الأحد 2017/08/27

آخر تحديث: 18:46 (بيروت)

فتح "يوم الحساب" بوجه عائلات العسكريين

الأحد 2017/08/27
فتح "يوم الحساب" بوجه عائلات العسكريين
في صحافة العسكر الممتدة منذ حرب الفوكلاند الى ما بعد حروب الجرود، العبرة في النهايات
increase حجم الخط decrease
المشهد اللبناني مربك.. ولا شيء قادراً على إزالة هذا الارباك سوى جلاء مصير العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى "داعش"، بالتزامن مع تأكيد الانتصار على التنظيم الارهابي. ورغم أن المعركة ستنتهي على شكل باصات، ربما مكيفة، متجهة الى دير الزور، فإن المشهد بأكمله أحدث صدمة إعلامية، لم يكن مصير العسكريين سبباً كافياً لها بقدر هشاشة النهاية، علماً أنها كانت متوقعة قبل بداية المعركة.

في الحروب، كما في أفلام هوليود، وفي صحافة العسكر الممتدة منذ ما قبل حرب الفوكلاند والى ما بعد حروب الجرود، العبرة في النهايات.. لا بد من "إخراج" إعلامي يكون على قدر التضحيات التي قدمت على طريق دحر التنظيم الارهابي عن كتف لبنان. الاخراج هنا، هو مركز الفشل الرئيسي ومصدر الارباك الذي أصاب مشهد التلفزيون والانترنت في لبنان عموما اليوم.

وفي مقابل توق الشاشات لاعلان النهايات، مهما كانت نتيجتها، والتنافس لاقتناص سبقٍ لم يتوفر حتى اللحظة في خيمة أهالي العسكريين في وسط بيروت، ثمة من بدا متشائماً منذ بداية اليوم. حسمُ استشهاد العسكريين ورسمُ مشهد استشهادهم قبل مزج التضامن مع أهاليهم بالمطالبة بمحاسبة من يعتبرهم مسؤولين عن اختطافهم، وهو مزج في غير مكانه لأنه يخلط بين قدسية الاستشهاد وأحزان عائلات العسكريين من جهة، وتبني خطاب سياسي اقتصاصي من جهة ثانية، يسعى للتعبئة وتجيير المواقف حتى في أقدس اللحظات التي عادة ما يكون الصمت هو الموقف فيها.

في هذه اللحظة، ثمة من يطالب بمحاسبة رئيس الحكومة السابق تمام سلام وقائد الجيش السابق جان قهوجي والرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، و"نجم عملية الأسر منذ بدايتها حتى نهايتها" أبو طاقية.

المطالبات تلك، مصيرها مثل سابقاتها. هي تنتمي الى الذاكرة الجمعية المثقوبة التي ما فتئت ترمي بالأحداث المفصلية الى النسيان وتحتفظ بالقشور الجاهزة للإستخدام بهدف تتفيه أي حدث وطني على قدر تضحية الشهداء التسعة وعائلاتهم، إذا لم يكن مصبه ضمن اطار المصالح السياسية الضيقة.

اليوم، وحتى لو لم تكن الشهادة هي مصير العسكريين المخطوفين، فالمداولات الالكترونية يجب ان تكون لهم، لتلك السنوات الثلاث التي قضوها في الأسر أو تحت التراب.. لعلي السيد الذي لم يحنِ رأسه أثناء قطعه.. لحسين يوسف القدير الذي لم يركع ولم يعبس بوجه صحافي رغم جبال الهموم الماثلة على كتفيه. 

اللحظة الآن هي لتلك الخيم التي نصبت على بعد أمتار من كراسي المعالي والسعادة وما رأها أحد منهم.. وجلس فيها الأهالي وتحملوا الحر والقيظ.

ويمكن الجزم أن أحداً من المغردين أو الفايسبوكيين لا يمثل في هذا اليوم اهالي العسكريين التسعة.. هؤلاء، لا يهتمون بمحاسبة احد، ويريدون احتضان أبنائهم ولو كانوا رماداً. يريدون خلع ذلك السواد الذي احتل قلوبهم وأعيادهم على مدى ثلاث سنوات، وأتعبهم لكنهم لم يستسلموا.

لن يغرد الأهالي اليوم لمعادلة "الشعب والجيش والمقاومة"، كما فعل المغردون الذي وضعوا شهادة ابنائهم في قلب تلك المعادلة.. فالشعب منقسم حتى على قدسية قضيتهم. هذه الثلاثية، خرجت صورٌ من القلمون تدحضها وتضع عنصراً جديدا مكان الشعب فيها. ويتمثل في اختلاط أعلام لبنان وسوريا وحزب الله على تلال الجرود، الثلاثية الأصدق التي حكمت وتحكمت بلبنان منذ ثلاثة عقود، وتبدو الأرزة هي الحلقة الأضعف فيها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها