حجم الخط
مشاركة عبر
لم يجد مناصرو "حزب الله" مبررات للبيان الذي أصدره، ويحذر فيه الولايات المتحدة من ضرب قافلة عناصر "داعش" والمدنيين فيها. ارتبك هؤلاء، وعجزوا عن الدفاع عن مضمونه. حاولوا اظهار الحزب قوة "تتمتع بانسانية عالية". لكنها حجة ضعيفة، ما لبثت أن هُشّمت مرة أخرى حين عُقدت مقارناتها مع تجربة الحرب السورية. فاكتفى البعض بالقول: "بالتأكيد له اسبابه التي لا ندركها".
مشهد الارتباك تمدد على مساحة الناشطين الموالين له. مرة كانوا يرون فيه هدفاً سياسياً "لتعرية الاميركيين ودفاعهم عن المدنيين وحقوق الانسان".. ومرة وجدوا فيه "انسانية عالية". غير أن العجز عن ايجاد المبرر الذي يمكن أن يخفف من وطأة رد الفعل على الحزب، دفع البعض الى الاعتراف بأنه "سقطة اعلامية".


لا لُبس في لغة البيان التي تظهر الحزب متعاطفاً مع عناصر "داعش"، وبيئتهم الحاضنة، أي عائلاتهم، وتواقاً لحمايتهم ريثما يصلوا الى دير الزور، بحسب ما يرى خصوم الحزب ومحايدون، بالنظر الى ان الصفقة ضمت 331 مدنياً و308 عناصر من مقاتلي "داعش". فتح البيان شهية الاتهامات بحق الحزب بوصفه مدافعاً عن التنظيم. لم تعفه المداولات من مسؤولية السعي لحماية عناصر التنظيم الارهابيين، وأنه يتخذ من قضية المدنيين ذريعة لحماية الارهابيين. وذهبت بعض المداولات لدى خصومه الى اعلان عدم التفاجؤ، كون الحزب "يدافع عن توأمه".
ولعل هذه الفكرة، هي الاكثر تداولاً في معرض الانتقاد السياسي الذي يرى فيه مناصرو الحزب "استهدافاً للمقاومة وتزويراً للوقائع". لكن المنتقدين استخدموا هذه المقاربة لمحاولة اثبات ما يقولونه منذ فترة عن ان "داعش" صنيعة النظام السوري. وعقد خصوم الحزب مقارنات مع سلوكه تجاه مدنيين كانوا محاصرين في مخيم اليرموك، وتجربة حصار حلب، ومناطق أخرى في سوريا تحوي مدنيين بينها مضايا والزبداني. وفتح ملف مؤيدي الحزب الذين لم يعترفوا بوجود مدنيين في تلك المناطق التي يحاصرها النظام، ويقاتل الحزب فيها من يسميهم بالارهابيين.
صياغة البيان، لا تترك مجالاً لنفاذ الحزب من الانتقادات، ولو أن سطوره تتضمن السبب الذي يدفع الحزب لاصداره بهذه اللغة. ما يريد الحزب قوله، على النحو السياسي، أنه وفى بالتزاماته، ويجب أن يُعفى من مسؤولية عدم وصول قافلة "داعش" الخارجة من القلمون الى الشرق، برمي الكرة في ملعب الاميركيين.
في ذلك، رسالة لـ"داعش" الذي لم يسلم أسير الحزب لديه بعد، كون الصفقة لم تُنفّذ بأكملها، اي لم يصلوا بعد الى البوكمال. وبالتالي، يريد أن يقول ان الاميركيين يعرقلون، ولسنا نحن من نعرقل تنفيذ الاتفاق. وبهدف حثّ الاميركيين على الاستجابة، غطّى الصفقة بإطار "انساني" من شأنه أن يخاطب الاميركيين بما خاطبوه به طيلة خمس سنوات مضت.
في ذلك، رسالة لـ"داعش" الذي لم يسلم أسير الحزب لديه بعد، كون الصفقة لم تُنفّذ بأكملها، اي لم يصلوا بعد الى البوكمال. وبالتالي، يريد أن يقول ان الاميركيين يعرقلون، ولسنا نحن من نعرقل تنفيذ الاتفاق. وبهدف حثّ الاميركيين على الاستجابة، غطّى الصفقة بإطار "انساني" من شأنه أن يخاطب الاميركيين بما خاطبوه به طيلة خمس سنوات مضت.
لكن الواقع، أن الحزب خسر هذه المعركة اعلامياً. استدرجه خصومه في السياسة لاتباع مقاربة مشابهة، لا نفاذ من ارتداداتها السياسية، وذلك امام ضغوط "داعش" عليه بوصفه "لم يفِ بالتزاماته". فاصدار بيان مشابه، هو مقتل سياسي سيشرّع الاسئلة ويقود الى نتيجة تحققت أصلاً.
الحزب الذي عُرف بنجاحه إعلامياً في إدارة معظم الأزمات لصالحه، خسر إعلامياً في هذا البيان. لا بد من الاعتراف أن خصومه الذين عرقلوا الصفقة، استدرجوه الى مقتلة سياسية. ففي الحرب الإعلامية، مكاسب وخسائر أيضاً، ومنتصرون ومهزومون.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها