الثلاثاء 2018/10/02

آخر تحديث: 22:35 (بيروت)

جوزيف ابو فاضل.. علاج البذاءة بالمنع

الثلاثاء 2018/10/02
جوزيف ابو فاضل.. علاج البذاءة بالمنع
إهانته لبولا يعقوبيان دعوة لإكراه النساء على الإحجام عن دورهن
increase حجم الخط decrease
يتخطى رد الاعلامي جوزيف ابو فاضل على النائبة بولا يعقوبيان، الكلام السياسي. هو جزء من حملة على النساء العاملات في الشأن العام. انتقاص من دورهن. إمعان في أذيتهن. استباحة لأعراضهن... ما جرى، أكبر من أن يوضع في إطار "بذاءة" ابو فاضل، او "عفويته" أو تسرعه أو "فلتات لسانه". ما قاله لا يمكن أن يُعطى هذا السياق التخفيفي، فهو إهانة، تستحق العقاب. 
الذكورية التي تحدث عنها البعض، ليست دقيقة. يمكن لبعض الاشخاص أن يكونوا ذكوريين،  لكنهم يعبّرون عن ذكوريتهم (رغم انها محط ادانة أيضاً) باحترام. ما قاله ابو فاضل عن يعقوبيان بأنها "مرضّعة الكل"، هو مقاربة وضيعة. ليست أقل من ذلك، ولا يمكن تبريرها. تنسحب هذه الوضاعة على كثيرين يتعاطون بالمقاربة نفسها مع كل ما يتعلق بالنساء العاملات في الشأن العام. 

تستهدف لغة الشتيمة جسد المرأة بوصفها شرفاً. لا يقتنع نجوم الصدفة بأن المرأة دخلت حلبة المنافسة، وثمة ما يمكن التنافس عليه غير جسدها. لكن العجز عن مقارعة الناجحات، والعجز عن اعلان الهزيمة، يحيي جسد المرأة كمادة للانتقاص منها. 

في هذا الشأن، لا تمثل لغة أبو فاضل، إلا دعوة لإكراه النساء على الإحجام عن دورهن. هي دفع لهن باتجاه الظل. العيش في ظل الرجل، أو الاختفاء وراء نجاحه، ومنح النساء جائزة معنوية لا تقدم ولا تؤخر بالقول: "وراء كل رجل عظيم إمرأة".

وأبو فاضل، هو جزء من بيئة ذكورية تتعاطى مع النساء بإسفاف. لم تتقلص كثيراً خلال السنوات العشرين الماضية، بل تُستعاد كلما وضعت النساء في مفصل يستحق التحدي. قبلها، ووجهت اعلامية في قناة "أن بي أن" بعبارات مسيئة من قبل وزير في حكومة لبنانية.

وبالتزامن، تتعرض الاعلامية ديما صادق يومياً لشتائم تمس شرفها، على خلفية اختلاف في الرأي أو خلاف سياسي. وإذا كان المثلان قد حضرا الآن، فلأنهما ظهرا أخيراً في الاعلام، واسترعيا الكثير من النقاشات في مواقع التواصل الاجتماعي، في حين تتعرض النساء يومياً لهذا الاختبار، عندما يزاحمهن سائق سيارة اجرة على الطريق، وعندما يعدن من عملهن ليلاً، وعندما يواجههن رجل سوقيّ بالشتائم، بغرض تحييدهن من ميدان المعركة، لأن المرأة لا قدرة لها على مواجهة الشتامين. 

وإذا كان الصنف الاخير من البشر يتمدد نتيجة غياب ثقافة اجتماعية، وغياب قانون يحمي من تستضعفهن مفاهيم اجتماعية تثبت عبارتي "كرامة المرأة" و"عرضها وشرفها"، فإن الصنف الاول لا يحتاج الى قانون يحاكمه أو يدينه.. هو في أمسّ الحاجة لاجراء اعلامي يُتخذ في المحطات التلفزيونية ومواقع الأخبار والصحف، يتمثل في منع هؤلاء الشتامين من الظهور على الشاشات. عقوبة مشابهة، تلغي الكثير من الاسفاف الوارد في الشاشات، وما يملأ البث المباشر بالهراء السياسي. 

لا يدرك ابو فاضل أن رئيس الجمهورية لا يحتاج إلى من يدافع عنه بإسفاف، لأنه يحرجه أيضاً. ولا يحتاج إلى من يحاول الغاء الانتقادات ضده، لأن ميزة لبنان في حرية إبداء الرأي.. ولا ينتظر رئيس الجمهورية ابتسامة من مذيع البرنامج عندما تفوه ابو فاضل بكلماته. فالنكات التي تستهدف جسد المرأة، لا تُضحِك. مثل هؤلاء، يعالَجون بعقوبة المنع من الظهور.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها