إثبات الذات اللبنانية بالتضامن مع القدس.. افتراضياً

التغريد التضامني مع القدس، على جديته، تحول خلال 24 ساعة من تعليقات عاطفية، الى رثاء للذات العربية. لم يبدِ اللبنانيون سخرية في تعليقاتهم، حتى من "مسببي حالة الاحباط"، خلافاً للكثير من المغردين العرب الذين انتقدوا العرب أيضاً، وسياساتهم التي أدت الى هذه النتيجة. 

اللبنانيون بهذا المعنى، كانوا أكثر واقعية، في تحولهم الافتراضيّ. ربما لأن القدس، تجمع الكل تحت عباءتها، ولا سبيل للانقسام السياسي عليها، بدليل تصريحات المسؤولين اللبنانيين المنددين بالخطوة الاميركية، على مختلف توجهاتهم. 

لكن "إثبات الذات" الالكترونية، التي اجتاحت الشاشات، ليل الأربعاء، باستعراض التضامن، استحالت واقعية. إذ تكاثرت الاسئلة عن الجدوى من حضور الكتروني لا يقترن بعمل مؤثر. هؤلاء المتعاطفون، والمحبطون على حد سواء، يمتلكون القدرة على القول والتعبير، لكنهم لا يمتلكون أي قدرة على التغيير في المشهد. ليسوا مؤثرين فيه، كما لم يكونوا يوماً مؤثرين حتى في قضايا تعنيهم ومرتبطة بهم في الداخل المحلي. 

من هنا، خرجت موجة جديدة من الانتقاد للاستعراض، والمبالغة فيه. ويسأل مغرد عما اذا كان لف صورة البروفايل بصورة القدس، يستطيع أن ينهي القرار الأميركي؟ أو إذا كان نشر أغنية فيروز الشهيرة "يا قدس يا مدينة الصلاة"، سيبعد هيمنة اسرائيل عن المدينة المقدسة؟ 

قد يكون الاحباط دافعاً للخروج الى هذا الشكل من الخطاب، لكنه في الوقت نفسه خطاب طوباوي واستسلامي. فالعجز عن تحدي القرار، المحصورة معالجته في المستويات السياسية العربية المؤثرة، وبعلاقاتها الدولية، وربما بالفصائل الفلسطينية المسلح، لا يعني حكماً أن التضامن فعل مبالغة. فلسطين تستحق، على الاقل بحجم استطاعة كل فرد. واذا كان التغريد وسيلة للتعبير عن الغضب، فهو حكماً وسيلة لتسجيل موقف، رداً على أذية ترامب للمشاعر العربية.