الثلاثاء 2013/08/20

آخر تحديث: 00:39 (بيروت)

رسالة إلى أحمد قعبور

الثلاثاء 2013/08/20
رسالة إلى أحمد قعبور
ماذا تبقى من قرميد الجنوب؟ (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
يا أحمد...
وصلت اليوم إلى كفرمتّى، لكن سلامك لما يصلها بعد، وغيمات كفرمتّى ما زالت في انتظار رفّ حمامٍ تاه عن الطريق.
 
لم يشرق الصباح بعد في النبطية، والخيام يا أحمد هجرها أهلك وطوى الزمن آثارهم، لم يعد ترابها كما عهدته، العشب الأخضر فوق قبر أسلافك أتت عليه نار الكراهية، الذين أهديتهم ضيا عينيك أهدونا ظلام أيامنا، الذين أعطيتهم دفء القلب أعطونا بارده، والذين شاركتهم مآسيهم أصبحوا سبباً في مآسينا.
 
وبحثت عن شال ابنتك يا أحمد فلم أجد سوى الرايات السود، هدموا الساحة يا أحمد، وشجرة الرّمان الوحيدة لم تجد من يسقيها، قطعوها ليبنوا مسجداً. صوب الليطاني يا أحمد صرخت بأعلى صوتي، لم أجد بين الآذان الصماء من يصغي لأحلامك، فلا مكان هناك لمن يغنّي للأحلام، لا مكان لمن لا يمجّد الموت.

القرميد يا أحمد حلّت محلّه الدشم والمتاريس، الطيارة الورقية أسقطها الرصاص، الوطن الذي ما هنت فيه، قسّمته العمائم والصلبان، والنعال التي قبلتها يوماً تحوّلت بوطاً عسكرياً.
 
لا أعياد هنا ولا بيارق، لا شيء سوى نحيبٍ يخرج من فوّهات المآذن.
 
ولماذا تنادينا يا أحمد؟ عراةً وقفنا بوجه ظلّامنا فلسعتنا سياطهم، قبّلنا الأرض فأحرقتنا نارها وداستنا النّعال.
ولماذا تشدّ على أيدينا يا أحمد؟ لما لم تدعنا نرحل، حين كانت تأشيرة السفر متاحة؟...
 
بالمناسبة، وجدت شال ابنتك عالقاً على شجرة قندول نائمة، ربطته على مفرق كفرمتى علّه يرشد رفّ الحمام الضال الى سمائها.
 
increase حجم الخط decrease