newsأسرار المدن

.. وما زال المدونون الروس يكافحون بروباغندا الكرملين

المدن - ميدياالثلاثاء 2017/10/03
التلفزيون الروسي + بوتين.jpg
الحصول على مصادر معلومات بديلة لا يعني بالضرورة الحصول على نوعية معلومات مختلفة (غيتي)
حجم الخط
مشاركة عبر
مازال التلفزيون الرسمي الذي تديره الحكومة الروسية يمتلك قوة هائلة ونفوذاً كبيراً على العقل الجمعي الروسي، ويبدو أن معظم الروس يقدرون الدور الذي يقوم به الإعلام الرسمي في حياتهم، وكأنهم يعيشون في عالم معلومات منفصل، حسبما تشير نتائج دراسات جديدة تناقلتها وسائل إعلام غربية.


ورغم أن عدد القنوات المتاحة للمواطنين الروس تضاعف من ثلاث أو أربع فقط أيام الحقبة الشيوعية، إلى آلاف الخيارات حالياً، إلا أن الروس حافظوا على الطريقة التقليدية القديمة بشأن حصولهم على المعلومات والأنباء، ويبدو ذلك شديد الوضوح في استطلاع للرأي أجراه المركز المستقل "ليفادا" ومقره العاصمة موسكو، وأشار إلى أن 72% من المستطلعة آراؤهم يقولون أن مصدر الأنباء الأول بالنسبة لهم هو "القناة الأولى" التي تعتبر خليفة التلفزيون المركزي السوفياتي أيام الحقبة الشيوعية.

ويشير الاستطلاع ذاته إلى أن النسبة المرتفعة السابقة لا تتعلق فقط بالأشخاص المسنين أو المتقدمين في العمر، بل إن 54% من الروس الذين تتراوج أعمارهم بين 18 و54% اختاروا "القناة الأولى" أيضاً كمصدر المعلومات الأول بالنسبة لهم، ويتعارض ذلك الدور الريادي للتلفزيون عموماً بشكل صارخ مع استطلاعات الرأي في دول أخرى والتي تظهر أن الناس يفقدون ثقتهم بالتلفزيون (لا سيما الرسمي) بشكل سريع مع مرور السنوات، فيما بات الاتجاه السائد بين الشباب، وفئات أخرى، إلى الاعتماد بشكل متزايد على وسائل الإعلام الالكتروني والاجتماعي لاستقاء الأخبار والمعلومات.

ووفقاً لدراسة أجراها معهد "رويترز" لدراسة الصحافة خلال العام الجاري، تفوقت مواقع التواصل الاجتماعي على التلفزيون كمصدر للمعلومات بالنسبة للشباب بين 18 و24 عاماً، وذكر 28% من الأشخاص المستطلعة آراؤهم أن السوشيال ميديا هي مصدر المعلومات الأول بالنسبة لهم مقابل 24% فقط استشهدوا بالتلفزيون، ولا يعني ذلك أن روسيا في معزل عن التيار العالمي السائد ولا أن القنوات التلفزيونية الروسية وأمناء الكرملين يقومون بعمل جيد في جذب الجمهور المحلي إليهم، بل يعني أن روسيا بطيئة فقط في اللحاق بركب التطور العالمي.

ويشير استطلاع للرأي أجرته ""فتسيوم" وهو مركز لاستطلاعات الرأي تديره الحكومة الروسية، إلى أن 65% من الشباب الروس الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً يبحثون عن الأخبار عبر الإنترنت، لكن الإنترنت ليس المصدر الحصري لمعلوماتهم بل يبقى التلفزيون هو المصدر الرئيسي لهم، حيث يتميز التلفزيون الحكومي بقدرة عالية بشكل مميز على اجتذاب الجمهور والحفاظ على معدلات المشاهدة المرتفعة له أيضاً.

وبالطبع يمكن لأي روسي أن يغير القنوات التي يتابعها ويمكن له البحث عن مصادر معلومات أخرى، لكن معظم الروس ييتشاركون طبيعة واحدة وهي صعوبة التحرر من "قبة المعلومات" التي تغلف الحياة الروسية، لأن فقاعة المعلومات هذه بدأت تتشكل في روسيا منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما وجه الكرملين كامل اهتمامه للسيطرة على التلفظيون وانتهى به الأمر لامتلاك معظم المحطات التلفزيونية في البلاد بطريقة أو بأخرى، كما أن معظم الناس يختارون التشبث بالراي السائد في البلاد لعدم وجود بدائل حقيقية.

ويعني ذلك أن الحصول على مصادر معلومات بديلة في روسيا لا يعني بالضرورة الحصول على نوعية معلومات مختلفة، ففي حين أن 66% من الناس الذين لا يسخدمون مصادر معلومات بديلة، يوافقون على أداء وزير الخارجية سيرغي لافروف، يرتفع ذلك الرقم إلى 80% لدى الأشخاص الذين يتابعون 3 مصادر معلومات بديلة أو أكثر، حسب بحث لعالمي الاجتماع الروسيين دينيس فولكوف وستيبان غونتشاروف، العاملين لصالح "ليفادا".

وبشكل مماثل فإن سياسات الكرملين تجاه أوكرانيا تحظى بشعبية كبيرة في موسكو والمدن الكبرى مثلما هي في المناطق المهمشة، أي أن النسبة الكبيرة من المواطنين الروس الذين يعربون عن اهتماههم بمعرفة المزيد عن السياسة والاقتصاد في البلاد تبقى مطابقة لرأي الأغلبية الشعبية. ويختلف عن هذا السياق، فقط أولئك الذين يستخدمون ما لا يقل عن ثلاثة أو أكثر من القنوات التلفزيونية المستقلة، حيث يميل أولئك لإبداء وجهات نظر مختلفة عن وجهات النظر السائدة، ويميل 10% فقط من السكان الروس لاستخدام ثلاثة مصادر معلومات أو أكثر للمعلومات، منهم 30% يتواجدون في العاصمة موسكو، وهم الوحيدون الذين يؤيدون وجهات نظر تنحرف عن السائد.

يعود ذلك للأداء القوي لوسائل الإعلام الرسمية من جهة وضعف وسائل الإعلام البديلة في تقديم وجهة نظر بديلة بشكل كامل، وتستمد وسائل الإعلام الرسمية قوتها من خلال التشكيك بالسياسة الغربية وتقويض الإجراءات الديموقراطية ومهاجمة وسائل الإعلام المستقلة، مع زخم عاطفي قومي وتقسيم العالم إلى فصائل متحاربة مع تخويف الروس من "الأعداء المتربصين بهم"، وتغذي السلطات هذا المشهد المثير للسخرية الذي يفيد بأن "الجميع فاسدون وجميع وسائل الإعلام تكذب"، وهذا هو السبب الأول في أن مصادر المعلومات البديلة لا تتمتع بمصداقية كبيرة لدى شريحة كبيرة من الروس. 

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

  • image
  • image
  • image
  • image
  • image
subscribe

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث