شهدت جلسة لجنة المال والموازنة اليوم الخميس سجالاً حاداً حول بعض الإجراءات التي اتخذها مؤخراً مصرف لبنان، وهذا ما دفع نوّاب حزب الله إلى المطالبة باستدعاء حاكم مصرف لبنان كريم سعيد إلى البرلمان للاستماع إلى وجهة نظره في الموضوع.
وارتبط الشق الأوّل من السجال بالقرارات التي اتخذتها هيئة التحقيق الخاصّة، التي تُعنى بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، والتي يرأسها الحاكم نفسه وفق القانون. وأثار نوّاب الحزب القرارات التي اتخذتها الهيئة مؤخراً، والتي قضت بوضع إشارات عقاريّة على أملاك المُصنّفين على لوائح العقوبات الدوليّة، وهو ما يمنع أصحاب العقارات من التصرّف بها.
واعتبر نوّاب الحزب خلال النقاشات في اللجنة أنّ هذه القرارات لا تستند إلى موجب قانوني؛ إذ لا تملك الهيئة حق منع الأفراد من إجراء المعاملات العقاريّة، بمجرّد ورود اسمهم على لوائح عقوبات خارجيّة. كما اعتبروا أنّ العقوبات الأميركيّة نفسها لا تنص على هذا النوع من الموجبات؛ بل يقتصر مفعولها على منع الأفراد من التعامل مع شركات أميركيّة، أو إجراء عمليّات عبر النظام المالي "المدولر".
ويبدو أن القضيّة جاءت للتكامل مع السجال الذي سببه وزير العدل عادل نصّار، عبر قراره السابق الذي طلب من كتّاب العدل الامتناع عن إجراء معاملات تخص المُعاقبين دولياً. ورأت أوساط حزب الله وقتها أنّ القرار يعني عملياً حرمان هذه الفئة من المواطنين من حقوقها المدنيّة، عبر منعها من التعاقد أمام كتّاب العدل، وتنفيذ معاملات مثل شراء العقارات أو السيارات أو عقد وكالات أو حتّى الترشّح إلى الانتخابات النيابيّة.
جلسة لجنة المال والموازنة شهدت أيضاً نقاشاً موازياً حول قرارات حاكم مصرف لبنان القاضية بإقفال حسابات جمعيّات ونشطاء يعملون في مجال جمع التبرعات، لإعادة الإعمار في مناطق الجنوب. ورأى نوّاب الحزب خلال النقاشات أنّ هذه القرارات لا تستند أيضاً إلى أي موجب قانوني، خصوصاً أنها طالت فئات غير مُعاقبة دولياً ولا يوجد ما يمنعها من الاستفادة من خدمات النظام المالي اللبناني.
وتجدر الإشارة إلى أنّ هيئة التحقيق الخاصّة تُعتبر جهة مستقلّة تمتلك الاستقلاليّة الإداريّة والمعنويّة، وتتخصّص بتلقّي البلاغات حول العمليّات التي يُشتبه بانطوائها على أعمال تبييض للأموال. وتمتلك الهيئة صلاحيّة رفع السريّة المصرفيّة وإجراء التعقبات اللازمة، ثم تحويل الملفات التي تثبت فيها جرائم إلى النيابة العامة، أو إلى الجهات المتخصّصة.
ووفق المادة السابعة من قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، تمتلك الهيئة حق "تجميد العمليات أو الحسابات أو الأموال أو الأصول المشتبه بأنها ناتجة عن إحدى الجرائم المنصوص عليها في القانون"، وهو ما يشكّل الأداة التي تعتمد عليها الهيئة اليوم لوضع إشارات على عقارات المُعاقبين دولياً. غير أنّ حزب الله يعترض على الاستناد إلى لوائح العقوبات الخارجيّة، لتصنيف الأصول على أنّها مشبوهة وفق نص هذا القانون.
