الأربعاء 2016/10/26

آخر تحديث: 19:18 (بيروت)

وريف حميدو: سفير المطبخ الحلبي إلى غزة.. فالتلفزيون

الأربعاء 2016/10/26
increase حجم الخط decrease
خرج وريف حميدو (36 عاماً) من حي الخالدية في حلب قسراً في نهايات العام 2012، عندما ضاق به الحال، على وقع ضربات القصف والتدمير ورائحة الدماء. عندها، توجه إلى الريف الشمالي ومن ثم إلى تركيا، مروراً بمصر، وانتهاء بغزة، في رحلة شاقة ومحفوفة بالمخاطر، حاملاً معه هوايته وتميزه في الطهي وإعداد الأكلات الشامية والتركية المتميزة.
في غزة، بدأت قصة نجاحه من خلال مطعم افتتحه يقدم المأكولات السورية والتركية.. لكن هذا النجاح، أخذ بُعداً أكبر من موقع المطعم، حتى بات يستعد الآن لتقديم برنامج تلفزيوني. 
في البداية، حالت اللغة دون إكمال حياته في تركيا، فتوجه الى القاهرة بناء على نصيحة أقربائه. لم يُخفِ حميدو خلال حديثه لـ"المدن" شعوره بالاكتئاب وضيق الحال في القاهرة نظراً لإحساسه بالغربة عن بلده سوريا والتي فاقمتها الزحمة واختلاف المناخ والعادات والتقاليد بالرغم من العروبة التي تجمعهما. وعمل خمسة أشهر في فنادق ومقاهي في مناطق مختلفة من مصر، قبل أن يتعرف الى مواطن من قطاع غزة ويعرض عليه العمل في مطعم له في غزة.

بعد تردد طويل وحيرة كبيرة بين عرض قدمه له صديقه المقيم في بولندا للعمل في مطعمه هناك، وآخر يدعوه إلى غزة، قرر في نهاية المطاف الاستقرار في غزة بعد زيارتها واكتشاف صورة أخرى غير تلك الصورة النمطية المرسومة عن مكان يحاصره الاحتلال الإسرائيلي. ووجد حميدو فيها عادات وتقاليد وأطباع قريبة من تلك التي كانت في مسقط رأسه، حلب، وهو ما شجعه على البقاء فيها.

دخل غزة عبر الانفاق في صيف العام 2013، ويقول: "وجدت الثقة الكبيرة من صاحب المطعم وأعطاني خمسة آلاف دولار لشراء أغراض للمطعم من مصر، وعرّفني على عائلته وأهله، ومنحوني الاحترام فكان ذلك أقوى من عقد العمل الذي بيننا".

خلال أيامه الأولى في العمل، وجد وريف أنّ المأكولات التي تُقدّم في مطاعم غزّة، تقليدية. فقرّر تغيير ثقافة الوجبات، خصوصاً المشاوي والأطباق الشرقية والغربية، وأضاف إليها أصنافاً كثيرة بأنواع مختلفة، وأدخل المذاق الحلبي السوري إلى الكثير من المأكولات في المطعم حيث يعمل.

وبدأ حميدو نجاحه في عالم الطبخ في مطعم "أزمير"، ولقي رواجاً واسعاً في القطاع، وأصبح عَلَماً ومعروفاً لدى الجميع هناك، وزاد إقبال الغزيين على المأكولات الحلبية وخاصة "الكبة" و"الكباب"، كونهم يسمعون عنها في المسلسلات السورية فيما يفتقر إليها المطبخ الغزي "الحار". وانكب الإعلام على التركيز على نجاحه وتألقه، وإذ به يتعرف صدفة على شريكة حياته "الغزاوية" مها أبو الكاس، التي جاءت إلى المطعم الذي يعمل في ه لإعداد قصة تلفزيونية عنه، لصالح محطة "فرانس 24"، لكنه يبدو انه كان "الحب من أول تقرير". 

مرة أخرى، لاحق القذائف والصواريخ مشروعه وحلمه، فاضطر وشريكه إلى إغلاق المطعم قبل ما يزيد على عامين اثر اندلاع  الحرب التي شنتها إسرائيل على القطاع. 

وبعد انتهاء الحرب، عاد حميدو ليقف على رجليه، ويفتح مع صديقه القادم من حلب أيضا مطعماً شامياً "شعبياً" أطلق عليه اسم "سوريانا"، فأحدث ضجة وشهد إقبالا كبيراً، لتعرض عليه شركة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني لاحقاً، تقديم برنامج "طبخ" قصير مدته لا تتجاوز الدقائق الثماني، وتم بثه على إحدى القنوات المحلية في غزة على مدار شهر رمضان الماضي، وكانت التجربة الأولى لحميدو، ونجحت.

وسيبدأ بعد ثلاثة أسابيع بتصوير حلقات لبرنامج بالقالب نفسه ومع الشركة ذاتها، لكنه سيكون أضخم، وستبلغ مدة الحلقة الواحدة 25 دقيقة، بغية بيع البرنامج إلى محطة تلفزيونية وبثه في رمضان المقبل.

ويُفسر الشيف السوري حميدو سر نجاحه في عالم المأكولات بخبرته التي امتدت أكثر من 15 عاماً في هذا المجال، وتدريبه وتعلميه على أيدي "كبار الطباخين" من سوريا ولبنان وتركيا منذ العام 2001.

بَيْدَ أن تألق حميدو في عالم الطهي واستقراره الاجتماعي في غزة، لم يُنسياه سوريا، فهو يؤكد أنه يتذكرها أكثر من 15 يوماً في اليوم الواحد. وقال بلكنته الحلبية: "رح خلّي المطبخ الحلبي في كل بيت غزاوي"، وذلك من خلال برنامجه التلفزيوني. وأضاف: "هاي رسالة من كل اللاجئين السوريين اللي تركوا بلدهم غصب عنهم، انو عنا فكر وإبداعات ومهارات وخبرات متميزة، ونحنا إنسانيين.. سوريا أمّنا الكبيرة وهي اللي ولدتنا وما نتخلى عنها مهما صار".

ويختم حميدو: "هدفي المستقبلي أن أنتقل إلى أوروبا وأنقل المطبخ الحلبي إلى هناك، وفي الوقت نفسه أتعلم من المطبَخَين الإيطالي والفرنسي خصوصاً، والأوروبي عموماً".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها