الأربعاء 2016/12/28

آخر تحديث: 16:14 (بيروت)

لانا مدور "سائحة" في دمشق.. الكذب وإن تجمَّل

الأربعاء 2016/12/28
لانا مدور "سائحة" في دمشق.. الكذب وإن تجمَّل
increase حجم الخط decrease
"ماذا قالت هذه السائحة اللبنانية عن دمشق بعد 6 سنوات من الحرب؟"، بهذا التساؤل العام تظهر المدوِّنة والصحافية اللبنانية لانا مدور، مع زميلتها السورية في قناة "الميادين" هبة محمود، وهما تتجولان في شوارع العاصمة دمشق، وتزوران المعالم السياحية فيها، عبر مقطع فيديو نشرته مدور في مدونتها "خطى لانا" حيث توثق رحلاتها السياحية عموماً.


طرح السؤال، ثم مقدمة الفيديو التي تدور حول السفر نحو أخطر مكان في العالم، يوحي تلقائياً بوجود دعاية سلبية تصور دمشق كمكان دمرته الحرب، ويحاول الفيديو دحضها بشيء من البراءة المصطنعة، رغم الحقيقة المعروفة للجميع بأن الحرب السورية باتت في السنوات الأخيرة بعيدة جداً من حدود العاصمة وتجري في مناطق أخرى، في شمال البلاد تحديداً، هذا الافتراض بالتحديد هو ما يجعل الفيديو يتخذ شكلاً دعائياً أبعد من التسلية والترفيه والتوثيق الذي يزعم أنه مُجرد من أي غايات.

وكما هو متوقع من أي فيديو دعائي، فإن الزيارة السريعة إلى دمشق لا تلمح أياً من المظاهر "غير الطبيعية"، فالتصوير يتم في فنادق فاخرة مثل الشيراتون وتتمحور اللقطات حول أنواع الأطعمة في مطاعم دمشق القديمة. لا نازحين أو مشردين ممن أفقدتهم الحرب بيوتهم، كما لا تتحدث "السائحتان" مع الناس المرهقين في الشوارع مثلاً، بينما تحجب الكاميرا جزءاً كبيراً من الصور اليومية في دمشق، من الحواجز الأمنية والفقر والتشرد والنزوح وحتى أزمة المياه والكهرباء التي يشار لها بشكل عابر خلال السير، وبالتالي يفقد الفيديو كيانه "كتوثيق"، لصالح الدعاية النظامية.



والحقيقة أن الزيارة بحد ذاتها ليست مستفزة بالضرورة، إلا إن تمت قراءتها من ناحية الترويج لأفكار النظام السوري بطريقة غير رسمية، لتكون مجرد استكمال لدعوات وزارة السياحة السورية حول الأمن والاستقرار والحياة الطبيعية في سوريا المفيدة عموماً والعاصمة دمشق خصوصاً، وإن كان معظم تلك الدعوات خلال العام الماضي موجهاً كبروباغندا للغرب وباللغة الانجليزية.

بهذا يكون هذا الفيديو موجهاً لجمهور عربي، وليس الجمهور المحلي السوري أو الغربي العالمي. ويكتسب الفيديو من "استقلاليته" وروح التدوين الفردية فيه، "مصداقية" أكبر مما يبثه الإعلام الرسمي بطبيعة الحال. كما أن مدور ومحمود تخفيان طبيعة عملهما كإعلاميتين في قناة "الميادين" الحليفة للنظام السوري، ويُعطى انطباع بأن الفيديو يوثق سياحة مواطنة لبنانية "عادية" بعيدة من العمل في المجال العام، في دمشق، لمدة يومين. وهذا ما يفيد الدعاية الرسمية أكثر بكثير مما لو نفّذتها الحكومة في إعلامها.

ومع كل فعالية تقيمها وزارة السياحة السورية، مثل أسبوع الموضة في اللاذقية، أو مهرجان الألوان في دمشق، وغيرهما، يزداد الجدل حول انفصال سوريا إلى شعبين، أحدهما يحاول الحياة بشكل طبيعي في مناطق آمنة، داخل مناطق النظام أو الأكراد أو بعض مناطق المعارضة، وبين شعب يقتل ويموت ويتشرد بفعل الحرب الدموية. ويحاول النظام هنا تكريس مبدأ سوريا المفيدة، التي يحاول الاستئثار بها ضمن مشروع لتقسيم البلاد، بشكل فعلي أو مبطن عبر تقاسم محدد للنفوذ، في مرحلة ما بعد الحرب.

يذكر أن أرقام السياحة في سوريا وصلت إلى 8.5 مليون زائر سنوياً قبل الثورة، أما الآن فغالبية شركات الطيران ترفض حتى المرور في الأجواء السورية، مع مقتل حوالي نصف مليون إنسان وتهجير نصف السكان. فيما يتحمل النظام وتنظيم "داعش" مسؤولية تدمير ونهب عشرات المواقع الأثرية التي كانت مدرجة ضمن لوائح اليونيسكو للتراث الإنساني، مثل معبَدي بيل وبعل شامين في تدمر، والمدرج الروماني الكبير في بصرى.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها