مشروع "الفجوة الماليّة": المصارف غير راضية أبداً

خاص - المدنالثلاثاء 2025/11/04
Image-1762246465
إدارات المصارف تطالب بالمشاركة في صياغة مشروع القانون (الوكالة الوطنية)
حجم الخط
مشاركة عبر

عقد وزير الماليّة ياسين جابر، يوم أمسٍ الإثنين، اجتماعاً مع وفد جمعيّة المصارف، ليعلن بعدها عن "تقدّم" بين الطرفين حول "المقاربات التي يتم بحثها في قانون الفجوة الماليّة". غير أنّ نبرة الوزير المتفائلة، لم تعكسها مواقف عدّة مصادر داخل جمعيّة المصارف، حيث يبدو أنّ التباين ما زال يتّسع بين الجمعيّة والحكومة بخصوص هذا المشروع.

 

إشكاليّة المشاركة في القرار

عدّة مصرفيين شاركوا في الاجتماع أفادوا "المدن" بأنّ إدارات المصارف لا تزال حتّى اللحظة متحفّظة على غياب آليّة واضحة تسمح لها بالتفاوض أو المشاركة في صياغة المسودّة الأولى من مشروع القانون، كما تعتبر أنّ اجتماعات عابرة -كاجتماع يوم أمس- لا تتجاوز حدود "التشاور البروتوكولي" الذي لا يمكن أن يؤثّر على مجرى الأمور. وترى المصارف أنّ ثمّة "سوء تواصل" كبير سينعكس لاحقاً على تعاملها مع مشروع القانون، بمجرّد طرحه على طاولة الحكومة.

وفي المضمون، صوّبت المصادر نفسها على ما تراه ثغرات في آليّة العمل الجارية اليوم، ومنها غياب الأرقام المفصّلة بشأن كل مصرف على حدة، فيما تقوم المقاربة الحاليّة على اعتماد الوضعيّة الماليّة للقطاع ككل. وبهذا الشكل، تعتبر المصادر أنّ مشروع القانون لن يلحظ تأثير المقاربات التي سيتم اعتمادها على عدد المصارف التي ستبقى في السوق، وتلك التي ستتم تصفيتها خلال عمليّة إعادة الهيكلة. ويمكن معالجة هذه المسألة، بحسب المصادر المصرفيّة نفسها، عبر إجراء التدقيق في موجودات والتزامات المصارف الكبرى، قبل اقتراح المعالجات الشاملة في إطار قانون إعادة الهيكلة.

 

غياب القرار في الجمعيّة

مصادر مصرفيّة أخرى تشير في حديث مع "المدن" إلى أنّ المشكلة الأساسيّة لا تزال داخل جمعيّة المصارف، قبل أن تكون لدى الحكومة. فحتّى هذه اللحظة، لا يزال هناك انقسام في الآراء داخل الجمعيّة نفسها، وهو ما يمنع تبنّيها لمقاربة موحّدة يمكن الضغط باتجاهها في مشروع قانون الفجوة الماليّة. وترتبط هذه التباينات باختلاف انكشاف كل مصرف على التوظيفات العاديّة في مصرف لبنان، وسندات اليوروبوند، والهندسات الماليّة، وهو ما يُنتج اختلافاً في الأولويّات عند الوصول إلى نقاش "توزيع الخسائر". 

وفي الوقت نفسه، تشير المصادر نفسها إلى أنّ قيادة الجمعيّة اتخذت خلال السنوات الماضية موقفاً متشنّجاً ومتطرفاً من الإطار العام للإصلاحات التي طالب به صندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي، بما في ذلك المسائل المرتبطة بإعادة هيكلة القطاع. وهذا ما دفع الصندوق في عدّة مراحل لتخطّي الجمعيّة، والدخول في نقاشات مباشرة مع عدد المصارف الأكثر واقعيّة، والأكثر استعداداً لمناقشة تفاصيل الإصلاحات بدل رفضها بالمطلق. 

بهذا الشكل، بين غياب القرار الموحّد داخل الجمعيّة، وحدّة موقف قيادتها، حيّدت جمعيّة المصارف نفسها عن النقاش الجاري اليوم بخصوص قانون الفجوة الماليّة. مع الإشارة إلى أنّ لوبيات مصرفيّة متعدّدة ما زالت تحاول التأثير على مقاربات مشروع قانون الفجوة، إما من خلال الضغط على مصرف لبنان، أو بالرهان على نفوذها داخل المجلس النيابي الذي يفترض أن يناقش مشروع قانون لاحقاً.

 

صيغة العمل الحكوميّة

من جهة الحكومة، تفيد المعلومات التي حصلت عليها "المدن" إلى أنّ دور مصرف لبنان يتركّز حالياً على تقديم المقاربات التي يراها مناسبة لتقليص الفجوة ما بين التزاماته وموجوداته بالعملات الأجنبيّة، من خلال الأدوات التي تتعامل مع فائض الفوائد التي تم سدادها سابقاً والأموال التي تم تحويلها من الليرة إلى دولار بعد الأزمة وغيرها. لكنّ في المقابل، فضّل حاكم مصرف لبنان كريم سعيد أخذ مسافة عن عمليّة صياغة مضمون مشروع القانون نفسه، تاركاً هذه المهمّة للجنة مكلفة من قبل وزارة الماليّة، وهو ما قد يبعد المصرف عن السجال المتعلّق بتفاصيل المقاربات لاحقاً. 

ومن المعلوم أن وزارة الماليّة تراهن على توقيع اتفاق مبدئي جديد على مستوى الموظفين مع صندوق النقد، خلال الأشهر الأولى من العام المقبل، وهو ما يفرض إقرار هذا القانون قبل هذا الاستحقاق في المجلس النيابي. وثمّة شكوك جديّة في إمكانيّة تحقيق هذا الهدف، إذا لم يتم تأجيل موعد الانتخابات النيابيّة. إذ من المؤكّد أنّ أجواء الحملات الانتخابيّة، والمزايدات الشعبويّة، ستطغى على النقاش التقني الهادئ بخصوص الأزمة المصرفيّة، ما سيمثّل عقبة أمام إقرار قانون حسّاس من هذا النوع.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث