الإثنين 2016/08/08

آخر تحديث: 19:39 (بيروت)

عودة رعب الثمانينيات في "Stranger Things"

الإثنين 2016/08/08
increase حجم الخط decrease
ليس غريباً أن يبدي كاتب روايات الرعب الشهير ستيفن كينغ إعجابه بمسلسل "Stranger Things". فالعمل الذي عرضته "نيتفليكس" منتصف تموز/يوليو الجاري، يحظى بنجاح كبير على المستوى العالمي كأحد افضل مسلسلات العام 2016. 
يدور المسلسل في حقبة الثمانينات في قرية صغيرة بولاية إنديانا الأميركية، وتبدأ الأحداث من ضياع الطفل ويل (12 عاماً) في الغابة وظهور الفتاة "إليفين" صاحبة القوى التخاطرية الخارقة لمساعدة أصدقائه الثلاثة في العثور عليه، وإنقاذه من العالم الموازي الذي علق فيه بين الوحوش الجائعة هناك، مع قصص جانبية لتجارب سرية تجريها الحكومة الأميركية على أدمغة الأطفال في الغابات القريبة من القرية.

والحال أن "نيتفليكس" بإنتاجها للعمل، تعتمد على طريقتها الخاصة في ضمان النجاح على المستوى العالمي، وجذب جمهور شديد التنوع، عبر استخدام عناصر إنتاجية محددة، تبدأ بالاستناد إلى موضوع "theme" تقليدي وتقديمه بطريقة معاصرة ومبهرة بصرياً، مع تعدد في الأعراق التي يضمها كادر الممثلين لمخاطبة شرائح جمهور مختلفة وخلق إحساس اكبر بالواقعية وكسر الحواجز العرقية، إضافة لإحياء مسيرة نجوم قدماء خفت بريقهم السينمائي القديم بإعطائهم فرصاً للتألق، وحتى توظيف نجوم السينما الكبار في أعمال تلفزيونية.

التباين في أعمار الممثلين الأساسيين جزء أساسي من مخاطبة أجيال متعددة من الجمهور في وقت واحد، فتلعب أيقونة الثمانينيات والتسعينيات واينونا رايدر  (44 عاماً) دور البطولة في العمل، بتجسيدها شخصية جوسي بيرس، الأم المفجوعة باختفاء ابنها والتي ترفض فكرة موته لتقرر البحث عنه بطرق شديدة الغرابة، مقدمة أداء استثنائياً يخطف الأنفاس، ولا يقل الأطفال الأربعة (وين وولفهارد، ميلي بوبي براون، غاتين ماتارازو، كاليب ماكلولين) عنها في شيء رغم سنهم الصغير، بل يظهرون كمواهب تمثيلية خارقة وواعدة.

تبرز هنا الكوميديا التي ينشرها أبطال العمل الصغار من حين إلى آخر، بسبب طبيعة شخصياتهم الطفولية المحببة وذكائهم الحاد، إضافة لكسر حدة الرعب بإفساح مساحة كبيرة لعواطف الشخصيات وصلاتها الإنسانية ببعضها وعلاقاتها الاجتماعية، فيتداخل الخوف مع الفاجعة والحزن والاستنكار والبهجة، ما يجعل قصة المسلسل أكثر قابلية للتصديق حتى في أكثر أجزائها خيالاً، ولا تغدو التفاصيل الميتافيزيقية هنا سوى جزء من الواقع الذي تعيشه الشخصيات، مثل أي حدث آخر كشجار في المدرسة بين التلاميذ، أو العلاقات الغرامية الأولى للمراهقين (نانسي، جوناثان ..). 

أجواء العمل مستمدة من روح الثمانينيات كحقبة زمنية قريبة وبعيدة في آن واحد، لتفعيل عامل النوستالجيا القادر على جذب كثير من المشاهدين، كما أنها حقبة مثالية لتقديم دراما الرعب، إذ كانت التكنولوجيا فيها متقدمة لدرجة تسمح بطرح كثير من أفكار الخيال العلمي التي يتم طرحها في زمننا الحالي، لكنها في نفس الوقت متخلفة مقارنة بثورة الاتصالات الراهنة، ما يجعل الشخصيات في العمل معزولة عن بعضها ووحيدة في مواجهة المجهول الذي تتحكم به قوى شريرة، مع نقص في المعلومات فلا إنترنت ولا هواتف ذكية للتقصي عن المعلومات. 

في السياق، يذكر المسلسل بدراما التشويق الأميركية في الثمانينيات، وأفلام الخيال العلمي الكلاسيكية في منتصف السبعينيات كأفلام المخرج ستيفن سبيلبرغ، والحقيقة أن المسلسل لا يخفي كل تلك التأثيرات خلال بنائه، بل يفصح عنها في كل مشهد مستوحى من فيلم كلاسيكي، عبر إشارة الشخصيات للفيلم والحديث عنه، خاصة أن الأطفال الأبطال في العمل مغرمون بالمغامرات والسينما، وهي نقطة أحسن صانعا العمل، الأخوان مات وروس دافر، الاستفادة منها إلى الحد الأقصى.

خلق الأجواء الزمنية كان مميزاً، من حيث تسريحات الشعر والأزياء وطراز السيارات وأشكال الهواتف القديمة وكل الأدوات المنقرضة الأخرى، وصولاً للمنتجات الغذائية وطريقة الحياة والموسيقى السائدة في ذلك الوقت، كما كان عامل الإبهار البصري حاضراً في تصميم الكائنات الغامضة والتجارب العلمية التي تجريها وكالة الأمن القومي الأميركية على الأطفال لتحويلهم إلى أسلحة ذهنية. 

تجدر الإشارة أن العمل مؤلف من ثماني حلقات، ومتوفر عبر خدمة "نيتفليكس" العالمية لبث الأفلام والمسلسلات مع ترجمة لعدد كبير من اللغات منها العربية، علماً انه من كتابة وإخراج الأخوبن التوأم روس ومات دافر، في ثاني تجاربهما الفنية بعد فيلم "Hidden" عام 2015، وهما المتخصصان في صناعة دراما الرعب والخيال العلمي، ويتوقع أن يباشرا العمل على الجزء الثاني من السلسلة قريباً، حسبما أفاد نجوم العمل في تصريحات صحافية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها