الجمعة 2018/07/06

آخر تحديث: 19:03 (بيروت)

مروة المُسلمة التي أحبت مسيحياً

الجمعة 2018/07/06
مروة المُسلمة التي أحبت مسيحياً
الشعارات التي رفعت في مظاهرات يناير.. لم تكتب لها الحياة
increase حجم الخط decrease
ابنة 26 عاماً، وقضت الشابة المصرية 25 منها تعيش وتتصرف وتمارس حياة متشددة، لا تصافح الرجال وترتدي "الخمار" ولا تترك فرضاً، طمعاً منها في رضا الله، وخوفاً من عشرات الدروس والخطب الدينية التي تقول أن أول الناس دخولاً للنار هن النساء.. ولم تكن تدري أن حظها سيوقعها يوماً في حبّ شاب مسيحي في أوائل الثلاثينات من عمره، مثقف ولبق ومتعلم ومسؤول.
أَسَرَتها طلته كشاب بشوش، يعامل الجميع بود واحترام، لا يكذب في حديثه وهو حكيم في تصرفاته، كما أن اسمه لم يكن مشككاً فيه "يوسف". وبالنسبة إلى مصر، مرت فترة زمنية، لم يكن للمسيحيين أسماء واضحة، مثل نبيل ومراد وحتى عبد الله الذي انفرد به المسلمون.
التقيا في إحدى فعاليات عملها، كمنسقة مشاريع. تعارف. لم تهتم كثيرا للسؤال عن الدين، اذ كانت تعتقد بنسبة 99% أن يكون مسلماً بحسب تصوراتها، بسبب أخلاقه، التي كانت تظن مثل الكثيرين أنها حكر على المسلمين.

صافحته للمرة الأولى بعد وعد بلقاء مجدد. لم تلقِ بالاً إلى أن يوسف ربما هو الآخر شعر بما شعرت به وربما فكر كثيراً وتردد، إلا أنها ظلت تأخذ خطوات تقريبية أكثر فأكثر.

وفي يوم، فوجئت به يميل نحوها ليخبرها بمشاعره ناحيتها، وهي المفاجأة التي عقدت لسانها إذ كان هذا أيضاً ما تشعر به. وقبل أن تخبره بذلك أطال حديثه قائلاً: "بس أنا مسيحي وإنتي مسلمة"، هذه الصدمة جعلتها لا تتحرك حرفياً من مكانها. فالشاب الذي وجدت فيه صفات لم تجدها في مسلمين، والذي قذفه الله في طريقها عقب قصة حب فاشلة، والذي تمنت من كل قلبها أن يكون زوجها، تجده مسيحياً من دون أن تحاول طوال أشهر عديدة أن تسأله عن ديانته ومن دون أن يحاول هو أن يخبرها خوفاً من ألا يراها مرة أخرى.

صار الأمر معقداً حينما حاول الاثنان نسيان ما بينهما والتعامل بشكل طبيعي كما لو أنه لم يحدث شيئاً. أسابيع من العذاب قضاها الطرفان، إلا أن التقارب صار يزداد يوماً بعد يوم. وكلما قررا الابتعاد، كلما اقتربا أكثر، حتى صار ابتعادهما أمراً صعباً.

تباحثا سوياً في أمر الزواج. طلبت منه أن يعلن إسلامه حتى يتمكنا من الزواج، إلا أنه رفض، وأكد بحزم أنه إذا دخل دين من أجل شخص، فربما يتركه أيضاً من أجل شخص، ولا ينبغي أن يكون دينه او دينها عرضه للتنازل بهذه السهولة، كما أنه يقتنع تماماً بدينه وليس في حاجة أن يغيره. هو يؤمن بكل تعاليم المسيح ويؤمن بوجود الله والأنبياء، والرسل وكل هذه النقاط مشتركة مع الديانة الإسلامية فيما عدا طريقة العبادة، حتى الصلاة والصوم هي أركان أساسية في العبادة في الديانة المسيحية.

تناقشا طويلاً وطويلاً، حتى خارت قواها ويئست من أن يبدل دينه من أجلها، ففكرا في الزواج بالطريقة المدنية، إلا أن الموانع المصرية كثيرة: لا نتحدث عن الحكومة التي لم تشرع هذا الزواج إلى الآن خوفاً من غضب الكنيسة والأزهر، لكن الجيران والأصدقاء ورجال الدين وعامة المواطنين، سواء المتفقهين دينياً في الإسلام أو لا، لا يعترفون بإقرار زواج المسلمة من مسيحي، وفي حجتهم التي ما أنزل الله بها من سلطان أنه ربما ردّها عن دينها إلى المسيحية التي هي أيضاً ديانة سماوية، لهذا الأمر حساسية مدفونة في مصر لا تظهر إلا فور ظهور خلاف.

وكأن المرأة من السهولة أن تفرط في دينها، بينما زواج المسلم من مسيحية أمر مقبول إذ لا تستطيع أن تقنعه بتغيير دينه، والأولاد يكونون مسلمين، رغم أنه ليس في الدين ما ينفي تلك الحالة، أن تتزوج مسلمة مسيحيا. فالاثنان يعتنقون ديانة سماوية.

وقبل أشهر انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي قصة شابة مسلمة تزوجت شاباً مسيحياً برضا عائلتي الطرفين، ومثلما يقول المثل المصري الشهير "أنا راضي وأبوها راضي مالك ومالنا يا قاضي". كان القاضي هو المواطنون وشعب السوشيال ميديا الذي جلد الاثنين في محراب الفضيلة مع تهديدات بالقتل لهما. وبالتوازي مع تلك القصة انتشرت أيضاً مجموعة من القصص لشابات مسلمات قررن الهرب خارج مصر والعيش في دول أخرى ليتمكنّ من الزواج ممن يحببن.

وبالعود لمروة ويوسف، بحثا سوياً كثيراً أمر السفر والزواج في دولة أجنبية أو ربما عربية توافق على زواجهما، مثل تونس، لكن المناقشة في هذا الأمر كانت صعبة، فمروة ويوسف، ينتمي كل منهما إلى محافظة من محافظات صعيد مصر المعروفة بتصلب سكانها بالرأي وتشددهم دينياً، سواء أكانوا مسلمين كانوا أو مسيحيين. وإن فعلا ذلك، فسيشعلان فتنة طائفية تفضي إلى اقتتال العائلتين، وهو ما حدث مع فتاة مسلمة وشاب مسيحي سابقاً، وفي النهاية تُطرد الأسرة المسيحية على حساب بقاء المسلمة. خاف يوسف على عائلته، وخافت مروة أن تُجر عائلتها إلى صراع دموي يؤدي إلى فتنة.

صارت قصة مروة ويوسف التي شغلت الأصدقاء ولم نستطع مساعدتها بأكثر مما فكرا فيه، شرارة ربما تشعل حرباً أهلية أو فتنة طائفية، وقبل أن يقررا سوياً إنهاء علاقتهما، كانت مروة تفعل للمرة الأولى ما لم تكن لتتخيل أن تفعله. قبّلت يوسف واحتضنته بشدة، قبل أن تودعه من أجل أن تلتقي بعريس مسلم، اختاره أبوها ليكون زوجاً لها، وهي تحب شخصاً آخر وتتمنى لو أن الدنيا ليس فيها سواه.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها