الأحد 2015/09/27

آخر تحديث: 16:31 (بيروت)

"كاتيوشا": الحرب الرومانسية الروسية.. في التلفزيون السوري

الأحد 2015/09/27
"كاتيوشا": الحرب الرومانسية الروسية.. في التلفزيون السوري
increase حجم الخط decrease
بدأت الشاشات السورية الرسمية الترحيب بطلائع القوات الروسية التي وصلت مؤخراً إلى البلاد دعماً لنظام الأسد، عبر بثها أغانٍ روسية كلاسيكية عن الحرب وحياة الجنود، في تطور لافت على الشاشة يوازي التطور العسكري -السياسي على الأرض، ويؤكد رسمياً بداية حقبة "الاحتلال الروسي" المباشر للبلاد.


قناتا "سوريا دراما" و"الإخبارية السورية" تبثان بانتظام وكثافة نسخة حديثة من أغنية "كاتيوشا" الحربية الرومانسية، فيما بدأت الفضائية السورية عرض المسلسل الروسي الحربي "جبهة في قلب العدو"، بعدما عرضته "سوريا دراما" ذات الانتشار المحدود بداية من أيار/مايو الماضي، وهو أمر كان، إلى حين فترة قريبة، نادراً أو معدوماً (باستثناء نشرة الأخبار الروسية اليومية)، فيما يعكس بداية حقبة جديدة في البلاد.


السيادة الوطنية التي طالما تبجح بها النظام السوري باتت من أطلال الماضي، وانعكس ذلك بانتقال مقاتلي الجنسيات الأجنبية من على الأرض إلى الشاشات المحلية، حيث لم يعد بالإمكان الاستماع لفيروز وهي تغني للشام وعظمة البلاد، خلال الفواصل بين نشرات الأخبار اليومية. كما تلاشت تدريجياً أغاني القومية العربية الكلاسيكية، فيما تصدرت صورة الحسناوات الروسيات الشقروات، وهن يغنين أمام الدبابات وإلى جانب الأسلحة الروسية المشهد التلفزيوني السوري.

لا شكّ أن الغزو الروسي الإعلامي يشكّل اعترافاً ضمنياً من النظام بوصول القوات الروسية إلى البلاد، خصوصاً أن النظام لم يصدر تصريحات واضحة بهذا الشأن حتى اليوم، مع وجود إشارات فقط من قبل الحلفاء والمحللين السياسيين الموالين لبداية الانتشار الروسي في مدينة اللاذقية الساحلية، كما يشكل نوعاً من التمهيد المسبق من طرف النظام لجمهور الموالين وطريقة لامتصاص غضب الجمهور الممانع قبيل الإعلان الرسمي عن "الوصاية الروسية" على البلاد.

وتناقل السوريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أخبار "الغزو الروسي" للشاشات المحلية الرسمية، بسخرية واستهجان، وذلك تزامناً مع  بث الصفحات الموالية الأغاني الروسية ذاتها، ما يرجّح احتمال أن يكون هناك أوامر عليا من السلطات بهذا الخصوص، كنوع من التماهي في الاندماج مع الحليف الروسي. ويمكن تلمّس ما سبق في صفحة "شام العرب" الموالية التي كتبت: "نكايةً بالأمريكان و السعوديين تحية من الشعب السوري لروسيا الصديقة .. شاركوها على بروفيلاتكم عسى تكون اغاظة لهم".

الهوية الجديدة التي يرسمها النظام لنفسه إعلامياً تدور حول المقاومة والنصر ضد الشر، ويبتعد بها عن إطاره الإقليمي التقليدي المتمثل بمحور الممانعة في الشرق الأوسط، كما أن الضخ الروسي على الشاشات السورية لم يسبقه من قبل ضخ إيراني بذات النوعية مثلاً. ويعكس كل ذلك نوعاً من التغير في أسلوب تعامل الحلفاء مع النظام في دمشق، وتغييراً في ترتيب أولوياتهم تجاه المشهد العسكري في البلاد.

اختيار المضمون الحربي الروسي ليس عبثياً، فالأغاني والمسلسل على الشاشات السورية تمجد فترة انتصار روسيا في الحرب العالمية الثانية على النازية، وعليه فإن إعادة نشرها اليوم يشكّل محاكاة لذلك النصر القديم وتمجيداً بعودة روسيا القوية إلى الساحة الدولية، ونوعاً من التملق الفاضح من نظام الأسد المنهار للحليف الروسي، وتمهيداً لأن الحرب السورية ستطول أكثر وأكثر وستأخذ طابعاً أكثر عنفاً من الآن فصاعداً.

تبقى الإشارة إلى أن أغنية "كاتيوشا" هي أغنية شعبية ذائعة الصيت في روسيا، وتم تأليفها عام 1938 واشتهرت أيام الحرب العالمية الثانية لبث الحماسة في الجنود الروس، إذ تتمحور حول فتاة تنتظر حبيبها الجندي المقاتل مع الجيش الروسي، وهي من تأليف ميخائيل إيزاكوفيسكي وألحان ماتفي بلانتر، وغنتها أول مرة المغنية الروسية ليديا روسلانوفا، علماً أن تسمية صواريخ "كاتيوشا" روسية الصنع أتت عطفاً على الأغنية، وترجمت إلى عدة لغات كالإيطالية والعربية كإحدى أشهر أغاني اليسار والمقاومة عبر التاريخ.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها