في قفزة وُصفت بأنها غير مسبوقة في تاريخ المعدن الأصفر، سجّل سعر الذهب عالميًا اليوم الخميس، مستويات تاريخية جديدة، مدفوعاً بموجة من القلق الجيوسياسي وتراجع الثقة في الأسواق المالية العالمية. ويرى محللون أن موجة الصعود الحالية ليست موقّتة، بل مرشّحة للاستمرار خلال العام المقبل مع تزايد التوقعات بخفض الفائدة الأمريكية واستمرار ضعف الدولار.
قفزة تاريخية في الأسعار
تخطى سعر الذهب في العقود الفورية حاجز 4271.97 دولاراً للأوقية (الأونصة) حتى تاريخ كتابة هذه السطور، للمرة الأولى في تاريخه. وبذلك يكون سعر الأونصة قد ارتفع بأكثر من 63 في المئة منذ مطلع العام، ما يجعل العام 2025 أحد أهم الأعوام التاريخية في مسيرة الذهب الحديثة.
وفي مذكرة بحثية حديثة، توقّع محلّلون لدى بنك ANZ أن يواصل الذهب ارتفاعه خلال الأشهر المقبلة، وسط تصاعد المخاوف الجيوسياسية والاقتصادية، وتزايد الرهانات على تراجع سياسة التشديد النقدي من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
وأشار التقرير إلى أنّ موجة الصعود الحالية مدعومة بعوامل هيكلية، ما يعزّز فرضية استمرار الأسعار في الارتفاع. وتوقّع البنك أن تصل الأسعار إلى 4400 دولار للأوقية بنهاية 2025، وأن تبلغ ذروتها قرب 4600 دولار بحلول حزيران 2026.
مجلس الذهب العالمي يحسم التوقعات
وفي حديث سابق لقناة العربية قال رئيس قسم الشرق الأوسط والسياسة العامة في مجلس الذهب العالمي أندرو نايلور، إن ضعف الدولار يُعدّ العامل الأكبر تأثيراً في ارتفاع أسعار الذهب حالياً، إلى جانب مشتريات البنوك المركزية التي لعبت دوراً أساسياً في دعم الأسعار خلال السنوات الماضية.
وأضاف نايلور أن انخفاض أسعار الفائدة يساهم أيضاً في تعزيز الطلب على الذهب، لكن اللافت هو عودة تدفقات الصناديق الاستثمارية إلى المعدن النفيس، إذ شهد شهر أيلول زيادات كبيرة في مشتريات المؤسسات المالية.
وأشار إلى احتمال حدوث تصحيح موقّت في الأسعار على المدى القريب، لكنه شدّد على أن أساسيات السوق على المدى الطويل تبقى إيجابية للغاية، في ظل تزايد عدم اليقين الاقتصادي والتوترات التجارية وارتفاع الرسوم الجمركية في الولايات المتحدة، وهي عوامل يرى أنها ستدعم التضخم وتُعزّز الطلب على الذهب كأداة تحوّط ضد المخاطر.
الذهب إلى 5000 دولار للأوقية
وفي السياق ذاته، تتوقع مؤسسات مالية كبرى مثل غولدمان ساكس وسوسيتيه جنرال وبنك أوف أميركا أن يواصل الذهب مساره الصاعد ليقترب من 5000 دولار للأوقية خلال الفترة المقبلة، مدفوعًا بتزايد الطلب المؤسسي والحكومي على المعدن الأصفر.
فمنذ بداية العام، اشترت الحكومات نحو 14.28 مليون أوقية، بينما استحوذت صناديق الاستثمار على نحو 20.38 مليون أوقية، في أكبر موجة شراء منذ أكثر من 45 عاماً.
