيد هويته إن كان صحافياً أو من العناصر المرافقة للصحافية.


والحال أن المرافقة والمساعدة التي حصلت عليها بيلي، لم تمنعها من وصف "قوات شباب السنة" بأنهم "جماعة متطرفة طائفية، سبق لهم إعلان مسؤوليتهم عن مقتل مجموعة من مقاتلي حزب الله عند أطراف مدينة بصرى الشام، قبل خمسة أشهر، وحينها أشاد الغرب بهم باعتبارهم من الثوار المعتدلين"، بحسب تعبيرها.

وأكد مصدر مطلع لـ"المدن"، أن فريقاً صحافياً مكوناً من 5 أشخاص، وصل إلى درعا البلد من طريق بلدة أم المياذن في ريف درعا الشرقي، الأسبوع الماضي، بمرافقة من عناصر "قوات شباب السنة"، وأعد الفريق مجموعة تقارير من المسجد العمري ومحيطه ومن أحياء درعا البلد، كما التقى اثنان من عناصر الدفاع المدني وأجرى لقاءات مصورة معهم.

المصدر رفض التأكيد إن كان وفد المفاوضات وقادة فصائل درعا البلد على علم أو تنسيق مسبق لهذه الزيارة، لكنه أكد أن بيلي أجرت اتصالاً هاتفياً مع قيادي في "غرفة عمليات البنيان المرصوص" سابقاً، ومع المسؤولين في "وفد المفاوضات" عن درعا البلد، وحصلت خلالها على تصريحات بشأن رؤيتهم لاتفاق درعا البلد ومستقبل المنطقة.

التقرير الذي أُعدّ من داخل المسجد العمري، حمل "طعناً وتكذيباً" لرواية المعارضة عن الأحداث التي رافقت اندلاع الثورة السورية، وتحديداً ما يتعلق منها بالمسجد، الذي يُمثل بالنسبة للمعارضة أحد رموز الثورة والرمز الأبرز في محافظة درعا. فذكر التقرير أن المسجد العمري كان "منطلقاً للمظاهرات الطائفية والأحداث العنيفة، التي كانت تخرج من داخله بعد صلاة الجمعة"، بحسب وصف الصحافية البريطانية.

كذلك، أعادت فانيسا بيلي، التذكير بمقال سابق للباحث تيم أندرسون، صاحب كتاب "الحرب القذرة في سوريا"، والذي نفى فيه أن تكون المظاهرات التي خرجت من المسجد العمري سلمية بالكامل، متحدثاً في تقريره عن سقوط العشرات من عناصر الجيش والشرطة قتلى وجرحى خلال تلك المظاهرات.

والحال أن إعادة التذكير بهذا المقال، تؤكد أن تقرير بيلي كان موجهاً بشكل مباشر للترويج لرواية النظام عن الأحداث التي رافقت اندلاع الثورة السورية من داخل المسجد العمري، ولم يكن بهدف رصد الدمار الذي لحق بالمسجد الأثريّ أو بهدف سرد الدور التاريخي له من وجهة نظر محايدة. علماً أن التقرير انتهى بوصف الوضع في أحياء درعا البلد بـ"المعقد"، حيث تضمن الشرطة العسكرية الروسية "الوقف الهش لإطلاق النار بين الجيش العربي السوري والجماعات المسلحة التي بقيت في المنطقة"، مضيفاً أن المنطقة ما زالت تسودها "أجواء من التهديد وعدم الاستقرار".

في السياق، لم تكن بيلي وحدها التي استطاعت دخول أحياء درعا البلد. فقناة "الميادين" الموالية لإيران بثت كذلك تقريراً من داخل أحد مراكز الدفاع المدني "الخوذ البيضاء"، وتحدثت إلى أبو مهند المحاميد، أحد المسؤولين في الدفاع المدني في مركز درعا البلد. وأعاد التقرير ترويج رواية النظام وداعميه، عن العلاقة المزعومة التي تربط إسرائيل بدعم "الخوذ البيضاء". كما زَعمَ المسؤول الذي ظهر في التقرير أن إجلاء إسرائيل لعناصر "الخوذ البيضاء"، في تموز/يوليو 2018، تضمن كذلك إجلاء لعناصر "إرهابية" من قادة الفصائل و"داعش".


وسبق للإعلام الرسمي للنظام أن دخل درعا البلد، عندما رفع مسؤوله علم النظام قريباً من المسجد العمري، بعد اتفاقية "التسوية" بين مليشياته وفصائل المعارضة. لكنه فشل حينها في رصد المسجد أو دخول ساحته أو إجراء أي مقابلات مع الأهالي وعناصر فصائل المعارضة.

نجاح الإعلام "الأجنبي"، سواء كان غربياً أو عربياً، حيث فشل إعلام النظام، يرسم إشارات استفهام حول الأهداف من هذا "الرصد الإعلامي" لـ"مهد الثورة السورية" وفي هذا التوقيت بالذات. كما يضع إشارات استفهام أخرى على مستقبل درعا البلد، في ظل إصرار النظام وداعميه الإعلاميين على تكرار الخطاب الإعلامي ذاته عن الأحداث التي رافقت اندلاع الثورة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها