الخميس 2016/08/11

آخر تحديث: 19:02 (بيروت)

أجمل المرشحات للانتخابات الأردنية.. تتحدى المتطرفين

الخميس 2016/08/11
أجمل المرشحات للانتخابات الأردنية.. تتحدى المتطرفين
لمياء داوود تترشح عن مدينة الزرقاء التي ازدهر فيها وجود المتشددين بينهم ابو مصعب الزرقاوي
increase حجم الخط decrease
اخترقت صورة المرشحة الأردنية لمياء داوود عن مقعد مدينة الزرقاء، النقاش الدائر في الأردن حول الانتخابات التشريعية، وتصدرته إفتراضياً. فالجدل لا يقتصر على موضوع اقتراع وترشّح المرأة، بل يبدأ الجدل قبل انطلاق التصويت وقد لا ينتهي بصدور النتائج النهائية، كون المحامية الحسناء تترشح عن مدينة الزرقاء التي يتحدر منها المتشدد الشهير أبومصعب الزرقاوي.
ولمياء داوود، محامية أردنية، أعلنت أول أمس ترشحها للانتخابات التشريعية التي تجري في سبتمبر/ايلول المقبل، عن مدينة الزرقاء، من خلال نشر صورة لها مع خبر الترشح، على صفحتها الخاصة في "فايسبوك".

انتشرت الصورة بشكل سريع، وخلقت جدلاً كبيراً لم يهدأ بعد. إذ ظهرت لمياء داوود في الصورة مرتدية ملابس ضيقة نوعاً ما، أو غير فضفاضة، ما أثار حفيظة بعض المحافظين في المملكة، الذين اعتبروا أن هذه الصورة تخدش الحياء العام، ولا تناسب المجتمع ولا المنصب الذي ترشحت إليه داوود.

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بجدال، بين من هاجم ملابسها، ومن أطلق عليها لقب "أجمل مرشحة للانتخابات النيابية" للتأكيد على دعمها في حال تأكد خبر ترشيحها، وبين من استفزّه الحكم المسبق على داوود بسبب ملابسها ومظهرها الخارجي قبل سماع برنامجها الانتخابي.

من بين الفئة الأخيرة، كانت الصحافية الإذاعية الأردنية نور عزالدين، التي كتبت في صفحتها في "فايسبوك": "أنا لو محل المرشحة لميا أي وسيلة إعلامية ممكن تتصل بي رح سكّر الخط بوجها! لأنه نحنا عنا مشكلة بالمظهر الخارجي والصور النمطية الزبالة، إذا وحدة مش محجبة يعني عندها مشكلة أخلاقية، بتعطي المجتمع الحق بأنه ينتقدها وينتقص من مكانتها ومن حياتها. الدواعش بداخلنا وبعقولنا #‏انضفوا!".

وفي حديث إلى "المدن"، أكدت عز الدين أن المجتمعات العربية جميعها تركّز على الصورة النمطية للمرأة أو الرجل، والمظهر الخارجي والملابس، من دون أن يعرف أو يبحث أحد عن خلفية أو ثقافة الشخص.

وقالت: "أحدثت الصورة جدلاً عارماً حول موضوع ترشح هذه المرأة لمجلس النواب، لأن الأردنيين المحافظين استهجنوا في حالة من الفصام، حول ترشح امرأة رأوا صورتها بلباس متحرر، علماً بأنه لباس طبيعي وعادي جداً".

بالفعل، ليست ملابس داوود خادشة للحياء العام، هي مجرد ملابس ضيقة بشكل مقبول جداً. فهي ترتدي قميصاً أسود لا تُظهر منه كتفيها، ولا يعرّي صدرها، مع بنطلون ضيق لا يبرز أياً من أعضاء جسمها. 

موجة من السخرية أيضاً انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب هذه الصورة، ولم تخلُ التعليقات على الصورة من العبارات والإيحاءات المسيئة. وفيما رفضت داوود التعليق على حقيقة ترشحها للانتخابات، أكدت أنها ستقاضي كل من أساء إليها أو نشر معلومات خاطئة.

ليس غريباً ما حدث في الأردن، وإن استهجن البعض ردّ فعل من وصفوهم بالـ"متشددين"، ألا يقول المثل العربي الشائع "كُلْ على ذوقك والبس على ذوق الناس؟"، ألا تنشأ غالبية العرب منذ الطفولة على هذه المقولة، ويسمعونها يومياً؟ فكيف إذا كان الشخص المعنيّ، امرأة تعيش في مجتمع مولع بالمظهر الخارجي؟

ما حصل مع لمياء داوود يحدث يومياً مع الكثير من النساء، لكن الفارق هذه المرة يتعلق بالمنصب الذي ترشحت إليه داوود، مما سلّط الأضواء أكثر عليها. فالمرأة في المجتمعات العربية معرضة للنقد أكثر من الرجل، على اعتبار أن كثيرين يعتبرون مجرد وجودها "فتنة"، فكيف إذا لم تكن محجبة. 

وتساءلت نور عز الدين: "هل فعلياً هناك محددات شكلية العام 2016، تحكم على مدى ثقافة ومعرفة المرء، من عدمه، أو عن أهليته للعمل السياسي من عدمه؟ يصارع الأردنيون أنفسهم بانفصام عالي الازدواجية، للحكم المطلق عليها من دون أسباب، خصوصاً أننا نعاني حالة ترهل سياسي في منظومة الانتخاب، فعدد كبير من المقترعين ينتخبون مرشحيهم عن طريق الرشوة أو صلة القرابة العائلية، من دون النظر إلى أهلية المرشح من عدمها".

ربما تعطي هذه الهجمة، التي تعرضت لها داوود، فكرة عما ينتظرها مستقبلاً من مشاكل أكبر، واعتراضات أكثر على ترشحها للانتخابات النيابية الأردنية التي قد تواجهها. فمدينة "أبومصعب الزرقاوي"، التي ترشحت عنها لمياء، لديها خصوصية قد تزيد من صعوبات وصولها، وتقبل السكان لها.

وعرفت مدينة الزرقاء منذ سنوات بأنها مدينة المهجرين والباحثين عن العمل، وتشكلت على مدى سنوات عديدة من خليط ثقافات المهجرين، وفيها ازدهرت التيارات الإسلامية، ومنها خرج، إضافة إلى الزرقاوي، السلفي أبو محمد المقدسي، وعدد لا بأس به من السلفيين. وعرفت أيضاً بعدد من الأحداث الدامية بين السلفيين، وبين قوات الأمن كان ابرزها المواجهات في العام 2011. فهل ستنجح امرأة في الانتخابات النيابية عن مدينة الزرقاء بعدما نشرت هذه الصورة؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها