بعد ساعات قليلة من اعلان خروجه المفاجئ من البيت الأبيض، عاد كبير الاستراتيجين السابق في الإدارة الأميركية ستيفن بانون ليترأس الموقع اليميني المتطرف "بريتبارت نيوز" حسبما أفاد الموقع نفسه الذي احتفل بعودة "البطل الشعبي" إليه في منصب الرئس التنفيذي.
وشارك بانون في الاجتماع المسائي لأسرة تحرير الموقع، الجمعة، في وقت أطلق أنصار التيار الشعبوي في الولايات المتحدة هاشتاغ #War (حرب) داعين بانون إلى شن حرب لتحطيم الأعداء، مستلهمين حماسهم من التصريحات التي أدلى بانون لوسائل الإعلام الأميركية عقب إقالته من منصبه في البيت الأبيض من طرف الرئيس دونالد ترامب، والتي قال فيها أنه "ٍيذهب للحرب من أجل ترامب ضد خصومه، في كابيتول هيل وفي وسائل الإعلام، وفي عالم الشركات الأميركية".
ويأمل رئيس تحرير "بريتبارت نيوز" أليكس مارلو، أن تساهم عودة بانون للموقع في تحسين نفوذه الحالي، حيث يقع الموقع في المركز 63 من بين أكثر المواقع الإلكترونية متابعة في الولايات المتحدة، حسب تصنيف خدمة "أليكسا" التابعة لشركة "أمازون"، فيما تقع صفحته الرسمية في موقع "فايسبوك" في المرتبة 13 على لائحة الصفحات الأكثر متابعة على الإطلاق، مضيفاً أن الحركة الشعبوية القومية أصبحت أقوى اليوم مما كانت عليه من قبل.
وفي أول تصريح له، قال بانون: "الرئاسة التي قاتلنا من اجلها وفاز بها ترامب قد انتهت" مؤكداً أن غيابه عن البيت الابيض سيجعل من الصعب على ترامب أن يدفع بالقضايا المتعلقة بالقومية الاقتصادية والهجرة إلى الأمام، ومعتبراً أن الإدارة ستكون الآن أكثر تقليدية.
في السياق، قالت صحيفة "بوليتيكو" أنه في الأيام القليلة الماضية، أخبر بانون مجموعة من زملائه أنه يشعر بقيود عميقة بسبب حدود الحكومة الفيدرالية، وأنه يرغب بشدة في العودة إلى العالم الخارجي، حيث سيتمتع بحرية أكثر للانخراط في هذا النوع من الصراع السياسي الذي دفع به أصلاً إلى قمة الشهرة الوطنية، متعهداً بأن يشن حملة بربرية ضد الديموقراطيين والمعتدلين وأعداء اليمين بعد عودته لحمل سلاحه المفضل، أي "بريتبارت نيوز".
وقبل التغيير الأخير، خاض بانون حرباً ضد آراء أكثر اعتدالاً داخل البيت الأبيض الذي يموج بالعداوات والمكائد، فيما قال مسؤولون في البيت الأبيض أن ترامب وجّه كبير موظفيه المعين حديثاً جون كيلي بالقضاء على الخلافات الداخلية، وأن تصريحات أدلى بها بانون هذا الأسبوع لمجلة "أمريكان بروسبكت" الليبرالية تحدث فيها بصراحة عن استهداف خصومه داخل الإدارة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير وحددت مصيره، حسبما نقلت وكالة "رويترز".
وتعرف تلك المعركة الداخلية في البيت الأبيض بأنها معركة بين جناحين فكريين، الأول بقيادة بانون يمثل تياراً داعياً للشعبوية القومية الاقتصادية، فيما يمثل الثاني بقيادة صهر ترامب، جاريد كوشنر والمستشار الاقتصادي غاري كوهن، تياراً يدعو إلى العولمة الاقتصادية التقليدية.
وكان بانون يشغل منصب رئيس تحرير موقع "بريتبارت نيوز" اليميني المتطرف قبل انضمامه إلى حملة ترامب، فيما أشارت وسائل إعلام أميركية، إلى أن ترامب وبانون اتفقا على أن يترك الأخير منصبه، علماً أن بانون زار مدينة نيويورك في وقت سابق من الاسبوع الجاري، والتقى على مدار خمس ساعات مع الملياردير بوب ميرسر لدراسة الخطوات المستقبلية، حيث تعتبر عائلة ميرسر من أكبر المانحين والممولين للفكر الشعبوي في الولايات المتحدة، وهي التي مولت بانون بملايين الدولارات من أجل غرسه في البيت الأبيض كصلة وصل مباشرة بينها وبين ترامب (واشنطن بوست).
إلى ذلك، يمثل رحيل بانون أحدث خطوة في العديد من التغييرات التي تتم في البيت الأبيض تحت إدارة ترامب المضطربة، والتي شهدت إقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" جيمس كومي، واستقالة المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر، وكبير موظفي البيت الأبيض رينس بريبوس، والمستشار السابق للأمن القومي مايكل فلين.
ورغم تعبير وسائل الإعلام الكبرى عن سعادتها بالتخلص من بانون، الذي كان من أبرز معادي حرية التعبير في تاريخ البيت الأبيض، إلا أن أكبر الصحف (نيويورك تايمز، بوليتيكو، واشنطن بوست، فورين بوليسي، ..) حذرت من أن نفوذه على ترامب مازال كبيراً، وأن خروجه من البيت الأبيض قد يبعده عن الأنظار والأضواء المباشرة، لكن ذلك لا يعني موته وانتهاء تأثيره إلى الأبد، خصوصاً أن بانون سيتمكن حالياً من حشد الرأي العام بحرية عبر "بريتبارت نيوز"، خصوصاً أن عنصرية ترامب وتطرفه اليميني لم يكونا خاصيتين طرأتا على ترامب بعد تعيينه لبانون في البيت الأبيض، بل كانتا الصفتين اللتين قربتا بين الرجلين فقط ليصبح بانون مهندس رئاسة ترامب برمتها، وبالتالي قد لا يشكل طرد بانون إلا وسيلة من فريق ترامب لإبعاد الأنظار عنه بعد تصريحاته الكارثية لصالح اليمين المتطرف والنازيين الجدد إثر أحداث شارلوتسفيل الأسبوع الماضي.
على الجهة المقابلة، لم يتأخر الإعلام اليميني في انتقاد ترمب، ونشر "بريتبارت نيوز" سلسلة تغريدات للكاتبة المحافظ آن كولتر التي توجهت الى الرئيس بالقول: "إذا كنت لا تريد من الإعلام أن ينسب الفضل لبانون، عليك توظيف عشرة مثله بدلاً من طرده". علماً أن خروج بانون يعتبر بلا شك أهم تغييرعلى صعيد الإدارة منذ تولي ترمب الرئاسة، فأنصار التيار الشعبوي عارضوا تقويض صلاحيات بانون منذ فترة طويلة، واليوم يجدون انفسهم بلا ممثل كبير في البيت الأبيض، مع انحراف الإدارة عن الأجندة التي قاتلوا لأجلها ودعموا ترامب بأصواتهم لصالحها فقط.
في ضوء ذلك، ستشهد الأيام القادمة حملات إعلامية من مواقع اليمين المتطرف وعبر السوشيال ميديا، لاسهداف الشخصيات التي دفعت ترامب لطرد بانون، وعلى رأسهم مستشار الأمن القومي هيربرت رايموند مكماستر، ودينا باول، وغاري كوهن وحتى جاريد كوشنر بغاية إقصائهم عن مواقعهم أيضاً.
ستيفن بانون يعود لـ"بريتبارت نيوز": حرب اليمين المتطرف مستمرة
المدن - ميدياالسبت 2017/08/19

حجم الخط
مشاركة عبر
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها