الإثنين 2018/10/01

آخر تحديث: 17:44 (بيروت)

"أم تي في" في "ميس ليبانون" 2018: أنا الملكة!

الإثنين 2018/10/01
"أم تي في" في "ميس ليبانون" 2018: أنا الملكة!
الانتقادات اعتبرت في معظمها أن وعود القناة بالتغيير الجذري لم تتحقق (غيتي)
increase حجم الخط decrease
الجهود الضخمة التي بذلتها قناة "إم تي في" لجعل حدث انتخاب ملكة جمال لبنان للعام 2018، يبدو مختلفاً ويتميّز عما سبقه، جاءت ترجمتها في حفلة مساء الأمس، بعد أشهر من التحضيرات، راهنت من خلالها القناة على تقديمها بشكل استثنائي يتخطّى التوقعات، ما جعل ساعات البث التلفزيوني لهذا الحدث، الأضخم في تاريخ التلفزيون اللبناني.

"إم تي في"، التي حصلت على الحق الحصري لتنظيم وبث حفلة انتخاب ملكة جمال لبنان بعد انتزاعها من قناة "ال بي سي"، ظهرت وكأنها تريد أن تثبت للجميع بأنها بحجم التحدّي، بعد إضفاء طابعها الخاص عليه. فلم تأل جهداً في تنظيم الحفلة بمعايير عالمية، بعد استقدام ريما فقيه، اللبنانية الأصل والحائزة على لقب ملكة جمال الولايات المتحدة للعام 2010، للإشراف على كافة مراحل وتفاصيل اختيار المشتركات وتدريبهن وتأهيلهن للظهور بشكلٍ متألق على أكثر من صعيد. في حين تمّ العمل على أدق التفاصيل لضمان ضخامة الإنتاج والإخراج الاحترافي، بموزاة استخدام كاميرات فائقة الدقة، تغطّي الحدث وتواكبه من جوانبه كافة باستخدم أحدث تقنيات النقل التلفزيوني. فأضفت على الحفلة لمسة احترافية بلغت حد الإبهار طوال ساعات العرض.

الحفلة، التي حافظت على صيغتها المعروفة لناحية الالتزام بالفقرات وتسلسلها، تركت انطباعاً لدى البعض بأن المضمون لم يوازِ الزخم الاعلامي الدعائي الذي رفع التوقعات إلى اقصاها. إذ أنّ "إم تي في" ما انفكّت، طوال الفترة السابقة، تطلق الوعود بأنها ستقلب المعايير التي درجت عليها آليات تنظيم المسابقة، وأنها لن تكتفي بالعمل على التغيير في الشكل، بل ستعمل على رفع مستوى "ميس ليبانون" لجهة الاهتمام بالحيّز الثقافي والأخلاقي، وافساح حيّز مهم لعامل الذكاء والتركيز عليه من حيث التقييم بشكل يفوق السنوات السابقة. وهو الأمر الذي التزم به القائمون على المسابقة، من خلال تنظيم الدورات وورش العمل التي شاركت فيها المتسابقات، وتمحورت حول مهارات القيادة وفنون التواصل والتنمية المستدامة، بموازاة الحوارات والنقاشات حول إبراز دورهن في المجتمع لناحية مناصرة قضايا المرأة وحقوقها، إلى جانب كيفية السعي لجعلهن فاعلات ضمن هذه الأطر، وصولاً إلى تدريبهن على الاطلالة المسرحية وقوفاً ومشياً وكلاماً.

الانتقادات في مواقع التواصل التي تلت عرض الحفلة، اعتبرت في معظمها أن وعود القناة بالتغيير الجذري لم تتحقق، وأن الحفلة ما زالت على النسق السابق نفسه، لجهة شكل الفقرات ومضمونها. لكن الواقع لا يعني بأي حال بأن التغيير يعني انتفاء التشابه، إذ يستحيل التغيير الكامل، كون المسابقات، على اختلاف حلاتها، قديمة أو جديدة، لا يمكن ألا تتشارك في كثير من الفقرات والعناصر، خصوصاً في ما يتعلّق بالعمل على العنصر البشري، الذي يبقى خارج التحكّم، لا سيما من قبل "إم تي في" ومنظمي حفلها. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تقوم أسس المسابقة على الشكل والجسد والطلّة والحضور في المقام الأول. وهذه قواعد يستحيل تغييرها، كون مفهومنا للجمال لم تدخل عليه اختلافات جذرية. وهذا ليس حكراً على المجتمع اللبناني، بل لعله موجود في العالم أجمع، إذ تُخصص المساحة الأهم للمقومات الجمالية المتعارف عليها، يليها المستوى الثقافي أو الفكري.

ومع أنه من الواضح أن أسئلة لجنة التحكيم، في احتفال الأمس، بدت متماثلة بنسبة كبيرة مع الأسئلة المعتادة، إلا أنّ إجابات المتباريات كانت مختلفة عما اعتدناه، فتراوحت بين المقبول والجيّد والممتاز، ما يعكس فعالية التدريب الذي تلقَّينه. في حين أن بعض إجابات المتباريات خلال السنوات السابقة، يمكن وصفه بالفضيحة والكارثة، لجهة الغباء المطبق، وهو ما لم نلحظه في إجابات الأمس، رغم بعض الارباك أو التعثّر في الكلام.

من هنا، يظهر أنّ مفهوم التغيير الجذري الذي توقعه البعض، يجافي المنطق، إذ ليس في استطاعة "إم تي في"، أو غيرها، نسف الأسس السابقة وإرساء أخرى جديدة، مهما كانت ثورية الفكرة جذابة، ومهما وعدت المبالغات الدعائية بتخطي التوقعات وكسر أنماطها. ففي الكثير من جوانب الحفلة، لا يمكن تقديم أفضل مما كان، وهو الأمر الذي لم يستسغه كثر من الناس الذين أدلوا بتعليقاتهم في السوشال ميديا، وبدا أن خيالهم أوحى لهم بأن "إم تي في" قادرة على تحقيق ما لا يمكن تحقيقه. فالمسابقة هي لاختيار ملكة جمال. فلا المشتركات ولا الحكام، يُنتظر منهم أداء يوازي متطلبات مسابقات أدبية أو شعرية أو فنية. ليس المطلوب تغيير هوية المسابقة ولا طبيعة المشرفين عليها ولا المشاركين فيها.

اختيار الإعلامي مارسيل غانم لتقديم الحفلة، إلى جانب العارضة والمذيعة أنابيلا هلال، رفع المستوى العام، وأتى منسجماً ومتناغماً إلى حدّ كبير مع اختيار أعضاء لجنة التحكيم، الذين لا يمكن التشكيك في أنّ معظمهم له حضوره البارز مجاله، وبأنهم من أصحاب النظرة الدقيقة التي تمكّنهم من التقاط الجمال ووضع معاييره. وهو ما جعل اختيار مايا رعيدي لتتوّج بلقب ملكة جمال لبنان، أمراً اتفق عليه معظم المتابعين من دون أن يستفز أو يغيط المعترضين عليه في الوقت نفسه. ورغم أن إجابات الوصيفتين الأولى والثانية، وأسلوب تعبيرهما كان أفضل من حاملة اللقب، إلا أنّ جمال الوجه المرفق بتفاصيل الجسد حسم النتيجة. وخيراً فعل الحكّام، إذ أنّ اللبنانيين في السنة المقبلة يمكنهم أن يغضوا الطرف عن التلعثم في الإجابة على سؤال، وهو أمر يمكن استدراكه وتطويره لاحقاً، في حين يستحيل عليهم التسامح مع اختيار من يفترض أنها أجمل فتاة في لبنان، ولا تليق إطلالتها أو تتناسب مع الصيت الذائع للجمال الذي تمتاز به اللبنانيات.   
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها