المقال الذي نشرته "واشنطن بوست"، الإثنين، عقّب عليه خاشقجي في تغريدة في "تويتر"، قال فيها "لم استمتع بكتابة المقال في واشنطن بوست لكن الصمت لن يخدم وطني ولا من اعتقل". واستهل خاشقجي مقاله بالسؤال "هل تتفاجأون إذا تحدثت عن الخوف والترهيب والاعتقالات والتخويف العلني للمثقفين والزعماء الدينيين الذين يتجرأون على التعبير عن أفكارهم، ثم أخبرتكم أنني من المملكة العربية السعودية؟". وتابع بالقول: "مع صعود ولي العهد الشاب محمد بن سلمان إلى السلطة وعد بإصلاح اجتماعي واقتصادي. تحدث عن جعل بلادنا أكثر انفتاحاً وتسامحاً ووعد بمعالجة الأمور التي تعيق تقدمنا مثل حظر المرأة من قيادة السيارة. لكن كل ما أراه الآن هو الموجة الأخيرة من الاعتقالات. خلال الأسبوع الماضي تحدثت التقارير عن احتجاز السلطات قرابة 30 شخصاً قبل وصول ولي العهد إلى العرش. بعض المعتقلين هم أصدقاء مقربون مني، وما يجري يشكل إهانة للمفكرين والزعماء الدينيين الذين يتجرأون على التعبير عن آراء مخالفة لآراء القيادة في بلادي".
وأعاد خاشقجي التذكير بما حصل معه سابقاً في العامين 2003 ثم في 2010، عندما طُرد من عمله كرئيس تحرير في صحيفة "الوطن" السعودية. وقال: "بين هذين العامين عملت كمستشار إعلامي للأمير تركي الفيصل، السفير السعودي في بريطانيا ثم في الولايات المتحدة. ربما يبدو غريباً أن تقوم الحكومة بطردك ثم تقوم بخدمتها في الخارج. لكن هذا هو التناقض السعودي في الحقيقة. بعبارات أشد تحاول السعودية كبح وجهات نظر كلّ من الإصلاحيين الليبراليين ورجال الدين المحافظين. وقد طاولت الاعتقالات هذا الطيف".
وأضاف خاشقجي "أنا وأصدقائي ممن هم في الخارج نشعر بالعجز. نريد أن يزدهر وطننا وأن تتحقق رؤية 2030. لسنا معارضين لحكومتنا والسعودية تهمنا كثيراً. إنه الوطن الوحيد الذي نعرفه ونريده لكننا بتنا الأعداء. بضغط من حكومتي ألغى ناشر "الحياة" إحدى أكثر الصحف اليومية العربية قراءة، العامود الخاص بي في الصحيفة. الحكومة حجبت موقعي في تويتر حين حذرت من الترحيب المبالغ به بانتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب. لذلك أمضيت ستة أشهر وأنا صامت أفكر بوضع بلادي والخيارات الصعبة أمامي".
المقال الذي نشرته "واشنطن بوست" أولاً باللغة العربية، عادت وحذفته لتبقي على النسخة الإنكليزية فقط، دون تقديمها أي توضيح حول ذلك. وهذه الخطوة أتت تزامناً مع موجة الهجوم التي بدأها الإعلام السعودي ضد خاشقجي على خلفية ما نشره في الصحيفة الأميركية. وفي السياق، نقلت صحيفة "عاجل" عن الإعلامي السعودي، محمد الطاير، ما وجهه من اتهامات لخاشقجي بأن له "تاريخا أسود"، بحكم معرفته به وعمله معه قبل أعوام. وقال الطاير إنه يعرف خاشقجي منذ أعوام عديدة وكان دائمًا يراهن على علاقاته بالإعلام الغربي "ويعتقد أنه قوي".
صحيفة "الرياض" بدورها نشرت مقالاً بعنوان "جمال خاشقجي أصبح معارضاً سعودياً.. خوش معارضة!" للكاتب السعودي سعيد الوهابي، الذي اعتبر أن موقف خاشقجي، الذي عبّر عنه في "واشنطن بوست"، "غريب وجديد لأن الرجل لم يُعهد عنه إيمانه الراسخ بقيم العدل والحرية. ولكن ببساطة خياراته نفدت، بعد توقف قناة العرب "الوهمية" ومنعه من الكتابة والتغريد ثم هروبه إلى واشنطن لم يكن لدى جمال سوى المعارضة". وأضاف الكاتب "لماذا هذه المقالة؟ لدي مشكلة أزلية مع جمال وأمثاله، الأشخاص الذين اقتربوا من صنع / صناع القرار لوقت كافٍ ولم يغيروا أو يتحدثوا بصدق، وحين تتقلص خياراتهم في الحياة بسبب إبعادهم ينحازون للنضال، كتبت عنهم مقالات كثيرة سابقاً لأنهم متقلبون يحاولون الركوب على ظهور الجماهير ولا يوثق بهم".
وفي سياق الحملة الشرسة على خاشقجي شنّت الكاتبة السعودية رقية الأحمد هجوماً ضد الإعلامي السعودي، وذلك من خلال مقال نشرته في صحيفة "المواطن" اتهمت فيه خاشقجي بـ"بيع الوطن" و"الخيانة". وتحت عنوان "جمال خاشقجي يستقوي بإعلام الغرب لتشويه الوطن"، قالت الأحمد إن "خاشقجي، متناسيا مصالح الوطن والمواطن، ليلعب دورا غاية في القبح، والاستتار خلف المسمّيات لترويج الكذب، وافتراء الشائعات، وصولا إلى الاصطفاف خلف جماعة الإخوان المسلمين، ليس في السعودية وحدها بل في غالبية دول العالم الداعية لمكافحة الإرهاب".
موجة الهجوم ضد خاشقجي امتدت أيضاً لصفحات مواقع التواصل، حيث هاجمه ناشطون سعوديون واتهموه بـ"الخيانة" و"التآمر على الوطن"، ما دفع خاشقجي إلى الردّ عبر حسابه في "تويتر"، حيث قال "الذين انبروا بهجوم شخصي ضدي عقب مقالي بالواشنطن بوست ، بإمكانهم الرد عليه بمقال بنفس الصحيفة إن كان لديهم حقائق تنفيه وأحسب إنها لن تردهم". وأضاف أن "الولاء للقيادة والوطن يكون بكلمة حق ونصيحة صدق، وهو ما فعلته وسأفعله".
وفيما وجه بعض المغردين انتقاداً لخاشقجي بأنه لم لم ينتقد حملة الاعتقالات في تركيا، علق قائلا إن "دولتنا أيدت الإجراءات التي اتخذتها تركيا وسلمتهم مطلوبين، هناك اخترق تنظيم الجيش والدولة ونفذ انقلاب دموي قتل فيه مئات فلا تخلط هذا بذاك".
خاشقجي يخرج عن صمته.. والإعلام السعودي يتهمه بـ"الخيانة"
المدن - ميدياالثلاثاء 2017/09/19

حجم الخط
مشاركة عبر
ضجّة كبيرة أثارها مقال الكاتب والإعلامي السعودي، جمال خاشقجي، في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، تحدث فيه عن التطورات الأخيرة التي شهدتها المملكة من حملات اعتقالات شملت عشرات الدعاة والمفكرين والاقتصاديين. وقال إنه كان يلتزم الصمت خلال السنوات الماضية عند اعتقال "أصدقائه"، وذلك لخوفه على حريّته، وعائلته، ووظيفته، لكنه قرر الكلام الآن بعد تركه لبيته وعمله في السعودية، وانتقاله للإقامة في واشنطن، حيث بات عليه رفع صوته من الآن فصاعداً في وجه حملة الاعتقالات والقمع في السعودية معتبراً أن "القيام بغير ذلك خيانة لأولئك الذين تم رميهم في السجن".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها