سوريا تغيّر قواعد الشحن... عصر النقل الذكي يبدأ الآن!

دمشق - رهام عليالسبت 2025/10/11
مئات الشاحنات متوقفة على الحدود التركية - السورية (أ ف ب)
سوريا تعمل على تحديث الشحن (أ ف ب)
حجم الخط
مشاركة عبر

يشهد قطاع النقل والشحن في سوريا مرحلة تحوّل مهمة، مع تعزيز التعاون بين وزارة النقل وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP). وتعكس هذه الخطوة التزام الحكومة تطوير البنية التحتية، تحديث التشريعات، وتأهيل الكوادر بما يواكب المعايير الدولية ويعزز الكفاءة التشغيلية للقطاع الحيوي الذي يسهم بشكل مباشر في الاقتصاد الوطني.

 

مشاريع وتحول رقمي وتشريعات

بالتوازي، تسعى وزارة النقل السورية إلى تحديث شبكات النقل السككي والطرقي ورفع كفاءة قطاع الشحن، من خلال مشاريع مستقبلية تشمل إنشاء منصة إلكترونية متكاملة لتنظيم نقل البضائع، بما يحقق التوازن بين العرض والطلب، ويخفض التكاليف التشغيلية. إلى جانب ذلك، تعمل الوزارة على إصدار قانون جديد ينظم الشحن البري، وإطلاق منصة إلكترونية موحدة لتسهيل إجراءات الترخيص وتتبع حركة البضائع، مع دعم تشكيل اتحادات للشركات الصغيرة والمتوسطة وضمان الالتزام بالاتفاقيات الإقليمية والدولية. 

 

تشريعات جديدة ومنصة رقمية لتنظيم الشحن

يكشف مدير تنظيم نقل البضائع في وزارة النقل خالد كسحة لـ"المدن"، أن الوزارة بصدد إصدار قانون جديد للشحن البري يعد الأول من نوعه في سوريا، يهدف إلى تنظيم عمل شحن البضائع عبر الشاحنات السورية وغير السورية، داخل البلاد وخارجها، بما ينسجم مع الاتفاقيات الدولية. وسيتضمن القانون بحسب كسحة، أقسامًا خاصة بترخيص مهنة الشحن الطرقي، منح التراخيص لشركات ومكاتب الشحن، إضافة إلى ضوابط لوثائق الشحن والمخالفات والعقوبات المرتبطة بها.

ويشير إلى أن المنصة الإلكترونية المرتقبة ستكون بوابة موحدة لإصدار التراخيص إلكترونيًا للشركات والشاحنات الفردية، وتنظيم عمليات الشحن عبر نظام يربط العرض بالطلب بشكل مباشر، مع قاعدة بيانات محدثة ونظام تتبع إلكتروني. ويعتبر أن هذه الخطوة ستسهم في الحد من التهرب الضريبي وعمليات التهريب، فضلًا عن تعزيز الشفافية والرقابة، وتبسيط الإجراءات مقارنة بالمعاملات الورقية التقليدية.

وفقاً لكسحة فإن وزارة النقل ستدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتشجع على تأسيس شركات شحن جديدة بشروط ميسرة قد تتضمن بعض الإعفاءات، إلى جانب إشراك القطاع الخاص في برامج تدريب وتأهيل الكوادر بما يتماشى مع المعايير الدولية. كما ستتضمن المنصة أيضًا نافذة إلكترونية مخصصة لتلقي الشكاوى وتطوير الخدمات.

 

تحوّل الشحن من منظور القطاع الخاص

من جانبه، يرى عضو اتحاد شركات نقل البضائع الدولي في سوريا حسن عجم،  أن إنشاء منصة إلكترونية لتنظيم عمل الشحن ونقل البضائع يحمل فوائد كبيرة، أبرزها خفض تكاليف الشحن، توفير الوقود، وتنظيم عمل الشاحنات بشكل أكثر كفاءة، مع ضمان شفافية السوق وقدرة على متابعة الإحصاءات المتعلقة بالرحلات، السائقين، الحمولة، وأنواع العمل والمسافات المقطوعة. 

ويؤكد عجم في تصريح لـ"المدن"، أن نجاح المشروع يتطلب بنى تحتية متطورة، غرفة عمليات، تخطيط ولوجستيات دقيقة، لكنه واثق من قدرة المنصة على النجاح في سوريا كما نجحت في دول أخرى، وإيجاد روح منافسة عادلة.

كذلك، يشير إلى أهمية تحديث أسطول الشاحنات، لكنه يحتاج إلى وقت ودعم الدولة عبر قروض أو برامج مساعدة، نظرًا لأن غالبية الآليات الحالية مملوكة للأفراد عبر الوراثة وليست شركات. ويضيف عجم أن استبدال السيارات القديمة سيتيح للسائقين الدخول إلى الأسواق الخارجية بما يتوافق مع المعايير العالمية، مؤكدًا على قضية منح تأشيرات الخروج والعودة للشاحنات السورية الذي سينعكس إيجاباً على السوق المحلي والمنتج والمستهلك.

 

جهود حكومية لتحسين ظروف الشاحنات

وفي إطار تطوير قطاع النقل والشحن ورفع كفاءته، كان الأمين العام لرئاسة الجمهورية ماهر الشرع قد عقد اجتماعًا في وقت سابق بحضور وزيري الاقتصاد والنقل ومدير المنافذ البرية والبحرية لمناقشة تحديات أكثر من 40 ألف شاحنة تعمل في البلاد. وركز الاجتماع على الشاحنات المتهالكة، العراقيل التنظيمية، وتأخر توزيع الحمولات، مؤكدًا ضرورة إيجاد حلول سريعة لضمان استقرار آلاف الأسر السورية. وشدد أيضاً على موضوع إطلاق منصة إلكترونية لتنظيم حركة الشاحنات وتوزيع الحمولات بعدالة، تسهيل دخول الشاحنات من المعابر، وتحسين أجور السائقين وظروف عملهم بما يضمن استقرارهم المعيشي.

 

نفي رسمي حول تمويل الطريق الدولي

وفي سياق آخر، نفت مصادر مطلعة في وزارة النقل السورية لـ"المدن" ما تردد في بعض وسائل الإعلام حول تقديم "البنك الدولي" منحة مالية لتأهيل أوتوستراد دمشق-درعا الدولي، مؤكدة أن الدراسات الخاصة بالتوسعة والصيانة لم تُنفَّذ بعد، وأن أي تمويل دولي لم يُعتمد رسميًا حتى الآن. وأوضحت المصادر أن أي مشاريع مستقبلية ستتم وفق الخطط الداخلية المعتمدة للوزارة، بما يضمن السلامة والكفاءة دون تدخل مالي خارجي معلن.

 

تأهيل الأسطول والكوادر 

ويشكل تحديث أسطول النقل وتأهيل الكوادر البشرية أولوية ضمن استراتيجيات الوزارة، حيث أُعلن عن إطلاق أكاديمية تدريبية متخصصة بالشحن الدولي وفق معايير FIATA العالمية. ويهدف المشروع إلى إعداد كوادر محترفة قادرة على التعامل مع متطلبات التشغيل الدولي، وتطبيق أفضل الممارسات التقنية والسلامة، ما يعزز قدرة سوريا على المنافسة في الأسواق العالمية.

تمثل هذه المبادرات تحولًا مهمًا في قطاع النقل والشحن السوري، حيث تجمع بين تحديث البنية التحتية، التحول الرقمي، والتعاون الدولي والإقليمي. وتؤكد الوزارة التزامها بتطوير القطاع بما يخدم الاقتصاد الوطني ويضع سوريا في موقع فاعل ضمن التجارة الدولية، مع مراعاة التنمية المستدامة والابتكار التقني كعناصر أساسية للنجاح.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث