الخميس 2015/07/30

آخر تحديث: 17:17 (بيروت)

الإعلام الحربي: النظام السوري يرضخ لتغطية حزب الله

الخميس 2015/07/30
increase حجم الخط decrease
لم يعد بإمكان المتابع للشاشات السورية الرسمية مشاهدة عبارة "خاص بالإخبارية السورية" أو "خاص بالفضائية السورية" خلال تغطية أخبار المناطق الساخنة في سوريا، مثلما كان عليه الحال قبل أشهر قليلة، بل باتت عبارة "الإعلام الحربي" هي المتصدرة لكافة التقارير الإخبارية الميدانية في الإعلام السوري الرسمي اليوم.

فالتداخل العسكري في الميدان، بين القوات الحكومية السورية وحلفائها، أتاح تبادل التجارب في مختلف الميادين، وصولاً الى نقل تجربة الإعلام الحربي التي امتاز بها حزب الله، الى وسائل الاعلام الرسمية السورية. وفي الاقرار الرسمي السوري بنقل التجربة، إنقلاب على قرارات سابقة كانت اتخدتها السلطات السورية لمنع مراسلي المؤسسات الاعلامية الحليفة من التغطية الميدانية دون اذن أمني... علماً أن مدير الادارة السياسية السورية اللواء أسامة خضور، مطلع الاسبوع الحالي، بقوله ان اكثر من 50 زيارة نظمتها وائل اعلام أوروبية الى الميدان السوري.

غير أن تلك الزيارات، لم تشمل وسائل الاعلام الحليفة التي عوضها الاعلام الحربي أخيراً، بدءاً من معركة القلمون الأخيرة، وصولاً الى الزبداني والحسكة. وظهر "الاعلام الحربي" في سوريا، كتعويض عن قرارات المنع الأخيرة للظهور في الاعلام. ويبدو أن ضغوط حزب الله، أسست لنقل تلك التجربة، بدءاً من خريف 2014، وذلك إثر إخضاع الإعلاميين السوريين المنضوين في فرقة الإعلام الحربي لدورة تدريبية طويلة تم الإعلان عنها في شهر أيلول/سبتمبر الماضي.

والإعلام الحربي، هو الخلية الإعلامية التي أنشأها حزب الله لتغطية عمليات المقاومة ضد اسرائيل في الثمانينات، وتطور شكلها وأسلوب عملها بشكل ملحوظ في سوريا مع دخول مقاتلي "حزب الله" في المعارك الدائرة إلى جانب جيش النظام، وسيطرت بوضوح على آلية ضخ المعلومات نحو قنوات الإعلام السوري وقنوات الممانعة العربية.

يمكن تتبع التشابه في التقارير بين القنوات المختلفة في تقاريرها الأخيرة عن منطقة الزبداني مثلاً، فصور تقرير قناة الإخبارية السورية عن "تفجير نفق للإرهابيين" هي الصور ذاتها التي بثتها قناة "المنار" التابعة لحزب الله في تقريرها عن تقدم مقاتلي الحزب ومقاتلي "الدفاع الوطني" وجيش النظام في الزبداني في اليوم السابق، كما يمكن رصد ذات الطريقة في المعالجة والاقتباس في التقارير الواردة من جرود القلمون أيضاً، وفي كل من درعا وإدلب وحلب والمناطق الشرقية أيضاً.

لا ينحصر دور الإعلام الحربي بالتقارير التلفزيونية، بل بات المصدر الأول للصور والمعلومات بالنسبة للصحف السورية الرسمية وإذاعات FM الإخبارية المحلية وحتى لصفحات مواقع التواصل الاجتماعي المؤيدة للنظام (دمشق الآن، شبكة شام المؤيدة، ..).

سيطرة "إعلام المقاومة" على الإعلام السوري الرسمي، تشير في دلالاتها الرمزية الى تفكك سلطة النظام واعتماده المتزايد على الحلفاء في تسيير كافة مرافقه الحيوية، ويعكس تحول السيطرة الميدانية في مناطق نفوذه من المركزية الدمشقية السابقة نحو لا مركزية القادة الميدانيين للقوى المتحالفة مع النظام، سواء كانت داخلية (الدفاع الوطني) أو خارجية (حزب الله - الحرس الثوري الإيراني).

في الإعلام الحربي، المقاتلون والقادة الميدانيون هم المسؤولون عن تصوير الأحداث الميدانية عبر تزويدهم بكاميرات، حتى الطائرات من دون طيار التي يتم استخدامها على نطاق محدود تزود بكاميرات لأخذ صور من الجو، مع وجود صحافيين وإعلاميين مدربين على تكتيكات الإعلام الحربي، يعملون على المونتاج وربط الصور المختلفة وإرسالها لوسائل اعلام الممانعة مع موافقة عسكرية بكل تأكيد قبل ضخها بشكل مؤدلج للجمهور.

ولا ينكر قادة هذا النمط الإعلامي كل تلك الصفات، بل يؤكدونها في تصريحاتهم المختلفة، كتصريحات مسؤول العلاقات العامة في حزب الله محمد عفيف خلال المؤتمر الإعلامي لمكافحة الإرهاب التكفيري في دمشق قبل أيام، والتي أشار فيها إلى الطبيعة الدعائية للإعلام الحربي الذي "لا يعتبر إعلاماً مستقلاً ولا محايداً وهذا ما يجعله معرضاً دائماً للشك".

فرقة الإعلام الحربي ليست محدودة بسوريا ولبنان، بل تنسحب على ميليشيات "الحشد الشعبي" في العراق، وقوات جماعة "أنصار الله" في اليمن، فيما يبدو أنه تكتيك البروباغندا الموحد الجديد لجميع القوى العسكرية المنضوية تحت لواء "الممانعة".

يشكل التكتيك الجديد احتكاراً صارخاً لمصادر المعلومات الميدانية، مع منع مراسلي وسائل الإعلام المختلفة من حق التغطية والتواجد في الميدان، نظراً لنقل الحقيقة من زاوية محددة سلفاً وفق معايير سياسية وأيديولوجية، مع تطبيق وصاية كاملة على كل معلومة يتم تداولها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها