مصرف لبنان يبرّر تحرير حسابات المتّهمين بالفساد!

انتشرت خلال الأيّام الماضية وثيقة صادرة عن هيئة التحقيق الخاصّة في مصرف لبنان، تتضمّنُ قراراً يقضي بتحرير الحسابات، بما فيها الصناديق الحديديّة، العائدة "بصورة مباشرة أو غير مباشرة" للعماد المتقاعد جان قهوجي، وإعادة السريّة المصرفيّة لهذه الحسابات. مع الإشارة إلى أنّ هذه الحسابات كانت مجمّدة قبل هذا القرار، ورُفعت السريّة المصرفيّة عنها، على خلفيّة ما عُرف بفضيحة المدرسة الحربيّة وقبض رشاوى لقاء القبول في الكليّة.
وفي هذا السياق، أصدر مصرف لبنان بياناً تبريرياً، ردّ فيه على التقارير المتداولة التي "تشير إلى صدور قرار برفع السرية المصرفية وإعادة فتح الحسابات الخاصة بأشخاص سبق أن وُجهت إليهم تهم فساد".

وأفاد البيان بأنّ "السلطات القضائية المختصة هي التي أصدرت حكماً نهائياً بعد أن تبيّن لها أن مرور الزمن قد أسقط التهم الموجهة". وأشار البيان إلى أنّ المحكمة قامت "بإبلاغ مصرف لبنان رسمياً بأن جميع الإجراءات القانونية بحق المعنيين قد انتهت، وطلبت رفع الحجز عن حساباتهم وإعادة العمل بالسرية المصرفية".
وبحسب البيان، امتثل مصرف لبنان "لهذا القرار القضائي الملزم، كما يفرض عليه القانون. وبالتالي، فإن أي محاولة لتحميل المصرف المسؤولية في هذا السياق هي محاولة في غير محلها ومضلّلة للرأي العام".
وتجدر الإشارة إلى أنّ هيئة التحقيق الخاصّة، وبمعزل عن تعليمات السلطات القضائيّة، تملك قانونياً صلاحيّة التحقيق بأي عملية مشتبه بها لتبييض الأموال، سواء أتتها بلاغات من مؤسسات مالية أو من مصادر أخرى. كما تملك صلاحيّة تجميد الحسابات ورفع السريّة المصرفيّة عنها، وإحالتها إلى النيابة العامّة، بناءً على ما تخلص إليه من معلومات. وهذا ما يناقض تبريرات بيان المصرف، الذي تذرّع باجتهادات قضائيّة تتعلّق بمرور الزمن،  لفك الحجز وإعادة السريّة المصرفيّة.
وكان قانون الإثراء غير المشروع، الصادر عام 2020، قد نصّ على عدم سقوط جرائم الإثراء غير المشروع بالتقادم، لا في الدعوى الجزائية ولا في الدعاوى المدنية، حين يرتبط الأمر بمصادرة واسترداد الأموال العامة. وهذا ما يمثّل أرضيّة قانونيّة تسمح لهيئة التحقيق الخاصّة المباشرة بتحقيقاتها المناسبة، بعيداً عن اجتهادات الجهة التي طلبت تحرير حسابات جان قهوجي.