الخميس 2017/06/15

آخر تحديث: 18:30 (بيروت)

#مش_بالسيف: احتجاجات تونسية على سجن المُفطرين

الخميس 2017/06/15
increase حجم الخط decrease
جبهتان، تقاتل عليهما حملة "#موش_بالسيف" الإلكترونية في تونس: الأولى على جبهة رجال دين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي لـ"التشهير" بالمفطرين في رمضان، و"فضح" المطاعم والاستراحات التي تعمل في أيام شهر الصوم، أما الجبهة الثانية، فتعمل على تعزيز التوعية الاجتماعية لحقوق المواطن التونسي التي ينص عليها الدستور، إضافة إلى تكريس الحقوق الفردية وتشكيل آلية ضغط عبر الفضاء الإلكتروني لتطبيق القانون.


انطلاق الحملة، جاء هذا العام، بعدما أصدرت محكمة الناحية في ولاية بنزرت شمال شرقي تونس، مطلع الشهر الحالي، حكماً بسجن أربعة تونسيين لمدة شهر، لأنهم أكلوا ودخنوا جهاراً في حديقة عامة خلال شهر رمضان. ما أثار جدلاً كبيراً في تونس، التي شهدت أولى ثورات العالم العربي وطالبت بالحق والعدل والقضاء على الفساد. في حين برر القضاء التونسي الحكم بأن هؤلاء الشبان "اعتدوا على الآداب العامة في بلد ينص الفصل الأول من دستوره على أن الإسلام دين الدولة".

إزاء ذلك، انطلقت حملة واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم #موش_بالسيف للمطالبة بفتح جميع المقاهي والمطاعم، على اعتبار أن الاكل والشرب في الطريق العام حرية شخصية، والعقيدة والإيمان حرية شخصية وروحية، وتونس للجميع بغض النظر عن الأديان.

الحملة الإلكترونية، واكبت تظاهرة حاشدة في العاصمة لمطالبة السلطات بالسماح بفتح المقاهي والمطاعم خلال نهار رمضان والكف عن إيقاف المجاهرين بالإفطار خلال الشهر المبارك.

توسعت الحملة التي بدأت على مواقع التواصل الاجتماعي لتنظم وقفات احتجاجية وتظاهرات وأنشطة عدة ولاقت دعماً من عدد من المواطنين التونسيين.

وتقول الناشطة الحقوقية ومنسقة حملة "موش بالسيف" رحمة الصيد، أن "الحملة انطلقت بسبب جملة الاعتداءات والتجاوزات التي سجلناها منذ دخول شهر رمضان، من إيقافات للمفطرين، إلى إغلاق للمقاهي والمطاعم والحانات، إلى ملاحقات للمفطرين يقوم بها رئيس حزب ذو مرجعية إسلامية في تونس، على مرأى ومسمع من الدولة".

وتضيف في حديث لـ"المدن": "انطلقنا في مواقع التواصل الاجتماعي، ووضعنا عريضة إلكترونية للحصول على عدد محترم من الإمضاءات، تنص على إلغاء المنشور البالي، الذي تحييه الدولة التونسية وتطبقه كل شهر رمضان سنوياً، والذي يقضي بإغلاق المقاهي والحانات، ومنع بيع الخمور خلال هذا الشهر".

ربما تمر هذه الملاحقات والمضايقات بشكل عادي في عدد كبير من الدول العربية، لكن الأمر في تونس مختلف، بعد إقرار الدستور الجديد عام 2014، والذي ينص صراحة على احترام "حرية الضمير" في الفصل السادس منه، وبالتالي "يمنع أي وصاية للدولة على ضمائر الناس".

وتضيف رحمة: "شهدنا عقوبات للمفطرين في العالم العربي، لكننا نعتبر أن في تونس الأمر مختلف، فالفصل الثاني من الدستور ينص على أن الدولة التونسية هي دولة مدنية، تحتكم إلى الدستور والقوانين الوضعية، وبالتالي أصبحت مختلفة عن عدة دول عربية تطبق الشريعة الإسلامية".

#موش_بالسيف
والشعار "موش بالسيف"، يعني باللهجة التونسية "أننا لسنا مجبرين على الانصياع لما تفرضه الدولة التونسية من وصاية على ضمائرنا، والقضاء يقوم بحبس المتهمين على أساس فصول بالية، ومخالفة للدستور، وموجودة في المجلة الجزائية التونسية. وسبق لهذه الفصول، بحسب رحمة، الاعتداء على الحريات الفردية، لأنها مدرجة تباعاً في ما يسمى بالجرائم الجنسية، والفحش، على معنى الفصل 226 مكرر، الذي عوقب على أساسه المفطرون، وهو نفسه ممارسة الفحشاء في الدين، وقد قام القاضي بتأويل النص القانوني تأويلاً واسعاً، وجعله يشمل المفطرين، مؤكداً على ان ذلك التأويل "غير سليم، لأن التأويل في النص الجزائي لا يكون إلا تأويلاً ضيقاً".

وتؤكد رحمة أنهم مكمّلون في هذه الحملة: "نحن في تونس ما زلنا نعاني الويلات من القوانين غير الدستورية، وننتظر المحكمة الدستورية للطعن في عدم دستوريتها".

المؤسف أن الشارع التونسي منقسم، بين معارض لما يسمى المجاهرة بالإفطار، ومقتنع به ومدافع عنه. وهناك جزء محافظ من الشعب يؤيد العقوبات على المفطرين علناً.

وقد نشر الداعية التونسي المعروف، عادل العلمي، فيديوهات في مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيها وهو يتنقل بين المقاهي والمطاعم المفتوحة في شهر رمضان، ويصور المفطرين من "أجل فضح ممارساتهم"، قائلًا أن ما يقومون به "مخالفة شرعية وقانونية". وقد استنكر رواد مواقع التواصل الاجتماعي ممارسات العلمي معتبرين ذلك تعدياً على الحريات الشخصية.

وتختم رحمة الصيد: "حملتنا كانت لفرض احترام الدستور، والفصل السادس منه، وإلغاء المناشير البالية القديمة غير الدستورية، والدفع بعدم دستورية بعض القوانين التي عوقب بموجبها المفطرون". وتشدد رحمة على أنه ليس للقانون أن يتدخل قطعاً في حرية المعتقد، وأن الدولة تحمي حرية المعتقد وحرية الضمير، وهذا مكفول في الدستور التونسي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها